النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    5,377

    افتراضي شهر رجب ... ومعجزة الإسراء والمعراج

    شهر رجب ... ومعجزة الإسراء والمعراج


    يقول المولى سبحانه وتعالى { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهمن أنفسكم } (التوبة 36) .
    وعن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع فقال : [ ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ، ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ] ( رواة أحمد والبخاري )



    والحديث الشريف تقرير وتأكيد من الذي لاينطق عن الهوى على أن الزمان عاد كما كان عليه في أول الأمر يوم خلق المولى سبحانه وتعالى السموات والأرض دونما نقص أو تبديل أو نسيئ كما كان يفعلى المشركون من تحليل لما حرم الله وتحريم لما أحل فيحلون الشهر الحرام ويحرمون الشهر الحلال ليواطئوا عدة ماحرم الله . فالأشهر الحرم أربعة : ثلاثة سرد وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد فرد وهو رجب وذلك من أجل أداء مناسك الحج والعمرة . فقد حرم شهر ذو القعدة لأنهم يقعدون فيه عن القتال ، وحرم شهر ذو الحجة للقيام فيه بمناسك الحج ، وحرم شهر المحرم بعد الحج ليعودوا فيه إلى بلادهم آمنين ، بينما حرم شهر رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب . وقد وصف صلى الله عليه وسلم شهر رجب بأنه رجب مضر الذي يقع بين جمادى وشعبان وليس رجب ربيعه كما كانت تظن العرب في الجاهلية . وهذا الشرح الواضح من رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشهر الحرم هو الشرع المستقيم للدين القيم الذي جاء في كتاب الله الأول . ولحرمة هذه الأشهر جعل الله سبحانه وتعالى الذنب فيهن أعظم وكذلك العمل الصالح والأجر أعظم من سواها . فهيا بنا نشّمر عن سواعدنا ونغتنم فرصة الشهر الحرام بعمل الصالحات واتباع أوامر الله وتجنب نواهيه وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ، عسى الله أن يتقبل منّا .




    ومن أهم الأحداث التي وقعت في شهر رجب الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة وقصة الإسراء والمعراج وغزوة تبوك . ولكن تبقى قصة الإسراء والمعراج أجل الأحداث على الإطلاق لأنها بحق معجرة بكل المقاييس وقد جاء ذكرها في القرآن الكريم كما فصلتها السنة النبوية الشريفة.
    أما الإسراء فقد جاء ذكره في السورة التي تحمل نفس الإسم في الآية الأولى { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير } (الإسراء 1 ) . بدأ المولى سبحانه وتعالى هذه الآية الكريمة بالتسبيح ليبين أهمية وعظمة الحدث والذي لايقدر عليه أحد سواه فهو القادر على كل شئ . كما تظهر لنا الآية بوضوح ذلك الربط الجميل بين المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد الأقصى أول القبلتين وثالث الحرمين الشريفين والذي بارك الله حوله وفيه نرى أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو إمام المرسلين بعد إمامته للأنبياء والرسل ليدل أيضا على وحدة الدين من لدن آدم عليه السلام إلى خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله . وهنا نرى أهمية المسجد الأقصى للمسلمين فعليهم حمايته والدفاع عنه فهل نتخذ من هذه الذكرى العطرة العبرة وأن نعتصم بحبل الله جميعاً من أجل الذود عنه ؟ وفى قول المولى سبحانه وتعالى { إنه السميع البصير } أي السميع لأقوال العباد والبصير بأحوالهم . فقد عانى المصطفى صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء من عدم اتباع الناس لدعوته وأنهم تخلوا عنه ، كما كان العام بالنسبة له عام حزن لوفاة السيدة خديجة رضي الله عنها وارضاها ، رفيقة حياته التي كانت أول من آمن به ووقفت بجانبه ففقد بفراقها الرفيق والحبيب ، كما فقد عمه أبي طالب الذي كان الحامي والواقي له من إيذاء قريش والذي زاد بعد وفاته فذهب إلى الطائف لعله يجد من ينصره فكانوا أكثر قسوة من غيرهم بل ورماه الصبية والسفهاء بالحجارة حتى أدموا قدمية الشريفين فعاد من الطائف يشكوا إلى الله ضعف قوته وقلة حيلته وهوانه على الناس , فأراد السميع البصير أن يسري عن نفس رسول الله الحزينة ويعوضه عما أصابه من أذى وحزن وكأنه يقول له أنه إذا ضاق بك الناس فمرحباً بك عند رب الناس وإن ضاقت بك الأرض فأهلاً بك في ملكوت الله بالسماء فسبحان الذي اسرى بعبده ليهون عليه وليريه من الآيات الكبرى ليكون خير تكريم لخير المرسلين . أما بالنسبة لأصحابه الكرام فكان حادث الإسراء امتحاناً واختباراً لهم فثّبت الله به الذين آمنوا وفرق بينهم وبين المنافقين خاصة أن هذا الحادث العظيم كان قبيل الهجرة الكبرى إلى يثرب ، فإراد الله بذلك أن يكون المهاجرون على يقين من أمرهم ومن تصديق لنبيهم حتى يصمدوا في الرسالة ويبلغوا الأمانة كما قال تعالى { وما جعلنا الرؤيا التى أريناك إلا فتنه للناس } .



