الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد

فهذه مجموعة من التنبيهات على أخطاء قد يقع فيها بعض المصلين من المهم للمسلم أن يعلمها حتى يجتنب الوقوع فيها اقتداءً بقول رسول الله r: ( صلوا كما رأيتموني أصلي )

ومنها

الدعاء بين إقامة الصلاة وبين تكبيرة الإحرام :

كقول المصلي حين يقول الإمام : استووا : استوينا لله ، أو يقول : اللهم أحسن وقوفي بين يديك ، ولا تخزنا يوم العرض عليك ، أو أن الإمام حين يقول:الله أكبر .. يقول البعض : عز وجل .

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن حكم الدعاء بين إقامة الصلاة وبين تكبيرة الإحرام وعن قول : اللهم أحسن وقوفي بين يديك وذلك قبل تكبيرة الإحرام .. فكانت الإجابة :

-( لا نعلم دعاءً مشروعاً بعد الإقامة وقبل تكبيرة الإحرام .. لكن المشروع أن يقول مثل ما يقوله المؤذن في إقامته

ويصلي على الرسولr,ويسأل له الوسيلة ثم ينتظر حتى يكبر الإمام ثم يكبر بعده ) .

· ومن الأخطاء : الجهر بالنية قبل الصلاة .. والنية ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونها ، وتكون في القلب أما التلفظ بها فبدعة ..وأدلة العلماء على بدعيتها كثيرة ..

وقد أوضح الإمام ابن القيّم رحمه الله بدعيّة التلفظ بها ثم قال ( كان النبيrإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر ، ولم يقل شيئاً قبلها ولا تلفظ بالنية ألبتّة . ولم يَنقُل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه تلفظ بها ، بل ولا عن أحد من أصحابه ، ولا استحسنه أحد من التابعين ، ولا الأئمة الأربعة ) .

وعليه فإن المؤمن مطالب بأن يعتقد النية في قلبه فيعلم أي صلاة هذه التي يصليها ، لا أن يجهر بذلك .. لأنه بدعة .

·ومن الأخطاء زيادة كلمة ( والشكر ) بعد قول المأموم ( ربنا ولك الحمد ) وهذه الزيادة لم تثبت عن رسول الله r.فلا يشرع قولها إذن .

· ومن الأخطاء أن بعض المصلين بعد قول المؤذن : قد قامت الصلاة ، يقول : أقامها الله وأدامها .. وهذا أمر غير مشروع لأنه لم يرد عن النبي r، وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حكم قول : أقامها الله وأدامها

فكان الجواب:

( الأصل في العبادات التوقيف وألا يعبد الله إلا بما شرع ولم يثبت عن النبي rأنه قال حينما سمع الإقامة : أقامها الله وأدامها ،لكن روي ذلك عند أبي داود بسند ضعيف أنه قال ذلك . وسبب ضعفه :أن في سنده رجلاً مبهما , والرجل المبهم لا يحتج به. وبذلك يتبين أنه في قوله : أقامها الله وأدامها عند قول المؤذن (قد قامت الصلاة ) غير مشروع لعدم ثبوته عنه rوإنما الأفضل أن يقول من سمع الإقامة مثل قول المؤذن . لأنها أذان

وقد قال النبي r{إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول }

2 ومن كتاب القول المبين في أخطاء المصلين يرشد بعض أهل العلم إلى أنه عند قول الإمام :إياك نعبد وإياك نستعين يخطأ البعض فيقول : استعنت بالله ، أو استعنت بك يارب .. أو أن يقول : رب اغفر لي ولوالدي ..

وهذا كله لم يرد عن النبي فهو غير مشروع إذاً .

وأما ما ورد عن النبي أنه كان إذا مر بآية مغفرة سأل ، وإذا مرّ بآية عذاب تعوذ : فإن ذلك مخصوص بالنوافل كالتراويح ، والوتر ، وقيام الليل .. لا في الفرائض .. كما أنه ليس منها قول : استعنت بالله إذ لم ترد عن النبي rلا في الفرض ولا في النفل .

