خطاب" يُزيل حتى البُقَع العنيدة من الأوهام! جواد البشيتي




حسني المشهور

أتمنى أنيحذو الفلسطينيون والعرب حذو نتنياهو، فيخاطبونه كما خاطبهم، أي في وضوح، وبمايوافِق "المبدأ" الذي حدَّث الرئيس أوباما عنه، قبل أن يتحدَّث هو، في خطابه"التاريخي"، بهدْيٍ منه. إنَّه مبدأ "لِنَتَّفِق أوَّلاً على الجوهر، فإذا مااتَّفَقْنا، فلن نختلف في البلاغة"؛ ولقد حان لنا أن نبحث مثله، في جوهر وماهيةالشيء، وليس في رائحته!

والأمر، لو أردنا في متناوَل "أيدينا"؛ لا يحتاج إلىعباقرة حتى تتفتَّق أذهانهم عن فكرته؛ ولكنَّه يحتاج إلى أن نجرؤ عليه، وإلى أننتغلَّب، ولو قليلاً، على ما يستبدُّ بنا من شعورٍ بالعجز، يَحْملنا، في استمرار،على تصوُّر "الصغير" من القرار والقول والفعل على أنَّه في منزلة الإتيانبمعجزة.

لا تتسرَّعوا في الاستنتاج، فلن أدعو إلى أشياء، وكأنني كاهن، فيصلاة، أدعو فيها على إسرائيل؛ ولن أنضم إلى دعاة "إلغاء المعاهدات"، و"طرد السفير"،و"سحب السفير"، وإغلاق السفارة"، فالله لا يُكلِّف نفساً إلاَّ وسعها. ولن ألبسلبوس "الفضيلة" القومية، أو الإسلامية، محرِّضاً على "التنازل عن التنازل" العربيالتاريخي، فإنَّه لإثْمٌ ما بعده إثم أن أدعوهم إلى أن يتواضعوا على العدول عناعترافهم بدولة إسرائيل.

ليَبْقوا على ما هم عليه، وَلْيُبْقوا على كل ماتمخَّض عنه جهدهم وسعيهم للسلام مع دولة إسرائيل، وَلْيَظلُّوا على اعترافهم بها؛ولكن لِيَخْرُج من بينهم، رجلٌ كنتنياهو، كاره للحرب، على ما يزعم، غير مُحبٍّللسلام، على ما نزعم، ليقول له ولدولته جملة واحدة لا غير، يوضِّح فيها ما اشتدتالحاجة إلى توضيحه، بعد، وبسبب، خطاب هذا التلمودي الضيِّق الأفق.

والجملةهي "لقد اعترفنا بدولة إسرائيل؛ ولسوف نظلُّ معترفين بها، فالسلام خيارناالإستراتيجي، الذي لن نشرك به أبداً؛ ولكنَّنا لم نعترف بها، ولا نعترف بها، ولننعترف بها، على أنَّها دولة يهودية، تخصُّ الشعب اليهودي فحسب، وتُجسِّد حقه القوميوالتاريخي في الأرض التي قامت عليها".

ليقولوا لنتنياهو: هذا هو اعترافنابدولة إسرائيل، معنى ومبنى؛ ولكَ أن تقبله، أو ترفضه!

أمَّا الفلسطينيونفحريُّون بقولٍ مختلف قليلاً، ويفيد في إظهار وتأكيد أنَّهم يستطيعون هم أيضاً لعباللعبة ذاتها، فلعبة "مط وتوسيع معاني الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل" يمكن ويجب أنتأتي بضديدها الفلسطيني، فرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يمكنه، وينبغي له،ويحق، أن يوضِّح لنتنياهو، وفي خطاب يلقيه، ويزن الوزن ذاته، أنَّ الفلسطينيين لميعترفوا بدولة إسرائيل إلاَّ بصفة كونها "دولة ثنائية القومية"، فمواطنوهاالمسمُّون "عرب إسرائيل" لهم حقٌّ قومي وتاريخي حيث يعيشون؛ إنَّهم "أقلية قومية" تضرب جذورها القومية والتاريخية عميقاً حيث يعيشون، ولا بدَّ من أن يتمتَّعوا بحقوقالمواطنة (الإسرائيلية) كاملة.