    ولم يصدق أكثر الناس حديث الرسول الكريم عن هذا الحادث المبارك متعللين بأن العير تقطع هذه المسافة ذهاباً في شهر وإياباً في شهر فذهبوا إلى أبي بكر قائلين له أن صاحبك يقول أنه ذهب إلى بيت المقدس وصلى فيه ثم عاد إلى مكة في الليلة نفسها . فقال لهم أبوبكر والله لئن كان قاله لقد صدق ، فو الله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه . ثم أقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله . أحّدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليله ؟ قال : نعم . قال أبو بكر : يانبي الله ، صفه لي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فرُفع لي حتى نظرت إليه ، فجعل يصفه لإبي بكر ويقول أبوبكر : صدقت ، أشهد أنك رسول الله ، حتى إذا انتهى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : وأنت يا أبا بكر الصّدّيق ، فيومئذ سماه الصّدّيق . [ مختصر سيرة ابن هشام ] .



    وفى حديث الإمام أحمد أن الرسول عليه الصلاة والسلام بعد أن صلى ركعتين بالمسجد الأقصى وخرج أتاه جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن ، فأختار رسولنا الكريم اللبن ، فقال له جبريل : أصبت الفطرة . أما حديث أنس بن مالك فقال أن جبريل عرض عليه الخمر والماء واللبن ، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن ، فقال له جبريل : أصبت الفطرة ، ولو شربت الماء لغرقت وغرقت أمتك ، ولو شربت الخمر لغويت ولغوت أمتك .
    ثم عرج به جبريل عليه السلام بدءاً بالسماء الدنيا حتى السماء السابعة وانتهى به عند سدرة المنتهى . وقد جاء ذكر المعراج في سورة النجم : الآيات 13 - 18 { ولقد رآه نزلة أخرى . عند سدرة المنتهى . عندها جنة المأوى . إذ يغشى السدرة ما يغشى , مازاغ البصر وما طغى . لقد رأي من آيات ربه الكبرى } . وفي السماء الدنيا التقى رسولنا الكريم بآدم أبي البشر عليه السلام وفي السماء الثانية التقى ابني الخالة يحي وعيسى عليهما السلام وفي السماء الثالثة التقى يوسف عليه السلام وفي السماء الرابعة التقى إدريس عليه السلام وفي السماء الخامسة التقى هارون عليه السلام وفي السماء السادسة التقى بموسى عليه السلام وفي السماء السابعة التقى إبراهيم عليه السلام . ولقاء الحبيب المصطفى بالأنبياء خلال رحلة المعراج دليل آخر على وحدة الدين ، فالدين واحد من أول الرسل والأنبياء حتى النبي الخاتم وإن اختلفت الشرائع { لكل جعلنا شرعة ومنهاجا } ( المائدة 48 ) . كما اتحدت كلمة الترحيب من رسل الله جميعاً إلى خاتم الرسل عليه الصلاة والسلام : مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح . ثم كانت سدرة المنتهى وغشيها من أمر الله تعالى عظمة عظيمة من فراش من ذهب وألوان متعددة ، وغشيتها الملائكة ورأى البيت المعمور ورأى الجنة والنار وفرض الله عليه هنالك خمسين صلاة في كل يوم وليلية ثم خففها إلى خمس رحمة منه ولطفاً بعباده ثم عاد رسول الله إلى بيت المقدس فركب البراق وعاد إلى مكة المكرمة .



    ومن قصة المعراج تتضح لنا أهمية الصلاة وعظمتها التي فرضها الله بذاته العليه مباشرة بغير واسطة من فوق سبع سماوات لتكون أهم الفرائض فهى الفاصل بين المؤمن والكافر وأول ما يسأل عنه العبد ويحاسب عليه وهى عماد الدين ومن أقامها فقد أقام الدين وأنها معراج المؤمن إلى رب العالمين .



    ونعود إلى سورة النجم الذي افتتحها سبحانه وتعالى بالقسم ليبين أهمية وعظمة الحدث { والنجم إذا هوى . ما ضل صاحبكم وما غوى . وما ينطق عن الهوى . إن هو إلا وحى يوحى . علمه شديد القوى . ذو مرة فاستوى . وهو بالأفق الأعلى . ثم دنا فتدلى . فكان قاب قوسين أو أدنى . فأوحى إلى عبده مآ أوحى . ما كذب الفؤاد مارأى . أفتمارونه على مايرى . ولقد رآه نزلة أخرى . عند سدرة المنتهى . عندها جنة المأوى . إذ يغشى السدرة مايغشى . ما زاغ البصر وما طغى . لقد رأى من آيات ربه الكبرى } الآيات : 1 - 18 .



    يشهد الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه راشد ، تابع للحق وليس بضال ولا غاوي فهذا تنزيه من الله لرسوله عن مشابهة أهل الضلال ، بل إنه لا يقول قولاً عن هوى أو غرض ، إنما يقول ما أمر به ربه من وحي يبلغه للناس من غير زيادة أو نقصان ، وما كذب فؤاده ما رأى ، وأنه عرج به إلى سدرة المنتهى التي يغشاها فراش من ذهب وفرضت عليه هنالك الصلوات الخمس وما زاغ بصره يميناً ولا شمالاً وما جاوز ما أمر به ولا سأل فوق ما أعطي ، وتنتهى الآيات بالدلالة على قدرة الله وعظمته جل جلاله . [ مختصر تفسير ابن كثير ]



    هذا وبالله التوفيق والحمد لله على نعمة الإسلام وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا


  2. #2
    الصورة الرمزية فارس007
    فارس007 غير متواجد حالياً عضو المتداول العربي
    تاريخ التسجيل
    Sep 2011
    المشاركات
    207

    افتراضي

    يعطيك العافية


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17