يعتبر مرض ارتفاع ضغط الدم بمثابة القاتل الصامت للمرضى المصابين به لأنه في غالبية الأحيان لا ينبئ عن نفسه بوجود أعراض ويتسلل كاللص الذي يسرق صحة الناس ويقتلهم.

يؤكد الدكتور ياسر محمد حزين، دكتوراه القلب والأوعية الدموية بطب عين شمس، استشاري القلب وقسطرة القلب، عضو الجمعية الأوروبية للقلب، أهمية السعي الدؤوب لاكتشاف ارتفاع ضغط الدم لدى المرضى المصابين به الذين لا يعانون أعراضاً تنبئ بوجود المرض وتعتبر المشكلة ذات حجم ضخم لا يؤثر فقط على الأشخاص وإنما يمتد للمجتمعات وقدرتها الصحية إجمالاً مما يعتبر أمناً قومياً، ومن المعروف أن أكثر من ربع سكان العالم عام 2000 بما يقارب بليون من البشر فوق الثمانية عشرة عاماً يعانون من ارتفاع ضغط الدم وهذا الرقم مرشح ليصل إلى بليون ونصف البليون عام 2025، والمشكلة التي يظن البعض أنها مشكلة خاصة بكبار السن، إلا أن ارتفاع ضغط الدم لا يرتبط بسن معينة وإنما كل المراحل العمرية ومنها الأطفال والشباب في مرمى الإصابة فما من مرحلة عمرية محصنة بيد أن الأسباب والمسببات قد تختلف من جنس لآخر ومن سن لأخري وإذا نظرنا إلى الشريحة العمرية الأصغر، التي قد تصاب بارتفاع ضغط الدم فإن أسباب الحدوث متعددة ومتنوعة حيث يصاب الأطفال الصغار والشباب بالمرض نتيجة عدة أسباب يمكن إجمالها في بعض أمراض الكلى وضيق الشريان الأورطي وضيق شرايين الكلي وارتفاع معدلات الكالسيوم بالدم وبعض الأمراض العصبية مثل بعض أورام الجهاز العصبي وارتفاع نسب الكورتيزون بالدم، ويشكل مرض توقف النفس أثناء النوم سبباً في بعض الحالات وارتفاع نسب إفراز الغدة الدرقية وانخفاضها، وتعتبر هذه الأسباب هي ما يعرف عنها بأنها أسباب ثانوية وهي التي يرتبط ارتفاع الضغط بها ويزول هذا الارتفاع بزوال هذه الأسباب وعلاجها كمسببات لارتفاع الضغط.
ويضيف الدكتور ياسر محمد حزين: يعاني الشباب من ارتفاع ضغط الدم دون سبب واضح يمكن تشخيصه وهو ما يعرف بارتفاع ضغط الدم الأولي أو الأساسي ويكون الاستعداد الجيني لدى الشخص هو المحرك الأول لحدوث المرض حال توافر العوامل البيئية التي تساعد علي تطور الوضع مثل الإكثار من تناول ملح الطعام والتدخين والسمنة وانعدام ممارسة الرياضة والتوتر الدائم والحياة الرتيبة المملة.
وتجدر الإشارة إلى أن وجود أسباب في حالة الارتفاع الثانوي فإن المريض قد يشعر ببعض الأعراض التي قد توحي بالمشكلة مثل العرق الغزير وتسارع دقات القلب ونقص الوزن والتوتر الدائم في حالة ارتفاع إفراز هرمونات الغدة الدرقية على سبيل المثال، أما في حالة ارتفاع ضغط الدم دون سبب واضح لارتفاع ضغط الدم الأساسي فإن المريض قد يكتشف بالصدفة لأنه في العادة لا تصاحبه أعراض واضحة وظهور الأعراض لا يتحتم أن يكون الصداع «العرض الأشهر» هو العرض الذي يشتكي منه المريض وإنما قد يشعر ببعض النهجان غير المفسر والإعياء وعدم القدرة على بذل مجهود أو بعض الاضطراب في التوازن.
ويشير الدكتور ياسر محمد حزين إلى حتمية السعي لتشخيص السبب الذي أدى لارتفاع الضغط مثل الفحوصات المعملية كصورة الدم الكاملة وتحديد نسب الكوليسترول ودهنيات وحمض البوليك ونسب الأملاح المعدنية بالدم، وتحليل البول ووظائف الكبد والكلى وضرورة عمل الموجات فوق الصوتية للقلب والموجات الصوتية على البطن والحوض، وحينما نأتي للعلاج ينبغي معالجة المسبب في حدوث الضغط في حالة ارتفاع ضغط الدم الثانوي كمعالجة خلل الغدة الدرقية بالعقاقير أو بالاستئصال في بعض الحالات وكوضع دعامة في شريان الكلى في بعض الحالات النادرة أو كي التهابات العصبية بشرايين الكلى في حالات نادرة أيضاً، وحديثاً في بعض الحالات يتم حالياً دراسة تركيب المجسات بالشرايين السباتية لتعديل وضع استجابة الجسم لارتفاع الضغط ويستخدم طبيب القلب أنواعاً عديدة من العقاقير التي تساعد علي علاج النوع الأول «الأساسي» لارتفاع الضغط، كل مريض حسبما يتوافق معه من الدواء، حيث إن انتقاء النوع والجرعة يعتبر عوامل حاسمة في السيطرة على ارتفاع الضغط ويبقى التحكم في العوامل البيئية حجر زاوية في العلاج، حيث يظل الإقلال من ملح الطعام وممارسة الرياضة وخفض الوزن والإقلال من الدهون والإكثار من تناول الخضراوات والفاكهة والسلاطة الخضراء عوامل فارقة في خفض ضغط الدم المرتفع.