الاقتصادية - تخفيف الديون أمر مطلوب، لكن السلطات على حق في الإبطاء فيه.

تركت الطفرة الائتمانية في السنوات الأولى من الألفية الجديدة المؤسسات المالية سكرى بنشوتها بصورة غير صحية. ومع ذلك كان بالإمكان تصور عودة سلسلة إلى عالم ما قبل الأزمة الائتمانية قبل أشهر قليلة فقط. غير أن ذلك لم يعد ممكناً. فعملية تخفيف الديون تشهد تأرجحاً شديداً. وهي عملية ضرورية، لكنها مؤلمة، تلحق الضرر بكل قطاعات الاقتصاد.


ونركز هنا على البنوك، لكننا سنناقش أثرها في الشركات المالية الأخرى في الوقت المناسب.

سيتعين على القطاعات المصرفية في كثير من الاقتصادات عالية الدخل تقليص ميزانياتها قياسا إلى الناتج المحلي الإجمالي. ويقدر أحدث تقرير حول الاستقرار المالي صادر عن بنك إنجلترا، أن البنوك في المملكة المتحدة يمكن أن تضطر إلى التخلص من سدس موجوداتها للعودة إلى مستوى مديونية عام 2003، ويمكن تحقيق هذا التقلص الفوري بوسائل متعددة كلها كئيبة.

بعيدا عن التسبب في التضخم، ولتقليص القيمة الحقيقية للدين في الاقتصاد، هناك خيار ممكن يتمثل في السماح بانهيار البنوك التي تثبت ديونها أنها عسيرة السداد. وكانت السلطات على حق في استبعاد هذا الإجراء. وأظهر إفلاس ليمان براذرز مدى السرعة التي يمكن أن تفقد بها الثقة بالنظام، والعواقب المدمرة التي يمكن أن تنجم عن ذلك.

بدلاً من ذلك، تستطيع الحكومات أخذ كل ميزانيات القطاع، لكن ذلك يحمل معه مخاطر التوسع الزائد للغاية، حتى بالنسبة للدول ذات الملاءة، بحيث يمكن أن تتبع ذلك انهيارات في قيمة العملات.

يمكن للبنوك نفسها أن تخفض مديونيتها بتجميد أي إقراض. غير أن ذلك يمكن أن يلحق أذى شديداً بالاقتصاد الحقيقي. وإذا عجزت الشركات عن إعادة تمويل الدين، فإنها تخفض الاستثمارات، وعدد الوظائف، أو في الحالات الأسوأ تضطر حتى إلى إعلان الإفلاس.

البديل الوحيد الملائم هو القبول بالمستويات الحالية من الدين، ومحاولة تنمية الاقتصاد لمعادلتها. وإعادة الرسملة التي اختارتها الحكومات تخفف الديون دون أن تقلص الميزانيات، ويفترض أن تكون كافية لمتابعة أوضاع البنوك خلال الانكماش ثم الانطلاق إلى ما يلي ذلك من مرحلة التعافي.

ومع أن الشروط المفروضة ضمن صفقات الإنقاذ تعطي الحكومات بعض القدرة على تشجيع البنوك على الاستمرار في الإقراض. وطلب من البنوك المشاركة في صفقات الإنقاذ هذه في المملكة المتحدة، أن تقدم قروضاً معادلة لمستوى القروض التي قدمتها خلال عام 2007.

وهذا اعتراف بأن الميزانيات الحالية للبنوك ستكون مستدامة، وأن الديون في القطاع الخاص لا يحتمل أن تتقلص.

ومع ذلك، مستويات الدين لا تزال زائدة، ولن ينمو الإقراض لعدة سنوات، حتى حين يعود الاقتصاد إلى التوسع مرة أخرى. وقد اختارت السلطات تأخير تخفيف ديون البنوك. وعليها من خلال السياسات النقدية والمالية المتساهلة، أن توفر الآن بيئة تستطيع فيها السوق أن تلحق بصورة بطيئة بمستويات الدين. وعلينا أثناء ذلك أن نقبل ببساطة بالتعايش مع الديون الزائدة