المصور الذي اختطف في غزة يروي تجربته في الأسر
روى أولاف ويغ أحد الصحافيين اللذين اختطفا في غزة لمدة أسبوعين، مجريات ما تعرض له لبي بي سي.
ووصف ويغ النيوزيلاندي الجنسية الذي يعمل مصورا حرا لقناة فوكس نيوز الأمريكية ما جرى يوم اختطفوه مسلحون مع زميله المراسل الأمريكي ستيف سنتاني.
أولاف ويغ: كنا على الطريق وكانت أمامنا سيارة تسير ببطئ، وثم توقفت، وخرج منها أربعة رجال مسلحين بالكالاشنيكوف والمسدسات.
كل شيء حدث بسرعة لكن المراسل أخرج فورا من السيارة ووجه مسدس إلى رأسه. وخرج الحارس الأمني من السيارة وبقيت أنا وحدي في السيارة فيما شجعني أحد الرجال المسلحين على الخروج.
انتهى الأمر بنا في شاحنة صغيرة تجولت في شوارع مدينة غزة.
سؤال: هل قالو لكم أي شيء حول سبب اختطافكم؟
جواب: ستيف المراسل سألهم فورا لماذا تم اختطافنا وإلى أين نؤخذ. وكان الجواب الوحيد والفوري من المسلح الجالس إلى يساري الذي قال: إنكم ذاهبون إلى الجحيم.
س: ماذا فعلوا بكم بعد ذلك؟
ج: دخلنا مرحلة التسلم والتسليم من فريق إلى آخر.
أعتقد أن أول مجموعة تولت حراستنا هي مجرد مرتزقة. لم نرهم مجددا بعد ذلك. فقد تم تسليمنا بسرعة إلى جماعة أخرى، ونحن مقيدين ومعصوبي العينين، كما نزعوا منا كل أملاكنا الشخصية. ثم تم نقلنا على ما أعتقد إلى الطابق الأرضي من مسجد، لكن لم يكن بامكاننا رؤية أي شيء.
س: كيف عاملوكم هناك؟
ج: بداية كانت المعاملة خشنة. هذه تقنية معروفة. العديد من الذين يقومون بهكذا أعمال هم على الأرجح اختبروا هذه الأمور في السجون الاسرائيلية، ويعرفون اساليب تقويض المعنويات.
لذلك هم ينزعون منك كل شيء شخصي، كالساعات مثلا، كما يعطوك ملابس أخرى غير ملابسك. والنتيجة أنك في النهاية تنزع منك فرديتك، وأعتقد أن هذا كله في إطار تقويض المعنويات.
س: لكن هل تحسنت الأمور؟
ج: نعم، الأمور تحسنت بشكل تدريجي وكلما أزالوا عنا المصاعب ازداد حسن النية.
بعد فترة تبدأ بالتعاطف مع خاطفيك لأن ذلك يجعل الحياة أسهل بكثير بالنسبة لك، فأنت لا تريد أن يعاملوك بخشونة، ولا تريد أن يعيدوا تقييد يديك، أو عصب عينيك، لذا فتقوم بما يطلبونه.
س: هل تتعاطف معهم الآن؟
ج: إلى حد ما، نعم. لا يمكنك أن تمضي اسبوعين مع هؤلاء الناس دون أن تتعرف عليهم بشكل معقول. حين تركت المسلح الذي يتحدث الانكليزية والذي كان يعتني بنا، ودعته بحرارة وغمرته. قلت إنني سعيد بالمغادرة، وشكرته على الاعتناء بنا.
س: هل اتضح سبب اختطافكم؟
ج: أعتقد أن ثمة مفاوضات معقدة جدا تجري. نحن لا زلنا لا نعلم من الذي اختطفنا.
على الأرجح أن الشخص الأول الذي سلمنا إليه هو قام بعملية شبيهة بعمليات المافيا.
على الأرجح أنهم هم من أمر بالاختطاف، وأعتقد أن مصلحتهم في ذلك تتعلق بالنفوذ السياسي والمال.
لكنهم سلمونا فورا إلى جهة ثانية، إلى جماعة جهادية. هذا أمر فريد في غزة، وهو أن عمليات الاختطاف كثيرة لكن الدافع غالبا ما يكون واضحا، كما أن فترة الاحتجاز إجمالا قصيرة جدا.