وهذا الموقف الفلسطيني، الذي تحدَّى نتنياهوالفلسطينيين أن يقفوه، يمكن ويجب أن يُعرَّب، فالمستمسكون، حتى يوم يُبْعثون،بمبادرتهم (مبادرة السلام العربية) حان لهم الآن أن يشرحوا لنتنياهو (لعلَّهميُوفَّقون في شرح قلبه للسلام) جوهر مبادرتهم، فالرجل الآن يؤمِن بمبدأ "الاتِّفاقعلى الجوهر أوَّلاً"، وأن يحيطوه عِلْماً، بالتالي، بأنَّ الدول العربية لن تعترفبإسرائيل، وتُطبِّع علاقتها بها، وتقيم السلام معها، إلاَّ بعد (وليس قبل) تلبيةشروطها ومطالبها المذكورة في "المبادرة"؛ وإنَّها، إنْ اعترفت بإسرائيل، فلن تعترفبها على أنَّها دولة يهودية تخصُّ "الشعب اليهودي" فحسب، وستعترف بها على أنَّها "دولة ثنائية القومية"، لا يحقُّ لها، بالتالي، أن تسعى في "التهويد الديمغرافيالمُطْلَق".

قبل أن يلقي نتنياهو خطابه قُلْتُ متوقِّعاً: أمَّا إذا استخذى (نتنياهو) أكثر لمشيئة سيِّد البيت الأبيض الجديد، وأعلن على رؤوس الأشهاد وقف، أوقبوله وقف، النشاط الاستيطاني وقفاً تاماً مُطْلَقاً، فعندئذٍ، لن يكفيه، حتىأوباما، شرَّ فتحه لـ "صندوق بانادورا"، فنتنياهو، وقبل ائتلافه الحاكم، سينشقُّعلى نفسه، ولن يرضى عنها ولو أصبح رئيساً لحكومة جديدة، تَحِلُّ فيها ليفني محل "الخوارج" من عَبَدَة حرِّية الاستيطان اليهودي في "أرض إسرائيل".

وقُلْت: قد يظل مستمسكاً بالبناء الاستيطاني الذي يُشَدِّد الحاجة إليه، على ما يزعم، "النمو الطبيعي" للمستوطنين؛ ولكنَّه يمكن أن يُظْهِر شيئاً من "الاعتدال" كأن يقولإنَّ البناء الاستيطاني الجديد لن يقترن بالاستيلاء على أراضٍ فلسطينية جديدة،وإنَّ استمرار النشاط الاستيطاني، بمعناه هذا، سيقتصر على ذلك الحيِّز الذي يضمالكُتَل والمراكز الاستيطانية المهمة، والتي لم تمانع الولايات المتحدة، في عهدإدارة الرئيس بوش، وفي "رسالة الضمانات" التي تسلَّمها منها شارون، في أن تصبحجزءاً من إقليم دولة إسرائيل، بعد التوصُّل إلى معاهدة سلام بينها وبينالفلسطينيين.

