فى مجموعتها القصصية "لوح رخام أبيض" تعمل "تسنيم فهيد" على إعادة ترتيب لوحة من الفسيفساء لتشكل بها ما يلاءم مزاجها ولتصنع لوحًا من الرخام الأبيض يتشكل فى داخله مجموعة من الذكريات التى تجعل إطار اللوح أبيضًا لا يشوبه أى شىء مما يعكر بياضه، محاولة بذلك أن تنتصر على الحياة التى هزمتنا كثيرا ولا تتوانى عن ذلك، حتى وإن رحلنا عنها.

فمنذ القصة الأولى التى تحمل عنوان مجموعتها تعبر "تسنيم" بلغة بسيطة عن رغبتها فى شراء لوح من الرخام الأبيض لا تعرف فى البداية مواصفاته القياسية لتضعه كشاهد على قبرها وتدون عليه جمل قصيرة قالها "من أحبونى فقط" بخطهم كصكوك الأمان والسلام فى رحلتها للعالم الآخر.

مثقلةٌ هى روح الكاتبة بكثير من المشاهدات التى تمر أمامنا ليل نهار ولا نعبأ بها كطلوع الشمس واقتحام الليل، فنجد أنها تتبع خطوط بسيطة جدًا تتعرض لها فى حياتها، تلك الخطوط التى تؤرقها فتدونها حتى لا ينتصر الزمان بقسوته عليها، ففى قصة بعنوان "مترو" تتبع الكاتبة سبع حكايات بسيطة جدًا، عن المرأة العجوز والفتاة ونظرة بينهما فى عربة السيدات، والولد بائع الحلوى الذى أراد من الركاب أن يشتروها منه لينهى عمله ويخرج ليحتفل بعيد ميلاده، وتلك المرأة التى تنعم بدفء الأمومة وتجد متعتها فى النظر للأطفال وإضحاكهم، وكذلك الشيخ الضرير الذى ظل يدعو لفترة طويلة بعد أن أنقده أحدهم نظير عبوة مناديل عملة ورقية جنيهًا فضيًا، ولم يعلم أبدًا أنها كانت فتاة ترتدى حذاءً رياضيًا لا يُحدث صوتًا فهيأ له أنه رجل، فأرسل دعوته للسماء بصيغة المذكر.