الاقتصادية - ينبغي على البنوك المركزية الأخرى تخفيض أسعار الفائدة.

للمرة الثانية خلال ثلاثة أسابيع يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الرئيسية نصف نقطة مئوية. مرة أخرى يصبح سعر الفائدة الذي يستهدفه الاحتياطي الفيدرالي 1 في المائة، حين وصل إلى القاع عام 2003. وفي الوقت الذي يشتد فيه العسر في الاقتصاد الحقيقي، كان الاحتياطي الفيدرالي على حق في إطلاق قدر كبير مما تبقى له من الذخيرة الحية.

تشير معظم المؤشرات إلى أن الاقتصاد الأمريكي دخل فعلاً في طور الركود. هذا الأسبوع هبطت ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوى في التاريخ، ويتوقع أن تُظهِر البيانات الرسمية الصادرة هبوطاً في الناتج المحلي الإجمالي على مدى الأشهر الثلاثة الماضية.

رغم أن معدل التضخم كان 4.9 في المائة في أيلول (سبتمبر)، إلا أنه لم يعد يشكل هماً كبيراً. فقد هبطت أسعار السلع أكثر من ذي قبل، ويبدو أن الطلب الضعيف سيعمل على تقليص الضغوط السعرية المحلية. الواقع أن مصدر الخوف الرئيسي الآن هو الانكماش الاقتصادي، وليس التضخم.

ربما يعمل انهيار قيم الموجودات على إشعال فتيل حلقة مفرغة من تراجع الطلب وهبوط الأسعار. يجب على صانعي السياسة أن يبذلوا كل ما في وسعهم للحؤول دون هذه النتيجة بالذات، التي زادت من تردي الأوضاع أثناء الكساد العظيم في أوائل الثلاثينيات، والتي أغرقت اليابان في عقدها الضائع في التسعينيات. يُفهم بوضوح من قرار الاحتياطي الفيدرالي بالأمس أنه سيفعل كلما يستطيع لتفادي هذه النتيجة.

كذلك، أي قرار آخر كان سيصيب الأسواق بالهلع. وفي حين أنه لا يجب على الاحتياطي الفيدرالي تحقيق توقعات المستثمرين بصفة منهجية، إلا أن حدوث مفاجأة في الأسواق المحمومة في الوقت الحاضر كان سيشعل فتيل الفوضى الشاملة بدلاً من تعزيز الثقة.

مع ذلك ربما تكون سلطة السياسة النقدية التقليدية سلطة محدودة في الموقف الراهن. فمع بلوغ أسعار الفائدة مستويات متدنية تاريخيا، فإن المساحة التي يستطيع الاحتياطي الفيدرالي التحرك فيها ضيقة تماماً. ليس هذا فحسب، وإنما لا بد من مرور وقت أطول من المعتاد حتى تتغلغل الآثار المترتبة على تخفيض أسعار الفائدة داخل الأسواق، لأن أسواق الائتمان الآن في حالة انسداد.

وستتحسن أحوال المستهلكين والشركات التي أسعفها الحظ بوجود قروض لديها بسعر فائدة يسير وفقاً للسعر الرسمي المعلن. لكن لأن البنوك أصلاً عازفة عن تقديم قروض جديدة، فإن المنافع الإجمالية محدودة.

ولإنعاش أسواق الائتمان، يستخدم الاحتياطي الفيدرالي بصورة متزايدة أدوات إضافية، فهو يزود الأسواق بكميات غير محدودة من السيولة ويشتري الأوراق التجارية. لكن حتى يتسنى له تعزيز الاقتصاد الحقيقي بصورة مباشرة، فإنه بحاجة إلى مساندة من السياسة المالية العامة. ينبغي على السلطات الأمريكية تسريع المناقشات حول صفقة مساندة جديدة (لتحفيز الاقتصاد).

ويتعين على البنوك المركزية في بلدان الدخل العالي الأخرى اقتفاء أثر الاحتياطي الفيدرالي. وبصفة خاصة لدى البنك المركزي الأوروبي والبنك المركزي البريطاني قدر كبير من الذخيرة. ومن المؤكد أن أسعار الفائدة الرسمية أعلى مما يجب وبحاجة إلى أن يتم تخفيضها بمعدلات لا يستهان بها في أقرب فرصة ممكنة. ويجب على صانعي السياسة في بلدان العالم الأخرى التصرف بسرعة لاحتواء ما يمكن أن يكون ركوداً حاداً في الاقتصاد العالمي.