وقُلْت: ويريد نتنياهو من إدارة الرئيس أوباما أن تُقْنِعالدول العربية، أو دولاً عربية، بأن تعطيه من "التطبيع" ما يسمح له بأن يَظْهَرأمام الإسرائيليين على أنَّه قد اشترى بهذا "الوقف المؤقَّت والمشروط للنشاطالاستيطاني" ما يعدله، إنْ لم يَفُقْه، أهمية من "التطبيع العربي". "سؤالالاستيطان"، على ما رأينا، هو الأصعب إجابةً بالنسبة إلى نتنياهو؛ لأنَّه سؤال تُرىإجابته وتُلْمَس؛ أمَّا "سؤال حل الدولتين" فيمكن أن يجيب عنه نتنياهو بما يرضيالرئيس أوباما من حيث المبدأ؛ ذلك لأنَّ كل ما هو مطلوب من رئيس الوزراء الإسرائيليأن يجيب بما يعني قبوله من حيث المبدأ لـ "حل الدولتين". ولكنَّ نتنياهو لن يفاوِضالفلسطينيين، توصُّلاً إلى "حلِّ الدولتين"، إلاَّ بما يُظْهِر كثيراً من كوامِنقبوله المبدئي لهذا الحل، فـ "الدولتان" اللتان يريدهما نتنياهو، وسيستميت في "دفاعه التلمودي والأمني" عنهما، إنَّما هما "دولة إسرائيل اليهودية" و"دولة أندوراالفلسطينية". إذا كانت "دولة فلسطين الديمقراطية المسالمة" بالخواص الجغرافيةوالسيادية لإمارة أندورا، وإذا كان ثمن قيامها هو الاعتراف بإسرائيل على أنَّهادولة يهودية، أي تخصُّ "الشعب اليهودي" فحسب، فإنَّ "فلسطين تلك" هي "مطلب نتنياهو" الذي يريد للفلسطينيين قبوله. وإذا اعترف الفلسطينيون بإسرائيل على أنَّها "دولةيهودية"، وقبلوا حلاًّ نهائياً لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتوافق، ولا يتعارض، معاعترافهم هذا، فإنَّ "الدولة اليهودية" يمكن أن "تجازيهم"، عندئذٍ، "خير جزاء"،بأنْ تسمح للاجئين الفلسطينيين بـ "عودة غير مباشِرة" إلى إسرائيل، أي بأنْ يعودوا،أو يعود قسم منهم، إلى "دولة أندورا الفلسطينية" التي تقع ضِمن "دولة إسرائيلاليهودية"!

والآن أزْعُم أنَّ نتنياهو لم يَقْلْ في خطابه "التاريخي" بمايذهب بما توقَّعت، فلقد كان عند "سوء ظنِّي"!

النزاع، على ما صوَّرهنتنياهو، ليس، من حيث المبدأ والجوهر والأساس، بالنزاع الذي يمكن أن يُسوَّى بـ "الانسحاب"، أو وفق مبدأ "الأرض في مقابل السلام"، فأصل النزاع يكمن في رفض العربوالفلسطينيين الاعتراف بحقِّ "الشعب اليهودي" في أن تكون له "دولة قومية" في "أرضآبائه وأجداده.. أرض إسرائيل"، والتي في القلب منها تقع "يهودا والسامرة"، أي الضفةالغربية.

وتسوية هذا النزاع، بالتالي، يجب أن تبدأ الآن باعتراف الفلسطينييناعترافاً لا لبس فيه بدولة إسرائيل بصفة كونها دولة يهودية، تخصُّ "الشعب اليهودي" فحسب، فإنْ هم أبوا واستكبروا فلن تقوم لهم دولة في جزء من "الوطن القومي والتاريخيللشعب اليهودي"، ولو كانت بالخواص التي يريدها لها نتنياهو.

ولكن، ما هو "الجوهر الفلسفي" لتلك "الدولة" الفلسطينية التي يمكن أن يقبل نتنياهوقيامها؟

إذا قامت تلك "الدولة" فلن تقوم إلاَّ في أرضٍ هي "جزء من موطنالشعب اليهودي"، فالتاريخ عاث فساداً في "أرض إسرائيل" إذ أسكن فيها قوماً ليس لهممن حقٍّ قومي فيها، هم الفلسطينيون. ولقد قال: "في موطننا هذا، يعيش أناسٌ (الفلسطينيون) لا نريد حكمهم، أو إدارة شؤونهم، أو فَرْض عَلَمنا وثقافتنا عليهم،فكلا الشعبين له عَلَمُه، ونشيده، وسلطته"!

إنَّهما شعبان لا فَرْق بينهماإلاَّ بـ "السيادة"، فالفلسطينيون لا يحقُّ لهم أن يتساووا مع "الشعب اليهودي" في "الحقوق السيادية".

والسبب شرحه نتنياهو على خير وجه إذ قال: "دولتنااليهودية يجب أن تكون ذات سيادة؛ لأنَّها مُقامة في موطن الشعب اليهودي"؛ أمَّادولتهم (والقول لي أقوله استنتاجاً من قول نتنياهو) فلن تكون دولة ذات سيادة؛ لأنْليس للفلسطينيين من حقٍّ قومي أو تاريخي في الأرض التي يعيشون فيها، والتي هي جزءمن موطن "الشعب اليهودي".

