السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

لاحظت في القرآن الكريم تكرر لفظ القرية بكثرة ، أما المدينة تكررت ولكن ليس كالقرية ،
هل مفهوم القرية والمدينة واحد ،
أم هناك إختلاف ؟ أحيانا يطلق على نفس المنطقة مرة قرية ومرة مدينة ، مثلا في سورة الكهف
(( فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قريةاستطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض
فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا
( 77 ) (واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة
وكان تحته كنز لهما وكان ابوهما صالحا فاراد ربك ان يبلغا اشدهما ويستخرجا كنزهما
رحمة من ربك وما فعلته عن امري ذلك تاويل ما لم تسطع عليه صبرا)


وكذلك في قرى قوم لوط أحيانا يطلق عليها قرية وأحيانا مدينة ،
أفيدوني بارك الله فيكم .

الإجابة






ملحظ لطيف في استخدام القرية والمدينة.
وهذه الألفاظ لها استخدامات قديمة وقد تختلف بسبب الزمان والمكان.
سميت القرية قرية لأنها تجمع أهلها، وقد قيل إن القرية: كل مكان اتصلت فيه الأبنية،
وهي غالبا ما كان خارجا عن المدينة مما حولها.

أما المدينة: فمحلة لها سور، والأمصار: المدن الكبار،
والبلد: محلة لا سور لها، والبلدة أيضا: قطعة من البلد أي الجزء المختص كالبصرة من العراق.
وفي القرآن الكريم يطلق لفظ القرية على المدينة كثيرا

كقوله: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ
والمقصود مكة ومكة سميت أم القرى وقد تسمى المدينة ببلدة وبلد إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا
وقال رب اجعل هذا بلدا ءامنا وقال عن مساكن سبأ بلدة طيبة فيما لا يطلق اسم المدينة على القرية غالبا –
قلت غالبا لورود أقوال في مثل ودخل المدينة قيل: مصر وقيل: قرية حولها-

والمقصود أنه قد يطلق لفظ القرية ويراد به المدينة.
قال ابن عاشور في قول الحق سبحانه وإذ قلنا ادخلوا القرية : والقرية- بفتح القاف لا غير على الأصح-
البلدة المشتملة على المساكن المبنية من حجارة وهي مشتقة من القري- بفتح فسكون وبالياء- وهو الجمع يقال:
قرى الشيء يقريه إذا جمعه وهي تطلق على البلدة الصغيرة وعلى المدينة الكبيرة ذات الأسوار والأبواب ك
ما أريد بها هنا بدليل قوله: وادخلوا الباب سجدا.
وفي الآية المذكورة قال ربنا سبحانه:
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ..

وقال في ختام القصة: وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ..
فسماها أولا قرية وفي الثانية مدينة؛ فإن كانتا – القرية والمدينة المذكورتان في الآيتين - مكانين مختلفين فلا إشكال،
وإن كانا مكانا واحد كان من باب الترادف اللفظي وهذا كثير في القرآن.
ومن نفس الباب قوله سبحانه في سورة يس: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ
ثم قال عنها وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ


أولا
وردت لفظة المدينة في القرآن الكريم اثنا عشر14 مرة كلها معرفة بأل .
فهي لم ترد في كل المواضع إلا بصيغة معرفة الدلالة. ولم ترد في حال النكرة في أي منها

.ثانياً :
وردت كلمة قرية في القرآن الكريم 29 مرّة منها 8 مرات معرّفة بأل . والباقي 21 وردت بصيغة النكرة

.ثالثاً:
إن كلمة قرية عامة الدلالة تشمل المدينة الكبيرة والضيعة الصغيرة. فكل مدينة تعتبر قرية . ولكن ليس كل قرية مدينة

رابعاً: قد تعني كلمة قرية أيضاً المصر أو الإقليم كقوله تعالى:

قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ.

.خامساً:وقد تعني أيضاً فئة أو قوم يسكنون في تجمع واحد مثل قرى قوم لوط وغيرها مما ذكر في القرآن مثل قوله تعالى:
(وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا) أي في كل قوم نذير
أو كقوله تعالى أيضاً ( وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ).
والمعلوم أن قوم لوط كانوا يسكنون قرىً كثيرة وليس قرية واحدة.

سادساً: وعلى ذلك فقد يكون ذكر القرية في كل المواضع القرآنية يدل على مكان جغرافي واسع هو أكبر من المدينة.
أو أنه يعطي دلالة عامة على قوم أو مصر ولا يقصد فيه بقعة جغرافية محددة كالتي تفيد عند استخدام كلمة مدينة.
ولهذا السبب لم تذكر المدينة في القرآن إلا معرفة بأل التعريف لتفيد الدلالة على بقعة معينة لا تتعداها.
والله تعالى أعلم