سيرته


كان حبيب بن زيد وأبوه زيد بن عاصم -رضي الله عنهما- من السبعين المباركين في بيعة العقبـة الثانيـة، وكانت أمه نسيبة بنت كعب أولى السيدتين اللتين بايعتا الرسول -صلى الله عليه وسلم- أما السيدة الثانية فهي خالته، ولقد عاش إلى جوار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته إلى المدينة لا يتخلف عن غزوة ولا يقعد عن واجب...

كتاب مسيلمة للرسول ورد الرسول عليه

في آخر السنة العاشرة... بعث مسيلمة بن ثمامة إلى رسول الله- كتابا جاء فيه: (من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، سلام عليك، أما بعد فاني قد أشركت في الأمر معك، وان لنا نصف الأرض، ولقريش نصف الأرض، ولكن قريشا قوم يعتدون)...

فرد عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكتاب جاء فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من اتبع الهدى، أما بعد فان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين)...

مبعوث الرسول لمسيلمة

ومضى الكذاب ينشر أفكه وبهتانه، وازداد أذاه للمسلمين، فرأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يبعث له رسالة ينهاه فيها عن حماقاته، ووقع الاختيار على حبيب بن زيد ليحمل الرسالة... وفض مسيلمة كتاب رسول الله له فازداد ضلالا وغرورا، فجمع مسيلمة قومه ليشاهدوا يوما من الأيام المشهودة... وجيء بمبعوث رسول الله وأثار التعذيب واضحة عليه...

فقال مسيلمة لحبيب: (أتشهد أن محمدا رسول الله؟)... وقال حبيب: (نعم، أشهد أن محمدا رسول الله)...

وكست صفرة الخزي وجه مسيلمة، وعاد يسأل: (وتشهد أني رسول الله؟)... وأجاب حبيب في سخرية: (اني لا أسمع شيئا!!)...

وتلقى الكذاب لطمة قوية أمام من جمعهم ليشهدوا معجزته، ونادى جلاده الذي أقبل ينخس جسد حبيب بسن السيف، ثم راح يقطع جسده قطعة قطعة، وبضعة بضعة وعضوا عضوا... والبطل العظيم لا يزيد على همهمة يردد بها نشيد إسلامه: (لا اله إلا الله، محمد رسول الله)...

الثأر للشهيد

وبلغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- نبأ استشهاد حبيب بن زيد، واصطبر لحكم ربه، فهو يرى بنور الله مصير هذا الكذاب، أما أمه نسيبة بنت كعب فأقسمت على أن تثأرن لولدها من مسيلمة... ودارت الأيام وجاءت معركة اليمامة، وخرجت نسيبة مع الجيش المقاتل، وألقت بنفسها في خضم المعركة، في يمناها سيف، وفي يسراها رمح، ولسانها يصيح: (أين عدو الله مسيلمة؟)... ولما قتل مسيلمة وأتباعه، رأت نسيبة وجه ولدها الشهيد ضاحكا في كل راية نصر رفعت...