على الفلسطينيين أوَّلاً، وقبل كل شيء، أن يشهروا "إيمانهم"، بأن يشهدوا أنْ لا شعب يحق له أن تكون له دولة قومية ذات سيادة في "أرضإسرائيل" إلاَّ "الشعب اليهودي"، فإذا أشهروا "إيمانهم"، ونطقوا بتلك "الشهادة"،قالوا، بلغة سياسية الآن، إنَّهم يعترفون بدولة إسرائيل على أنَّها دولة يهودية،تخصُّ "الشعب اليهودي" فحسب.

وبعد "الإيمان"، وإشهاره، تأتي "الفرائض"،فالفلسطينيون مدعوُّون إلى أن يأتوا ببرهانهم إنْ كانوا صادقين.. عليهم أن يثبتواحُسْن "إيمانهم" من خلال قبولهم "دولة" لا تملك شيئاً من مقوِّمات السيادةالحقيقية، وإلاَّ جدَّفوا بما زعموا أنَّهم قد آمنوا به، فالدولة ذات السيادة هي حقلمن يملك الحق القومي والتاريخي في "أرض إسرائيل". وعلى الفلسطينيين أن يتحلوابفضيلة "القناعة كنز لا يفنى"!

وعليهم، أيضاً، تأدية "فريضة" ثانية هي أنيقبلوا حلاًّ نهائياً لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، لا "يتوطَّن"، بموجبه، أي لاجئفي إقليم "الدولة اليهودية"، فأين "يتوطنون"، أو إلى أين يعودون؟

تلميحاً،أجاب نتنياهو قائلاً: إسرائيل، على صغر مساحتها، وضآلة مواردها الطبيعية، استطاعتأن تستوعب مئات الآلاف من "اللاجئين اليهود" من البلدان العربية.

وكأنَّهيريد أن يقول لـ "الدولة" الفلسطينية: إنَّكِ، وعلى صغر مساحتك، وضآلة مواردكالطبيعية، تستطيعين، بمعونة (مالية) دولية، أن "توطِّني" في إقليمك، الذي وهبتكِإيَّاه دولة "الشعب اليهودي (الكريم)"، مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، بفضل "السلام الاقتصادي".. وهكذا "يُعوَّض اللاجئون الفلسطينيون عن حقَّهم فيالعودة"!

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لم يعترف بعد بدولة إسرائيل فيالطريقة التي يريدها نتنياهو، ويصرُّ عليها؛ ومع ذلك دعاه إلى "مفاوضات فورية منغير شروط مسبقة"، ويا لها من دعوة!

نتنياهو يريد أن يفاوِض عباس؛ ولكن علىماذا؟

قبل أن يفاوضه، فاوض نفسه، فتوصَّل إلى اتفاق معها على أنْ لا عودةلأيِّ لاجئ فلسطيني إلى إسرائيل، وعلى بقاء القدس الموحَّدة عاصمة أبدية لدولةإسرائيل، فشطرها الشرقي لن يكون أبداً جزءاً من إقليم "الدولة" الفلسطينية (منزوعةالدسم) ولن يكون بالتالي عاصمة لها، وإنْ ضَمِنَ حرية العبادة فيها. واتَّفق معنفسه، أيضاً، على أن تكون "دولتهم ـ المَكْرُمَة" منزوعة "الوحشية العسكريةوالإرهابية"، فلا سلاح لديها إلاَّ سلاح الإيمان بأنَّ لها رَبَّاً يحميها، فكلهمزات الوصل (البرية والجوية والبحرية) بينها وبين العالم الخارجي يجب أن تكونخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، أي أنَّ "الدولة اليهودية" يجب أن تحد "دولة" الفلسطينيين في الضفة الغربية، شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً. ستكون تلك الدولة علىهيئة "جزيرة فلسطينية" في بحر إسرائيلي، إنْ لم تكن على هيئة "أرخبيل فلسطيني" فيبحر إسرائيلي.

هذا هو "اتِّفاق المبادئ" الذي توصَّل إليه نتنياهو مع نفسه،بعد إنهائه المفاوضات معها؛ ومن أجل كسو هذه المبادئ لحماً دعا نتنياهو الفلسطينيينإلى "مفاوضات فورية من غير شروط مسبقة"!

