الاقتصادية - مقاطعة ألمانيا لرد أوروبي منسق على هذه الأزمة أصبحت خطيرة ودائمة. فبعد يوم واحد فقط من اقتراح المفوضية الأوروبية حافزا متواضعا على نطاق الاتحاد الأوروبي بنسبة 1.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، أعلن بير شتاينبرك، وزير المالية الألماني، أن برلين سترفض أي رد منسق على صعيد الاتحاد الأوروبي بناء على أساس زائف بأن ألمانيا سيكون عليها أن تدفع ربع التكاليف.

لكنه يعرف أن الظروف الاقتصادية تدهورت في الأسابيع الأربعة الأخيرة بسرعة أكبر من أي مرحلة خلال حياتنا. وأتوقع أن يتراجع إجمالي الناتج المحلي في منطقة اليورو - وفي ألمانيا – بنسبة تراوح بين 2 و4 في المائة في العام المقبل. وحتى أكثر المتوقعين تفاؤلاً يشعرون بأن المخاطر ستصيب الجميع، فكيف إذن يشعر الألمان بهذا الرضى الشديد عن الذات؟

لدي ثلاثة أجوبة. الأول، أن واضعي الهياكل الاقتصادية الألمان يعتقدون أنهم أصابوا في كل شيء قاموا به. فقد أصلحوا سوق العمل وخفضوا تكاليف العمالة، ووازنوا الموازنة، ولم يكن لديهم أي فقاعة عقارات، وموازنات الأسر على ما يرام، والبلاد أقل انكشافاً لأسواق رأس المال العالمية من الآخرين. وإلى وقت قريب كان هذا اقتصاداً يجيش بالقوة والثقة بالنفس. وبالنظر إلى هذا من برلين السياسية، يمكن أن توهم نفسك بسهولة بالاعتقاد أن هذه الأزمة تخص جهة أخرى.


والسبب الثاني أن الألمان غير قادرين بشكل مزمن على التعامل مع انخفاضات مفاجئة. فالمستشارة، أنجيلا ميركل، تتناول هذه الأزمة بالروح نفسها التي تعامَلَ بها هنريك بروننج، المستشار خلال الركود الكبير، والذي تكونت استراتيجيته من إيجاد التوازن في الموازنة وتحسين حصة ألمانيا من الصادرات بتخفيض تكاليف العمالة. وما يعادل تصرفه حالياً يتمثل في تخفيض تكاليف تأمين البطالة للشركات لزيادة موقفها التنافسي.

وفي مظهر مثالي لمواقف البلد من جيرانها الفقراء، قال مايكل جلوس، وزير الاقتصاد، في الأسبوع الماضي: "يمكننا فقط أن نأمل في أن الإجراءات التي تتخذها البلدان الأخرى (...) تساعد اقتصادنا التصديري".


أوريليو ماكاريو، كبير الاقتصاديين المختصين بمنطقة اليورو في يونيكريدت Unicredit، قال إن على ألمانيا أن تبدي سلوكا مسؤولا تجاه اقتصاد منطقة اليورو بدلاً من تحويل نفسها إلى نسخة غربية عن الصين.


وأخيراً، فإن العداء الشخصي الشديد بين ميركل ونيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي، الذي كان يلح بشدة على رد أوروبي، كان أيضا عاملاً من العوامل. وأعتقد أن ساركوزي على حق في هذا، لكن مهاجمته المستمرة للبنك المركزي الأوروبي وفشله في المشاركة في تخفيض منسق للعجز أفقداه كل الصدقية داخل منطقة اليورو، إلى درجة أنه أصبح الآن معزولاً سياسياً. وهو يدفع ثمن الإصغاء إلى النصائح الاقتصادية السيئة جداً في وقت انتخابه.


لذلك ما الذي سيحدث؟ في الأسبوع الماضي قال شتاينبرك لن يكون هناك أي حافز جديد حين يلتقي رؤساء الائتلاف في أوائل كانون الثاني (يناير) لمناقشة الأزمة. فهو يريد أن يرى كيف تعمل حزمة الحوافز الحالية. وهذا يوحي بأنه ليس من المحتمل اتخاذ أي قرار قبل شباط (فبراير) أو آذار (مارس)، كأقرب موعد.


إن رد ألمانيا النهائي سيفشل في كل من الاختبارات الثلاثة "T-tests" (التوقيت، عدم الديمومة، دقة الاستهداف) الرامية إلى حوافز اقتصادية جيدة. ومن الواضح أن العام المقبل سيكون قد فات الأوان. فبالنسبة لبلد يتصف بنسبة عالية من مدخرات الأسر وفائضا هائلا في الحساب الجاري، فإن أفضل حافز سيكون ربطاً بين ضرائب قيمة مضافة أدنى وتعويضات عن ضريبة الدخل المؤقتة. لكن هذا شيء صعب من الناحية السياسية في بلد يستحوذ عليه هاجس التوزيع العادل للدخل، لذلك، على الأغلب أن ينتهي بك المطاف مع خطة بيئية أخرى مكلفة يحتاج تطبيقها إلى سنوات. ومن المحتمل جداً أن تواجه ميركل وشتاينبرك الناخبين في أيلول (سبتمبر) في غمرة ركود من صنع يديهما.


وطالما تصرفت ألمانيا بهذه الطريقة فلن يكون هناك أي رد أوروبي مناسب. وحين يبدأ الأوروبيون التنسيق في آخر المطاف، سيكون الرد أكثر ضعفاً من رد الولايات المتحدة. وأنا أتقبل الحجة بأن هناك مخاطرة لحافز مفرط أيضاً. ومن الممكن جداً أن حزمة الحوافز البالغة 700 مليار دولار – 6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي – كما تتم مناقشتها حالياً في أمريكا، مبلغ كبير جداً وربما يؤدي إلى ارتفاع في نسب الفائدة الحقيقية على الدين العام الأمريكي، كما حذر أخيرا نوريل روبيني، أستاذ الاقتصاد وإدارة الأعمال الدولية في مدرسة شتيرن لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك. لكن حافز الاتحاد الأوروبي المقترح بنسبة 1.5 في المائة، أو الحافز الألماني بنسبة 0.5 في المائة شيء قليل جداً بصورة واضحة.


هل يمكن للسياسة النقدية أن تساعد؟ نعم، لكن التأثير محدود. فالسياسة النقدية كان لها بالكاد أي قوة جذب في الولايات المتحدة، لأن عنق الزجاجة كان توافر الائتمان، وليس السعر. ويملك البنك المركزي الأوروبي مجالا لتخفيضات أخرى في نسب الفائدة، وأتوقع أن تهبط من 3.25 في المائة إلى 2 في المائة خلال فترة قصيرة نسبياً، اعتباراً من هذا الأسبوع. وهذا يساعد مقترضي القروض العقارية بنسب متغيرة، مثلما يساعد الشركات.

لكن لأن هذا انكماش عالمي حاد ومستدام، فلا ينبغي على المرء أن يتوقع الكثير من السياسة النقدية المحلية وسيكون رد السياسات المالية مهما. ولست متفائلاً جداً بأن مثل هذا الرد سيجيء في الوقت المناسب، أو يكون بالحجم المناسب، أو التركيبة المناسبة.

والمشكلة المزدوجة في منطقة اليورو، وفي ألمانيا خصوصاً، هي القناعة بأن كل السياسة الاقتصادية سياسة هيكلية وأن إيجاد عملة واحدة غير مناسب للسياسة الاقتصادية. وستظهر الفكرة الخاطئة لتلك القناعات قريباً جداً وبثمن يعطل الحركة.