الاقتصادية - يجب أن تأتي مساعدات صندوق النقد الدولي سريعاً وبشروط أقل.

مازال المشهد الأول من الدراما المالية يتكشف على المسرح العالمي، لكن بينما يزداد انتشار الأزمة وآثارها في الدول ذات الدخل المرتفع، فإن مشاركين آخرين يرغمون على الدخول تحت بقعة الضوء: تدخل الاقتصادات الناشئة، وكذلك تلك المؤسسة التي غابت طويلاً؛ صندوق النقد الدولي.

بما أن العدوى تنتشر بيننا، فإن على المجتمع الدولي أن يتحرك لدعم البلدان التي تعاني من المشكلات. وعلى النقيض من الأزمة الماضية، البلدان في هذه الأزمة عالقة في اضطرابات ليست من صنع يديها.

كانت الاقتصادات الناشئة تعتمد على أسواق الائتمان الدولية في الحصول على الائتمان، لكن حين بلغ الإقراض حد التوقف بعد انهيار ليمان براذرز، بات كثير من البلدان يواجه مشكلات تمويلية. وتتعرض العملات لهجمات، بينما يسحب المستثمرون أموالهم.

لا تزال ذكريات أزمة الديون في أمريكا اللاتينية في أوائل الثمانينيات، والأزمة الآسيوية في أواخر التسعينيات، حية في الأذهان. وتتردد البلدان في اللجوء إلى صندوق النقد الدولي لأنها تخشى من الشروط القاسية التي كانت ترتبط بها قروضه في الماضي. وقبل أن تلجأ إلى صندوق النقد الدولي، خاطبت آيسلندا روسيا، وخاطبت باكستان الولايات المتحدة والصين والمملكة العربية السعودية .

لكن الولايات المتحدة، وأوروبا الغربية تصارعان لإنقاذ القطاعات المالية فيهما، وبالتالي هما غير راغبتين في تقديم المساعدة. كذلك هناك عجز في القروض المقدمة من قبل الاقتصادات الأخرى الغنية بالسيولة، التي تصبح أكثر حرصاً فيما يتعلق بالاستثمارات. وإذا تم عرض تقديم القروض، فإنها تكون مرتبطة بشروط سياسية غير مقبولة. وهكذا يبدو صندوق النقد الدولي، مرة أخرى، مقرض الملاذ الأخير.

اشترط الصندوق خلال الأزمات السابقة، إحداث تخفيضات حادة في عجز الميزانيات، وتخصيص الصناعات، وتحرير الأسواق. وفي ضوء المعالجة من جانب الولايات المتحدة وأوروبا الغربية للأزمة الحالية، من الواضح أن هذه الشروط أصبحت غير قابلة للدفاع عنها في الوقت الراهن. وعلى صندوق النقد الدولي أن يلين موقفه، وهناك إشارات مشجعة إلى أنه مستعد لذلك.

إن سرعة انتشار المخاطر تجعل من التحرك في الوقت المناسب من جانب الصندوق أمراً بالغ الحيوية. ومعرفة أنه سيتحرك سريعاً يفترض أن تدعم الثقة التي تمثل سلعة نادرة في الوقت الحالي.

لكن هل صندوق النقد الدولي مستعد لعمليات إنقاذ واسعة النطاق؟ فهو تتوافر لديه بشكل مباشر نحو 207 مليارات دولار للديون، ويمكنه أن يوفر 53 مليار دولار أخرى لهذا الغرض؟ وهذه ليست مبالغ كبيرة لدى المقارنة بمبالغ الإنقاذ الضخمة في الدول عالية الدخل. وقدم الصندوق قروضاً في حدود 36 مليار دولار فقط خلال الأزمة المالية الآسيوية، لكن أموالاً أخرى جاءت من بلدان يصعب الآن طرق أبوابها.

وإذا ظلت عمليات الإنقاذ مقتصرة على الاقتصادات الأصغر حجماً، مثل آيسلندا، وهنغاريا، وأوكرانيا، وروسيا البيضاء، وباكستان، فإن ما لدى الصندوق من أموال يكفي. لكن لا يمكن ألا تتوافر لدى الصندوق قدرات مالية للتعامل مع أزمات الاقتصادات الأكبر، مثل البرازيل، أو تركيا في الوقت ذاته.

وتبدي البلدان الأكبر شيئاً من التحفظ في تقديم الأموال، لكن لا بد من تفعيل خطط الطوارئ في مثل هذه الأوقات غير العادية. ويمكن استخدام الاحتياطيات المالية الخاصة بدول آسيوية، وبمصدري النفط، كأدوات تعمل على المزيد من الاستقرار مقابل إصلاح صندوق النقد الدولي المستحق منذ فترة طويلة.

وبينما يوشك صندوق النقد على الظهور على المسرح لمحاربة انتشار الأزمة، فإن عليه أن يتخلى عن النصوص التي كان يكررها في الماضي. عليه أن يقدم الإنقاذ سريعاً، وأن يطلب من البلدان تطبيق سياسات تحسن الاستدامة في الأجل الطويل، دون أن تتسبب في شلل أوضاعها الاقتصادية في الأجل القصير.