تلك هي "الدولة" التي وعد بهانتنياهو الفلسطينيين، والتي تتَّخِذ من جزء من موطن "الشعب اليهودي" إقليماً لها،بعدما أوضح لهم، وأكَّد، أنَّه لن يبرَّ بوعده قبل أن يعلن الفلسطينيون اعترافهمبدولة إسرائيل على أنَّها دولة يهودية تخصُّ فحسب "الشعب اليهودي"، ويقبلوا كلالعواقب المترتِّبة على هذا الاعتراف.

وهذا هو "السلام" الذي يدعو إليه "رَجُلٌ في إسرائيل لا يريد حرباً"؛ فهل من سلامٍ يشبه الحرب أكثر من سلام هذاالرَّجُل؟!

أمَّا الرئيس أوباما فقرَّر، على ما يبدو، أن يَقْبَل، ولو منحيث المبدأ، الطريقة التي قَبِل بها نتنياهو مطلب "حل الدولتين"، فالناطق باسمالبيت الأبيض روبرت غيبس أعلن في بيان أنَّ أوباما "يرحِّب بالخطوة المهمة إلىالأمام التي تضمنها خطاب نتنياهو".

قولٌ لا يرضينا؛ ولكن انتبهوا لعبارة "فيالوطن التاريخي للشعبين"، التي تضمَّنها البيان، فالرئيس أوباما جدَّد التزامه الحلالقائم على دولتين "في الوطن التاريخي للشعبين"!



نتنياهـو يضـع في يـدنـا حجـراً ... فكيـف نوظـّفـه مـع وعـد أوبامـا ؟؟؟


أيـاً كـان الـرأي لكـل الـذيـن سـمعـوا مـا قـالـهنتنيـاهـو يـوم أمـس وبنـاءأ عليـه حـللـوا ، وحـرمـوا ، وأوجبـوا ، ونصحـوا ،ونهـوا ... ومـع كـل الاحـترام لكـل الآراء من أقصـاهـا إلى أقصـاهـا فـإن شـيئـاًواحـداً في خـلاصـة الكـلام لنتنيـاهـو علينـا الانتبـاه لـه جـيـداً والتعـامـلمعـه بـوعـي لمـا كـان ... وبـوعـي لمـا سـيكـون في قـادم الأيـام ... فالخـلاصـةمن كـلام نتنيـاهـو أنـه مشـكـوراً وضـع في يـد الفلسـطيني حجـراً يـُثـري مخـزونالقـوة لمـوقـف الفلسـطيني صاحـب الإرادة في البنـاء بالتراكـم أو يستنـزف الجهـدوالقـدرة لمـوقـف الفلسطيني العجول فاقـد البصيرة والبصر !!!


الكـذبـةالكبرى لمقـولـة العـودة إلى أرض الميعـاد بـدأت بفكـرة كخـلاصـة لمؤتمـر بنرمـانالأنجلـوسـكسـوني الراغـب في إطـالـة حماية الإمبراطوريـة التي كانـت لا تغـربعنهـا الـشـمـس وحمايـة طـرق تجـارتهـا في أواخـر القرن الثامن عشـر ... يـومهـالـم يـكـن مـن قـوة لـهـا الشـأن المقـرر غـير أسـاطيـل مـلوك وأمـراءالإنجـلوسـاكسـون !!! ولـكـن بعـد نجـاح التـمـرد الأمريكي عـلى التـاج ، وتعافيفرنسـا بعـد هـزيمـة نابليـون ... واحتياجـات الحـرب مـع الإمبراطوريتين الألمانيـةوالعثمانيـة في الحرب العالمية الأولى ، وأطمـاع الاسـتيـلاء على ممتلكاتهمـاأوجـبـت على الأنجلوساكسـون مشـاركـة الفرنسيين والأمريكـان ونجحـوا معـاً فيالتغلـب على تركيا وألمانيـا ... وسُـمـح للفرنسين بالتوسـيـع غير المـؤذيلنفـوذهـم في إفريقيـا وشـرق آسيا ونتفـاً من الأمريكيتين ... واكـتفـى الأمريكـانبالأربـاح الـتي جنـوهـا مـن بيـع السـلاح والسـلع لهمـا ... وفي نفـس الـوقـت وعلىضـوء المستجدات التي أفرزتهـا الحرب ازدادت الحاجـة لوضـع أفكـار بـنـرمـان مـوضـعالتنفيـذ على الأرض فتكـرسـت بـوعــد بـلفـور وسايكـس بيكـو ليضـخ في كـذبـةالعـودة إلى أرض الميعـاد روحـاً ليسـت منهـا وليسـت لهـا ... يـومهـا لـم يـكـنمـن قـوة حقيقيـة تتحـدى الإمبراطوريـة التي لا تغـرب عنهـا الشمـس وإن بـدأ يبـزغمعـالـم قـوى ناشئـة أخـرى خصـوصـاً في روسـيا وأمريكـا المتـمـردة على تـاجالإمبراطـوريـة .


