رسالة اعتذار ! ... اعتذار يحمل في طياته هاتف الندم
عبثا حاولت الانصراف لما شاكلني بداعي التهائي الأعمى عما أتهرب منه قسرا فلم أستطع ، و من دون جدوى و عن سبق عناد و مكابرة و أنفة ليست في محلها على الإطلاق انشغلت ببهرجة ليست في سلم أولويات العيشة الهانئة التي تذهب عني غيوم دامسة الظلام ، حالكة السواد ، هكذا … بلا طائل لبثت أمدا أتقلب في متقلبات ظننتها ستسري عني آلام حسبتها مزيفة و مؤقتة ، حتى أدركت أخيرا أن ما أنا بصدده ليس سوى انشغالات واهية مقنعة لم تزدني إلا حيرة و آلاما ، و انشقاقا و فصاما ، و أيقنت بأن ما زرعته لنفسي لم يكن سوى جنينا ميتا قبل أن يولد و تكتب له الحياة ، فبئس ما اصطنعت ، و لبئس ما أتيت ، و لبئس اليقين الذي تلبسني و لم يكن فيه خيرا لي قط ، هذه ليست مقدمة لما سيأتي ، ولا هي بالتوطئة الممهدة لما سيعقبها من حسرات أدمت القلب و المقل ، لكنها اختلاجات ستوطأ موطىء الأسف و الندم الذي مزقني كل ممزق ، فأتى على كل باقية مني ، إلا باقية من صحوة ضمير لم يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد ، فأراد هذا الضمير معاتبة نفسه بجلد ذاته جلدا يستحق الإنصاف و العدل الذي حق عليه أن يأخذ موضعه فيه ، فأعيب في ذات نفسي نكرانا و جحودا هدا من هولهما جبالا ، و أنكر على نفسي كفري بنعم من ولاني مجيئي لهذه الحياة ، و كان سببا في ظهوري على مسرحه الذي لم أحسن الأداء فيه ، هنا تتوارى الاعتذارات خجلا ، و تنعدم الحجج أركان ثبوتها و عدلها ، و كل ما تسعف به الألفاظ و المعاني لا يرقى لأن يعبر ، و لن يجد مدخلا من تصريح أو تلميح ، فجميع الأبواب المؤدية إليهما موصدة بإحكام ، لكن أن يجد القلب نقطة ضوء في نهاية نفق الظلم الغاشم هو دليلي الذي عسى أن يجلي موطأ قلمي و كلماتي الحرجة ، و إني لعلى يقين أبلج من أن رسالة هاتفي هذه ستصدقني بعد أن أصدقت نيتي الحاضرة زعمها المنشود و هدفها الموعود.