تملك أسماك أبو منقار (الخرمان) والإلبوت التى تشبه الإنقليس عظام غريبة جدا ذات لون أخضر مائل إلى الزرقة، لماذا إذا لا تمتلك هذه الأسماك هياكل عظمية بيضاء مثل معظم الأسماك الأخرى؟ سؤال كانت له تفسيرات لا حصر لها على مر السنين، ومعظمها كانت خاطئة تماما.

وتستوطن أسماك أبو منقار، والتى تمتلك فما مدببا ولحوما بيضاء لذيذة، فى بحر الشمال وبحر البلطيق، وكذلك البحر الأبيض المتوسط وشمال الأطلسى. وتحظى هذه الأسماك بقيمة كبيرة فى جزيرتى روجين ويوزدوم ببحر البلطيق، حيث تعد من أشهى الوجبات الموسمية.

لكن يمكن الآن التخلص من أساطير الماضى هذه واستبدالها بحقائق مجردة. فقد كشف علماء التسمم الغذائى والكيمياء التحليلية فى جامعة الطب البيطرى فى هانوفر السر وراء العظام الملونة بشكل غير طبيعى لأسماك أبو منقار والإلبوت.

ويظهر البحث الذى أجراه البروفيسور فالديمار تيرنيز وفريقه أن هذه الألوان تنتج عن صبغة بيليفيردين، وهو منتج ذا لون أخضر وأزرق ينشأ عن تحلل الهيموجلوبين.

ولطالما راود العلماء شكوكا فى أن البيليفيردين هو المسؤول عن تلون عظام أسماك أبو منقار والإلبوت بالإضافة إلى الصبغة خضراء اللون فى قشر بيض طائر الإمو الأسترالى الذى يشبه النعامة.

إلا أنه فقط بمساعدة منظار الطيف تمكن الباحثون أخيرا من إثبات وجود صبغ اللون فى عينات من الأسماك.

كما دحض فريق من الكيميائيين فرضية متنافسة ثانية فى هذا الصدد مفادها أن الفيفيانيت، معدن فوسفات الحديد، هو المسئول عن ظاهرة التلوين هذه.

وأوضح تيرينز أن "تركيز الحديد مقارنة مع أنواع الأسماك الأخرى كان أعلى إلى حد ما، لكنه غير كاف لأن يكون السبب فى عملية التلوين".

ولم يجر العلماء حتى الآن بحوثا عن السبب فى أن أنواعا أخرى من الأسماك ليس لديها أيضا عظام خضراء.

وبما أن صبغة البيليفيردين ليست سامة، فإن أسماك أبو منقار يمكن أن تظل تمثل طبقا غذائيا موسميا على قوائم المطاعم فى البلدات والقرى الساحلية فى جميع أنحاء أوروبا.