لـم يسـتكـن الألمــان عـن السـعي للثـأر واسـتعـادةمـا فقـدوه وخــلال عقـديـن اسـتعـادوا قـدرتهـم وباشـروا بالـرد الـذي اتجـهغـربـاً في أول أيـامـه من بـدايـة الحرب العالميـة الثانيـة فابتلـع كـل أوروبـاوحـاصر الجزر البريطانيـة ... وعـندمـا اسـتدار للشـرق واصطـدم بالدببـة والثـلوجالروسيـة تشـكـل التحـالـف الجـديـد للأنجلـوساكسـون المحاصريـن في جـزرهـم مـعالفضـاء الـلامتنـاهـي للبـلاشـفـة الصـاعـديـن والأمريكـان الـذيـن تفتحـتشـهـيتهـم ليـس لجـني الأربـاح فقـط ولـكن للنفـوذ والأســواق أيضـاً ... وأنتـجهـذا التحـالـف هـزيمـة للألمـان وحلفائهـم مـن الطليـان واليابانييـن ... ونصـراًمكلفـاً جـداً للأنجلـو ساكسـون في الجـزر البريطانيـة وتـم تقاسـم الغنـائـمالكبرى بيـن البـلاشـفة الـروس والأنجـلـوسـاكسـون الجـدد في أميركـا ... هـذهالنتـائـج التي جعلـت روسـيـا البلشفيـة تستولى على شـرق أوروبـا وتقـف في برلـين ،وتهيمـن عـلى حـركـة الطليـان والفرنسيين وبعـض الإنجليـز ... وجعلـت في يـدالأمريكـان ( الإنجلوساكسون الجـدد ) مفـاتيـح كـل خـزائـن امبراطوريـة أنجلوساكسونالجزر البريطانيـة ... أدرك ونسـتون تشـرشـل قيمتهـا وأبعـادهـا وأنهـا سـتؤديبتـاج الإمبراطـوريـة إن لـم يفعـل شـيئـاً يعطيـه وقتـأً يمكـنه من تـدبـر الأمـروالبحـث عـن فرصـة تحمـي الإمبراطـوريـة مـن التـآكـل الـسـريـع فنجـح في اسـتقطـابالمنتصـريـن في هـذه الحـرب إلى معسـكريـن واضعـاً بـدايـة لمـا سـمي بعـد ذلـكبالحـرب البـاردة الـتي اقتضـت النفـخ في كـذبـة العـودة إلى أرض الميعـادوتوظيفهـا في المواجهـة كـونهـا تشـغـل مـوقعـاً متقـدمـاُ على خـط التمـاسوالمـواجهـة القـادم بين الأنجلـوساكسـون القـدامـى والجـدد مـع البلاشـفة الروسالناهضين مـن الحـرب بأفكـار واعـدة اجتـاحـت الشـعـوب كالإعصـار فكـان الـدفـعالسـريـع للإعـتراف بإسـرائيـل ... واقتضـت ضـرورات التنافـس عـلى وجهـة توظيـفآهـل الكـذبـة بمسـارعـة بلاشـفـة الروس بالإعـتراف بإسـرائيـل ... فكـان الـوعـدالثـانـي لـكـذبـة العـودة إلى أرض الميعـاد من تـرومـان تشـرشـل وسـتالـين ... ولمـا حـسـم أبنـاء الكـذبـة خيـارهـم باتجـاه الغـرب كـان لـهـم كـل هـذا الـدعـمالـذي عايشـنـاه واكتـوينـا بـآثاره ... كـان هـذا أيـام الحـرب البـاردة بينالغـرب والاتحـاد السـوفييتي .


