السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فالمرأة نصف المجتمع،وهي تلد النصف الآخر،وهي نصف الدِّين لمن ظفِـر بها،قال عليه الصلاة والسلام(من تزوّج فقد استكمل نصف الإيمان،فليتق الله في النصف الباقي)رواه الطبراني،وحسّنه الألباني،وكأن في هذا إشارة إلى العزاب بنقص دينهم بل إشارة إلى الرجال جميعاً أن دينهم وإيمانهم لا يكمل إلا ( بامرأة ) فهم بحاجة إلى النصف الآخـر شرعاً وعقلاً،وليس مجرّد تحصيل حاصل بل هـو الفـوز والظفـر،بذات الدين،بالمرأة المتدينة الصالحة،فإذا تعددت وتنوّعت واختلفت مقاصد الناس في الزواج فعليك بالظفر والفـوز بصاحبة الدِّين(تُـنكح المرأة لأربع،لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها،فاظفر بذات الدين ترِبَتْ يداك)متفق عليه،
ومعنى تربت يداك،أي التصقتا بالتّراب،كناية عن الفقر،
إذا كانت غاية خلق الإنسان هي وصوله إلى كمال السعادة الحقيقية والعبودية الصادقة لله سبحانه،هي المرأة الصالحة التي تشد ازره وتعضده على دينه ودنياه وتحوطه من الوضوع في مأزق المعصية والذنوب،وتكفل له أجواء الحب والانس والسكينة والطمأنينة وتقاسمه أفراح الحياة واتراحها،فقد جاء في الحديث عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم(ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عزّ وجلّ خيراً من زوجة صالحة)أخرجه الترمذي،في حياة الزوج الصالح المؤمن كالتقوى التي تردع صاحبها عن الوقوع في مطبات الهوى واحابيل الشيطان،وأيضاً الحصن الحصين والعز المنيع للزوج،وكما انّ الإنسان يسعى في سبيل الحصول على سعادته لتحقيق امانيه،فكذلك عليه أن يسعى جاداً للظفر بامرأة صالحة تكون سنداً له،كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم(الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة)رواه مسلم،إنّ الله سبحانه حبب الدنيا جميعاً حب الشهوات وزينها في قلوبنا،إذاً فإنّه لا يحاسبنا على ما فطرنا عليه وأودعه في نفوسنا وجبلتنا من الميل الفطري إلى الشهوات الدنيوية والتعلق بها (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ)آل عمران،
فلم يدع أمراً تتعلق بها النفوس وتنجذب إليه القلوب الا وذكره في هذه الآية الشريفة،على رأسها (حب النساء) وهي أعذب هذه النعم وأرق هذه الشهوات،فالزوج الطيب للمرأة المؤمنة،والزوجة الطيبة للرجل المؤمن (والطيبات للطيبين)النور،وهي طاعة الله ورضوانه،في هذه الدنيا من اللذات والشهوات فإنّه متاع الدنيا الفانية وما عند الله من الرضوان فهو خير وأبقى،فلابدّ له أن يتخذ من كل ما في الدنيا قنطرة للوصول إلى الآخرة،هذه الحياة الدنيا هي مزرعة الآخرة،والحياة الدنيا جنة إذا عرفت الله،لأنه عن طريق الحياة الدنيا تكتسب آلية دخول الجنة بعباداتك، بطاعاتك،بإنفاقك،بتربية أولادك،بالدعوة إلى الله ،برعاية المساكين،
فهذه النعم الدنيوية وهذه الشهوات إنما هي وسائل وأدوات يتوسل بها العبد المؤمن لقضاء ساعات هذه الدنيا الزائلة فيصل بها إلى ملك دائم ونعيم لا يبلى فيحصد ما قدم فيها ويجني ثمار ما زرعه في الدنيا،لهذا فإن رضوان الله فوق كل شيء ولذته فوق كل لذة ولا يناله إلا ذو حظ عظيم،
لماذا ذات الدّين بالذات،لأنها خير متاع الدنيا،
ولأنها تُعين على الطاعة،
(ليتخذ أحدكم،قلباً شاكراً،ولساناً ذاكراً،وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة)رواه الإمام أحمد وغيره ،وصححه الألباني،
ولأنها من خصال السعادة،
ثلاث من السعادة،
المرأة تراها تعجبك،وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك،
والدابة تكون وطية فتلحقك بأصحابك،
والدار تكون واسعة كثيرة المرافق،
وثلاث من الشقاوة،
المرأة تراها فتسوءك،وتحمل لسانها عليك،وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك،
والدابة تكون قطوفًا فإن ضربتها أتعبتك،وإن تركبها لم تلحقك بأصحابك،
والدار تكون ضيقة قليلة المرافق)رواه الحاكم،وهو في صحيح الجامع،
لأنها أمان نفسي،
(خير النساء من تسرّ إذا نظر،وتطيع إذا أمر،ولا تخالفه في نفسها ومالها)رواه الإمام أحمد وغيره،وحسنه الألباني،
فأي فوز،بعد تقوى الله،أعظم من الفـوز بامرأة صالحـة،
وقوله صلى الله عليه وسلم عن المرأة الصالحة،وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك،
أن الرجل،أيّاً كان،بحاجة إلى المرأة المتدينة،والمرأة بحاجة إلى الرجل المتديّن،
لأن الدِّين الذي يحمي صاحبه في حالة غياب أحدهما عن الآخر يبقى الودّ محفوظاً،لا لأجل الطرف الآخر فحسب،بل لأن المتديّن،حقيقة،يُراقب الله،ويعلم أن الله مُطّلع عليه،تأملوا حال المرأة المسلمة الصالحة التي تحفظ زوجها وإن غاب عنها السنوات الطوال فهي،لا تخالفه في نفسها ومالها،
وإن نظر إليها أعجبته،وإن غاب عنها أمِنها على نفسها وعلى ماله،
فَاظْفَـرْ بِذَاتِ الدِّيْنِ تربت يداك،