* ومما درج عليه بعض المصلين من أخطاء /

المصافحة بعد الصلاة مع قول : تقبل الله ، وهذه من الأخطاء الشائعة ..التي لم ترد عن النبي

قال العز بن عبد السلام رحمه الله :

المصافحة عقب الصبح والعصر من البدع ، إلا لقادم فيجتمع معه فيكون السلام حين يقابله " أي قبل الصلاة " لأن المصافحة مشروعة عند القدوم ،

ونهج النبي أنه كان يأتي بعد الصلاة بالأذكار المشروعة مع الإستغفار ثلاثاً ثم ينصرف .

قال المؤلف : وإذا كانت هذه البدعة محصورة زمن المصنف بعد صلاتين فقد صارت في زمننا بعد كل صلاة .ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وقال ابن حجر رحمه الله : ما يفعله الناس من المصافحة عقيب الصلوات الخمس مكروهة ، لا أصل لها في الشرع .

وقال الشيخ ابن جبرين " حفظه الله " :

كثير من المصلين يمدون أيديهم لمصافحة من يليهم ، وذلك بعد السلام من الفريضة مباشرة ، ويدعون بقول : تقبل الله ، أو حرماً ، وهذه بدعة لم تنقل عن السلف .

أن تَعمّدَ السلام بعد الصلاة اعتقاداً أو تقليداً أمر غير مشروع في الدين .. وأما من رأى رجلاً غاب عنه أو لم يره من قبل الصلاة فإنه لا بأس في السلام عليه، لأن المشروع السلام عند اللقاء لا بعد الصلاة .

وأما من علم ببدعية هذا الفعل فالواجب عليه اجتنابه ، وإن صافحه أحد فعليه أن لا يتجاهله ولكن يبلغه السنة بأسلوب واضح .

ومن الأمور التي ينبغي أن يعلمها المسلمون والتي نص عليها علماء المذاهب كلها أن كل عمل يعمله المسلم من العبادات ينبغي أن يتوفر فيه شرطين رئيسيين ، بدونهما يصبح العمل أمراً مبتدعاً ، ويكون من الزيادة في الدين غير المشروعة .. وهذين الشرطين /

أولاً : الإخلاص لله تعالى بالعمل .. فلا يقصد بعبادته غير رضى الله وحده .

ثانياً : موافقة هدي النبي ، والسلف الصالح من بعده .

ولتطبيق هذين الشرطين فينظر المسلم لكل عمل يعمله فإن كان العمل لوجه الله وحده، وهو مما شرعه لنا نبيه فإن حينئذ يشرع عمله .

وإما إن اختل الشرط الأول :بأن كان العمل للرياء والسمعة مثلاً ، لا لوجه الله فالعمل باطل

قال rفي الحديث القدسي : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه )

وكذلك إذا اختل الشرط الثاني : بأن كان العمل لم يأمر به الله في كتابه ، ولم يشرعه رسوله r، ولم يؤثر عن السلف الصالح ، فإنه بدعة وزيادة في الدين ، مثالها : ما سبق ذكره من بدع

يشهد لهذا قول الرسول r: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي مردود .

ويجمع هذين الشرطين قوله تعالى :]فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ، ولا يشرك بعبادة ربه أحداً [

وليست حسن النية أو سلامة المقصد تجعل العمل صحيحاً ..بل يبقى الأمر بدعة ولو كان صاحبه حسن النية سليم المقصد .لفوات شرط قبول العمل .. وهذا الذي عليه علماؤنا من السلف والخلف ..

** ذكر الإمام أحمد يوماً أوقات النهي وأنه لا يجوز الصلاة فيها لنهي الرسول rعن ذلك فقال له رجل : يا إمام أيعاقبني الله على الصلاة ، فقال الإمام أحمد بفقهه وعلمه :لا ، وإنما يعاقبك على مخالفتك أمر رسوله r.

رزقنا الله الفقه في الدين ، واتباع سنة خير المرسلين ، ورزقنا حسن القول والعمل ، والقبول من بعد ذلك .

والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .