كيف تحدد شركات الوساطة اتجاه السوق ، طريقك نحو النجاح
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني المضاربين الإعزاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
استكمالاً لسلسلة المقالات التي نمشي فيها والمتعلقة بكيفية تحقيق النجاح في أسواق الفوركس فمن المقال الحالي سنبدأ بتغيير العنوان حتى لا يفهم القارئ الكريم بأننا نكتب مقالات عامة مستهلكة بالتكرار، على الرغم من أن كل المقالات التي أكتبها يقف خلفها أرقام دقيقة ومستوحاة من الواقع العلمي والعلمي على مدار خمسة عشر عاماً.
وعلى كل حال قلنا في المقال السابق بأن أحد أوجه تحقيق الأرباح بالنسبة لشركات الوساطة المالية والغير متاحة أو متوفرة للمضارب العادي هو فرق الاسبرد بين سعري البيع والشراء مضروب في الرقم (2)، وعلى ذلك فجميع الصفقات المتقاطعة من العملاء المختلفين هي بمثابة حجز أرباح مؤكدة لشركة الوساطة، ومهما بلغ عدد المضاربين الذين يحققون الربح بشكل يومي فإن مقدار الأرباح التي مصدرها الفروقات المحجوزة بين الصفقات المتقاطعة تغطي كمية أرباح العملاء الذين يحالفهم الحظ ذلك اليوم بمرات عديدة.
ولكن الحقيقة التي يجب أن يعرفها كل مضارب ويفكر في كيفية الاستفادة منها، هو كيف يمكن لشركات الوساطة المالية أن تعرف أتجاه الأسواق المالية، بمعنى كيف يمكنها أن تحدد اتجاه سعر اليورو دولار مثلاً وبشكل مستمر ؟
قبل أن أجيب على هذا السؤال، لا بد من معرفة مصدر أرباح شركات الوساطة الثاني والذي يعتبر المصدر الرئيسي لها يأتي من خسارة العملاء والمضاربين لديها. وبخاصة المضاربين الذين يأخذون التصنيف (B Book)، أي عملاء الدرجة الثانية ذوي رؤوس الأموال الصغيرة أو المتوسطة، والعملاء ذوي رؤوس الأموال الكبيرة الذين خضعوا لدراسة دائرة إدارة المخاطر في الشركة، فمن خلال عمليات المضاربة التي يقوم بها المضارب الكبير، يستطيع القائمون على الشركة تحديد فيما إذا كان هذا العميل سيشكل أي خطورة على رأس مال الشركة أو أرباحها. وبناء عليه يتم أخذ القرار فيما إذا كان يجب تغطيه صفقات هذا العميل أم تركه يلعب على نظام الشركة الداخلي وبالتالي يكون ربحه أو خسارته على عاتق الشركة.
ويكفي أن نعرف الحقيقة التالية بعد تحليل ما يزيد عن 20 مليون صفقة حقيقية لكافة العملات الرئيسية، قمت بتحليلها شخصياً وذلك بسبب أنني عملت خبيراً وقمت بتحليل عمل عدة شركات حول العالم وصل عددها ما يقارب الخمسون شركة وساطة مالية، قمت بتحليل كافة صفقات عملاءها لغايات خاصة بكل شركة، وخلال ذلك كنت أقوم بتحليل بعض الأمور الخاصة بي لأجل العلم والمعرفة.
النتيجة الصادمة تقول ما يلي:
أولاً: إن متوسط قيمة الربح في جميع الصفقات الرابحة كان (180) دولار أمريكي للعقد الواحد، بمعنى (18) بب كمقياس نزعة مركزية فقط يربحها المضارب قبل أن يقرر الخروج من الصفقة، مع انحراف معياري (10) نقاط كمقياس تشتت.
ثانياً: بلغعت قيمة المتوسط الحسابي في جميع الصفقات الخاسرة (1200) دولار للعقد الواحد، بمعنى (120) بب خسارة كمقياس نزعة مركزية يخسرها المضارب قبل أن يقررر الخروج من الصفقة الخاسرة، مع انحراف معياري بلغ (28) بب كمقياس تشتت.
أي أن المضارب يتعجل جداً في إغلاق الصفقات التي تحقق الربح، بمقابل الصبر والتعاطف مع الصفقات التي تحقق الخسارة على أمل أن يعود السوق إلى السعر الذي بدأت منه عملية التداول. ولك أن تتخيل عزيزي المضارب الأرباح الهائلة التي تحققها شركات الوساطة المالية من هذه الأرقام في ظل وجود مئات الآف المضاربين حول العالم. وما هو السبب الذي يجعل شركات الوساطة المالية تتنافس وتتقاتل فيما بينها لاستقطاب العملاء لديها، وسر العروضات الكبيرة التي يحصل عليها بعض المضارين والوكلاء. لأنها مهما بلغت قيمتها فإنها لا شيء بمقابل ما تجنيه الشركات على أرض الواقع.
وعليه فإن شركات الوساطة المالية وعن دون علم فلكي تحقق الأرباح الهائلة اعتماداً على نفسية المضاربين في عملية التداول لا أكثر ولا أقل. حيث أن العلم الموجود لديهم لا يتعدى عن كونه فهم للعمل على منصة التداول وفهم عميق في كيفية استقطاب العملاء وتقديم العروضات للمضاربين والحصول على رضاهم.
ولكن كيف يمكن لنا أن نحول هذه المعلومات إلى علم دقيق لنعرف من خلالها اتجاه السوق، أو حركة السعر خلال المضاربة بعيداً عن الدخول في تحاليل لا تغني ولا تمسن من جوع كما قلنا سابقاً في المقال (1) و (2).
هذا ما سندخل فيه بشكل مباشر في المقال التالي.
وفقني الله وإياكم
د. محمد الروسان