هذه أمر جديد كليا: أولا لأنه استمر كل هذه الفترة وثانيا لأن جماعة جهادية متورطة، على الأقل في جزء من العملية.
س: جهاديون ارادوا الظهور إعلاميا؟
ج: أعتقد أن هذا كان هدفهم. أعتقد ذلك.
س: لكن لا تعرف من هم؟
ج: أعتقد أن الهدف بالنسبة للجهاديين هي القدرة على إصدار شريط مصور. أرادوا أن يعلنوا عن وصولهم على الساحة بشكل دراماتيكي، وأفضل سبيل إلى ذلك هو تقليد البعض، كمقتدى الصدر.
س: طبعا كنتم معنيين بهذا الشريط. ما كان شعورك حيال انتاجه؟
ج: حين أعلنوا لنا عن رغبتهم بانتاج شريط، كان رد فعلي الأول أنه بالنسبة إلينا الموضوع ليس مستحبا، لأنه سبق لنا ان شاهدنا هذه الأشرطة، ونعرف ما هي النهاية، وهي أن رؤؤسنا ستكون ملقاة على الأرض إلى جانبنا. لكنهم قالوا فورا: لا تكن سخيفا، هذه فلسطين وليست العراق. لكن مع ذلك الموضوع ليس مطمئنا.
س: إذا باشروا بانتاج الشريط وأجبروكم على قول بعض الأمور؟
ج: نعم.
س: هل كنت تعتقد في تلك المرحلة أنك ستخرج حيا من التجربة؟
ج: قيل لي في وقت سابق إنهم يفهمون أن لا مشاعر سوء النية بين نيوزيلاند والعالم الإسلامي، ولذلك سوف يطلق سراحي. لكنهم وجهوا تهديدات مباشرة إلي حول زميلي وقالوا لي إنهم يعتبرونه رجلا خطيرا للغاية وإنهم سوف يقتلونه.
ومن حين إلى آخر ظننت أنهم تخلوا عنا سوية وأنهم سيقتلوننا.
س: متى أدركت أنكما بأمان؟
ج: ليس قبل أن تتوقف السيارة أمام الفندق الذي كنا نقيم فيه وقول أحد الحراس: يعقوب يلّى. يعقوب كان الإسم الذي أطلقوه علي. نظرت من النافذة ورأيت البوابات الأمامية للفندق وادركت حينها أنهم وفوا بوعدهم وأننا بالفعل بتنا أحرار.
لم أكن بحاجة إلى دعوة ثانية. قفزت من السيارة وركضت منها إلى الفندق.
س: لكن لماذا أطلقوا سراحكم؟ هل كان ذلك نتيجة للمفاوضات؟
ج: أعتقد أن الجواب الصريح على ذلك هو أن لا احد سيعلم لماذا تحديدا أطلقوا سراحنا.
على الارجح أن ذلك كان نتيجة المفاوضات. قد يكونوا قد حصلوا بشكل أو بآخر على ما أرادوه لأنه في الساعة الثالثة من الصباح الباكر يوم أطلق سراحنا أيقظونا من النوم وسط جو من الحماسة، وقالوا لنا: اليوم ستستعيدون حريتكم. وعلمت أن شيئا ما قد حصل.
س: أنت تكسب معيشتك من عملك كمصور في غزة. هل ستعود؟
ج: هذه هي المسألة. إذا لم أعد، علي ان أفكر بطريقة أخرى لكسب المعيشة. علي ان أطرح على نفسي أسئلة صعبة خلال فترة قصيرة. الخطر بالنسبة إلى الصحافيين الذين يعملون بشكل حر دون أن يكونوا موظفين هي أن غزة لطالما كانت منطقة يصعب تناولها.
الوضع هناك خطير لأكثر من سبب، وبالنسبة للكثير من القنوات، فقد أصبحت غزة منطقة لا يذهبون إليها. وهذا ما أظن أنه يشكل مأساة بالنسبة لشعب غزة لأن يجب أن تنقل قصتهم إلى العالم، والسبيل الأفضل لنقلها هو أن يكون مراسلون دوليون هناك في الشوارع ليروا ما يحدث يوميا بالنسبة للناس في غزة. لحظة يتوقف ذلك أعتقد أن الموضوع سيشكل مأساة.