نظرة على بيان السياسة النقدية للفيدرالى الامريكى
أنهى بنك الاحتياطي الفيدرالي اجتماع السياسة النقدية بالتصويت لصالح إبقاء معدلات الفائدة الأمريكية قريبة من الصفر في توجه قد يستمر لسنوات قادمة على الأرجح.
وبشكل واضح، ربط المركزي الأمريكي التحول بعيداً عن السياسة الحذرة الحالية بتسارع التضخم، في لهجة جديدة جاءت في سياق المراجعة الأخيرة لاستراتيجية البنك،
والتي تركزت في "استهداف متوسط معدل التضخم بدلاً من المعدل الثابت".
ومع ذلك، أعطى بيان السياسة النقدية الأمريكية نظرة حذرة، حيث قال إن وباء "كورونا" سيُؤثر بشدة على النشاط الاقتصادي
وعمليات التوظيف ومعدل التضخم في المدى القريب، كما سيُشكل مخاطر كبيرة على الآفاق الاقتصادية في المدى المتوسط.
رسائل بشأن الفائدة والتضخم
- أبقى الفيدرالي على معدل الفائدة عند نطاق يتراوح بين صفر إلى 0.25%، وسط تلميحات بشأن الحفاظ عليها عند هذه المستويات المتدنية لفترة أطول.
- قام بتحديث الآفاق المستقبلية بشأن معدل الفائدة؛ بحيث تشير إلى أنه من غير المرجح تحريك الفائدة قبل عام 2023 على الأقل.
- لم تأت قرارات السياسة بالإجماع، فبينما أيدها 8 أعضاء كان هناك اعتراضين أساسيين من قبل رئيسا الفيدرالي في ولاية دالاس "روبرت كابلان"
وفي ولاية مينابوليس "نيكل كاشكاري"، مع حقيقة اختلاف مبرر كل منهما.
- وفي حين يفضل "كابلان" الاحتفاظ بمرونة أكبر في معدلات الفائدة، يطالب "كاشكاري" بعدم تحريك الفائدة حتى يصل معدل التضخم الأساسي إلى 2% على أساس مستدام.
- ستهدف اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لتحقيق معدل تضخم أعلى 2% بشكل معتدل لبعض الوقت، حتى يصل في المتوسط لـ2%،
وتظل توقعات معدل التضخم على المدى الطويل ثابتة عند هذا الرقم.
- تعهد صناع السياسة في المركزي الأمريكي بإتباع موقف تيسيري وعدم التحول نحو تشديد السياسة - من خلال رفع معدلات الفائدة
حتى التأكد من تجاوز الولايات المتحدة للأحداث الأخيرة، ما يعني معرفة ما إذا كان الاقتصاد قد حقق أهدافه
المتمثلة في الوصول إلى الحد الأقصى للتوظيف وتسارع التضخم إلى 2%.
- يتوقع الفيدرالي أن يبلغ معدل التضخم 1.2% هذا العام بدلاً من ارتفاعه بنحو 0.8% المتوقعة في يونيو الماضي، على أن يتسارع إلى 1.7% في 2021.

حقائق وتحذيرات
- شهدت تقديرات أداء الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي تعديلاً خلال هذا العام لانكماش بنحو 3.7% مقارنة مع تراجع 6.5% في التوقعات السابقة، في نظرة أقل تشاؤماً.
- لكن البنك خفض توقعات نمو الاقتصاد الأمريكي في 2021 إلى 4% بدلاً من 5% سابقة، قبل أن يتوسع بنحو 3% في العام التالي
وهي وتيرة أقل من السابقة بنحو 0.5%، ما يعني أن مزيداً من تباطؤ التعافي أمر مرجح الحدوث.
- حذر رئيس الفيدرالي "جيروم باول" من أن تعافي الاقتصاد الأمريكي قد يكون في خطر بدون مزيد من الإنفاق الحكومي،
مشدداً على أهمية دور الكونجرس والشعب الأمريكي في تعزيز مسار التوسع.
- في حين أن الإجراءات المالية التي تم اتخاذها في وقت مبكر من الأزمة قدمت دعماً كبيراً للاقتصاد،
لكن ربما هناك حاجة لمزيد من الدعم المالي، كما يقول "باول" في تأكيد على عدم قدرة الفيدرالي على خلق الطلب.
- يضيف "باول": ربما كان التعافي في الإنفاق الأسري يعكس دعماً مالياً كبيراً وفي الوقت المناسب، لكن الخدمات التي تشمل تجمعات مثل الترفيه والسياحة ظلت ضعيفة، ما يعني أن النشاط الاقتصادي بشكل عام لا يزال أقل من مستواه قبل انتشار الوباء وأن المسار المقبل لا يزال يشوبه حالة عدم يقين كبيرة.
- حذر رئيس الفيدرالي من أنه لا يزال هناك ما يقرب من 11 مليون أمريكي عاطل عن العمل،
وأن عدداً كبيراً من هؤلاء الأشخاص يعملون في صناعات من المرجح أن تستمر في المعاناة بفعل الوباء.
- كرر المركزي الأمريكي خلال البيان تعهده بالاستمرار في شراء سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري
على الأقل بالوتيرة الحالية من أجل الحفاظ على الأداء السلس للسوق والمساعدة في تعزيز الظروف المالية التيسيرية وبالتبعية دعم تدفق الائتمان إلى الأسر والشركات.