انهـار الاتحـاد السـوفييتي ... وانهـارتأسـباب الحـرب البـاردة معـه ... كمـا انهـارت امبراطوريـة المؤسسـين لكـذبـةالعـودة إلى أرض الميعـاد ومـوجبـات التأسـيـس وتغيرت مـواقـع التمـاس والمواجهـةبين القـوى القائمـة والقـوى الناشـئة والقادمـة مـن الصيـن والهـنـد ... وانتقلـتأرض الميعـاد مـن قـاعـدة مـواجهـة عـلى خـطـوط التمـاس الأولـى إلى قـاعـدة خلفيـة ... ومهمـا كـانـت قـدراتهـا عـلى الـدعـم والإسـنـاد فـإنهـا تبقى قـاعـدة خلفيـةضمـن مجمـوعـة كـبيـرة مـن القـواعـد الأخـرى ... ويمكـنهـا تعـويض القاعـدةالأكبـر !!!


ولآن أميركـا لا تعـبـد سـوى مصـالـح أميركـا ... وأنخطـوط التمـاس والمـواجهـة لحمـايـة المصالـح الأمريكيـة أمـام القـوى الناشـئةانتقلـت غـربـاً إلى طـول الشـواطيء الغربيـة للولايـات المتحـدة ... وشـرقـاُ إلىطـول الحـدود الصينيـة الهـنـديـة وجنـوب روسـيا ... وعـلى قـاعـدة هـذا التشـخيصجــاء أوبـامـا مبشـراً العـرب والمسـلميـن بعـلاقـات جـديـدة تسـمـح للإقتصـادالأمريكـي بـهـذا السـوق الكبيـر الـذي تسـتطيـع فيـه مقاطعـة مثـل كـردسـتان عـلىسـبيـل المثـال أن تعطي مـن خـاماتـهـا وتشتري فيـه مـن منتجات أميركـا أضعـافأضعـاف مـا تأخـذه أو تبعـه لأهـل الكـذبـة الكبرى العائـديـن إلى أرض الميعـاد .... عـلى هــذا جــاء أوبـامـا بـوعـده ... وعــد الـدولـتيـن ... فيتبنى الصـوصالعـربي إلى جانـب الصـوص اليهـودي مصححـاً نظـريـة التبنـي للصوص اليهـودي فقـطوهي التي أدت إلى خيانـة أسـلافـه للشـريـف حـسـين وتبرئهـم من وعـدهـم لهبالاسـتقـلال في مملكـة العـرب .


كـان الـوعـد الأنجلوساكسوني بتغييـبالفلسطيني وفلسطين أرضـاً وشـعبـاً واسماً وهـويـة ... وصمـد الفلسـطينـي وأثبـتقـدرتـه وجـدارتـه على البقـاء ومواجهـة الخرافـة ... وأن يتقـدم أبو حسـينأوبـامـا بهـذا الـوعـد الأمريكـي للفلسـطينييـن ... هـو اعـتراف بالفشـل وبعـدمالقـدرة على نفيهـم وتغييبهـم ....وجـاء نتنيـاهـو بالأمـس لينـاطـح الصخـر برأسـهفـإذا بـه وبغطرسـته يـُسـقـط منـه حجـراً ويضعـه في يـد الفلسـطيني ... وبهـذهالغطرسـة ... وبهـذا الإدراك لحـركـة المصـالـح وخطـوط مواجهتهـا الجـديـدة ... كـيف سـيتصـرف الفلسـطيني أمـام هـذا الـوعــد ؟؟؟ ، ومـاذا سـيفعـل بـهـذا الحجـر؟؟؟ هـل سـيـثري بهما مخـزون القـوة لمـوقـفه صاحـب الإرادة في البنـاء بالتراكـمأم سيستنزف بهما جهـده وقـدرته بمـوقـف أرعـن وعجول فاقـد للبصيرة والبصر ؟؟؟


ـــ
السـؤال الـدائـم لأصحـاب الإرادة : مـن معـي ؟؟؟ ... وليـسأنـا مـع مـن ؟؟؟. مـاذا أريـد ؟؟؟ ... وليـس مـاذا يـريـد عـدوي؟؟؟ ... كيـف أصـل؟؟؟ وليـس مـن سـيوصلـني ؟؟؟