رد فعل الأسواق
- عززت الأسهم الأمريكية مكاسبها في أعقاب القرار مباشرةً، ليرتفع "داو جونز" بأكثر من 300 نقطة لكنه سرعان ما قلص مكاسبه بشكل حاد لأقل من 40 نقطة عند نهاية التداولات.
- في سوق السندات، كانت هناك موجة بيعية للديون الحكومية الأمريكية، ما دفع العائد على سندات الخزانة للصعود، حيث ارتفع العائد
على السندات الحكومية لآجل ثلاثين عاماً إلى 1.45% فيما صعد العائد على الديون مستحقة السداد لآجل عشر سنوات إلى 0.69%.
- وبالنسبة للعائد على سندات الخزانة الأمريكية التي يحل موعد سدادها بعد عامين - وهي الأكثر حساسية لقرارات السياسة النقدية - فظلت ثابتة عند 0.14%.
- تحول الدولار الأمريكي للصعود بعدما كان يتداول داخل النطاق الأحمر قبل صدور القرار، ما ألقى ضغوطاً على أسعار المعادن النفيسة لتتخلى عن كافة مكاسبها
وتتراجع رغم أنها سجلت ارتفاعاً عند تسوية التعاملات التي كانت قبل إعلان نتائج الاجتماع.
- لكن، لم يقدم بيان السياسة أية عوامل من شأنها المساهمة في التخلص من وجهة النظر القائلة بأن السياسة الانكماشية للفيدرالي تضغط على قيمة الدولار الأمريكي،
وفقاً لتحليل بنك الاستثمار الهولندي "آي إن جي".
- يعتقد كذلك البنك الهولندي أن استهداف الفيدرالي لتحقيق معدل تضخم أعلى 2% يعتبر لصالح فئات الأصول مثل الأسهم والسلع.

ماذا تعني رسائل الفيدرالي؟
- تعكس هذه التغييرات إطاراً تاريخياً جديداً لسياسة البنك المركزي، كشف عنه "جيروم باول" خلال ندوة "جاكسون هول" في الشهر الماضي.
- يستبعد الفيدرالي أن يكون معدل الفائدة الأمريكي بحاجة للارتفاع حتى عام 2024،
وهو أمر يمكن تبريره بالنظر إلى استراتيجية السياسة الجديدة للبنك المركزي، وفقاً لتحليل "آي إن جي".
- يخطط "باول" وزملاؤه للتحلي بالصبر بشكل استثنائي خلال محاولة دعم الاقتصاد في غضون الأشهر والسنوات القادمة،
حيث قال رئيس الفيدرالي: "على نحو فعال، سيظل معدل الفائدة تيسيري للغاية حتى يقطع الاقتصاد شوطاً طويلاً في طريق التعافي".
- ينتظر الاقتصاد الأمريكي بشدة التحفيز المالي، بالنظر إلى التأثير غير المتكافئ للوباء عبر قطاعات بأكملها، وأن رئيس الفيدرالي
فعل ما في وسعه لوقف الانكماش الحاد، كما تشير "كيرستين براون" رئيسة شركة "ستين إنترناشيونال".
- يعمل البنك المركزي في الظلام وسط الكثير من عدم اليقين السياسي والاقتصادي، حيث إن كل ما يمكنه فعله
هو الاستمرار في التأكيد على استعداده للقيام بكل ما يتطلبه الأمر وحتى استعداده عن التغاضي عن تسارع التضخم حالة حدوثه،
طبقاً لما يقوله "نيل ويلسون" كبير محللي الأسواق في "ماركتس دوت كوم".
- رغم أن معدلات الفائدة الأقل من المعتاد أمر جيد بالنسبة للمقترضين، لكنها ليست إيجابية للمدخرين الذين سيشهدون عوائد أقل على مدخراتهم،
بحسب ما يقوله "ريتشارد بارينجتون" كبير المحللين الماليين في "موني ريتس".
- عندما يكون معدل التضخم أعلى من معدل الفائدة على حسابات الادخار، فإن الأموال التي يتم الاحتفاظ بها في تلك الحسابات قد تفقد قوتها الشرائية بمرور الوقت.

المصادر: بنك الاحتياطي الفيدرالي - آي إن جي - سي إن بي سي - بلومبرج - هيئة الإذاعة البريطانية