♥♥
بسم الله الرحمن الرحيم

دور الإدارة التربوية في الإصلاح

· من الطبيعي أن تواجه الحركات الإصلاحية بشتى أنواع المقاومة المعلنة والمضمرة.
· إلا أن التحولات المعاصرة فرضت بفضل أدواتها التحليلية المتطورة توجها يقضي بانخراط الفاعلين التربويين في تنظيف السياسة
التربوية
و في تصورها والمساهمة في تحقيق أهدافها ، لأن دورهم لا يقتصر على تطبيق القوانين والالتزام بالقواعد ، بل إن عليهم تعليل هذا التطبيق ،
ولكي يتأتى لهم ذلك ، فإن أولى المهارات (habiletés)
التي يجب أن تتواتر لدى أطر الإدارة التربوية إعمال الاجتهاد وما يتفرع عنه من ابتكار
وخلق وإبداع ونبذ لسلوك الانتظارية والبحث عن المظلة والوسيط في أبسط الأمور.
1-2- اللامركزية ولاتركيز التدبير
تقضي سياسة اللامركزية واللاتركيز إعادة توزيع الأدوار بين السلطات المركزية والجهوية والمحلية وتحديد المجال والمدى الذي يمكن كل طرف
من التحرك وفق ضوابط وقواعد متوافق عليها ومفتوحة للاجتهاد في كل ما يسهم في إنجاز الخدمة العمومية للتربية والتكوين بالفعالية والجودة
المطلوبتين.
وبذلك يمكن أن تتمحور وظائف السلطات المركزية باعتبارها فاعلا رئيسيا في رسم السياسة التربوية (macro-acteur) في :
- مهمة مأسسة الفعل الوطني الجماعي برسم السياسة التعليمية وتوزيع الأدوار لتنفيذها بإشراك الفاعلين في باقي المستويات في جميع مراحل التصور
والتنفيذ والتقويم.
- مهمة التشريع وإرساء الهياكل والقواعد والضوابط.
- مهمة التقويم والمراقبة والمواكبة والتأطير والتكوين.
- مهمة التمويل وتنويع مصادره.
وبعد استعراض تجارب بعض الأنظمة التربوية في العالم المتمثلة خاصة فيما اصطلح عليه بـ :
النموذج الترابي ( le modèle territorial )
والنموذج التشاركي ( le modèle participatif )
والنموذج العنكبي ( le modèle tentaculaire )
والنموذج التضامني ( le modèle solidariste )
خلصنا
إلى التأكيد على تميز التجربة المغربية الفتية باعتبارها نموذجا متوازنا وأصيلا. لأن الشورى وإسناد الأمر إلى الحكماء من صميم التقاليد المغربية.
وكم هي دالة العبارة التي يمكن ترديدها باستمرار :
« إن اللامركزية ليست مجرد تفويض للاختصاصات لأهل الميدان ، وليست هي تحويل القرار من المركز إلى الجهة ، انها أعمق من ذلك ! انها
خلق وابتكار واجتهاد متواصل للارتقاء بالفعل التربوي إلى المستوى الذي يمكنه من تأهيل النشء الذي نرعاه ليكون قادرا على مواجهة تحديات العصر »
اللاتركيز إلى أبعد الحدود :
اختارت الدولة الذهاب باللاتركيز إلى أبعد الحدود. فما على الفاعلين في الميدان إلا أن يتحرروا من الرواسب ومخلفات الإرث الماضي لأنها أصبحت متجاوزة.
فمجالات التدبير العلمي للمؤسسات التربوية بمواردها البشرية وايقاعاتها المدرسية وحياتها الثقافية ، مجالات للخلق والإبداع وبلورة مشاريعها التربوية.
واقترحنا إعادة صياغة « مشروع المؤسسة » ليصبح مشروع المتعلم المستقبلي الذي منه يتحدد مشروع المؤسسة في تقاطع كامل مع المشروع الجهوي
الوطني والعالمي.
ونؤكد مجددا على ضرورة اعتبار مشروع المؤسسة وسيلة للأخذ بيد المتعلم والسير به ومعه إلى أقصى ما تسعفه به قدراته إلى أن يحقق مشروعه المستقبلي
، وفق مؤهلاته وقدراته وآفاق اندماجه في المجتمع.
وهذا برنامج متكامل لنظام الإرشاد والتوجيه والإعلام الذي يتعين إقراره في جميع المؤسسات التربوية.
1-3- وظائف وأساليب جديدة في قيادة إدارة متغيرة.
إن الأدبيات التربوية تجمع على ضرورة اضطلاع أطر الإدارة التربوية بمهام تتزايد تشعبا وتعقيدا ومسؤولية. لكنها تقترح أنماطا تيسر أداء هذه المهام ،
مؤكدة على ضرورة تحديث الإدارة وأساليب تسيرها وفق قواعد وضوابط تعتمد أساسا على مبادئ الديموقراطية والإشراك في اتخاذ القرار وتعبئة الجميع
وحملهم على الانخراط في المشاريع التربوية ، فبدأت تطرح أساليب جديدةوأنماط تتنوع في شكلها ولكنها تتفق في جوهرها.
ويمكن إجمال ما انتهينا إليه في إطار المقارنة بين النمط التقليدي المتجاوز وبين النمط القيادي الديناميكي في الجدول التالي :
النمط التقليدي المتجاوز
النمط القيادي المتحرك
* التقيد بحرفية النصوص التشريعية وعدم الاجتهاد في التعامل مع روحها.
* الرجوع إلى الدوائر العليا في أبسط الأمور وانتظار التعليمات لكل تدخل.
* الانغماس في التسيير اليومي وما يتسم به من رتابة ومود أو من إثارة مشاكل هامشية وطارئة. والارتباك أمامها.
* الانفراد بالقرارات وإقصاء المساعدين والفرقاء ورفض الحوار.
* التأفف والضجر الدائم من ثقل الأعباء وحدة المشاكل وإسقاط الذات على الأوضاع. الخ...
* إعمال الاجتهاد والتطبيق الذكي للنصوص.
* الثقة بالنفس والتحكم في الأمور وبمكونات المؤسسة والشبكة التي تنتمي إليها.
* التناسق والانسجام بين الخطاب والفعل وإعطاء القدوة.
* الشجاعة في تحمل المخاطر ومواجهتها والقدرة على التفاوض والإقناع والتواصل.
* الانفتاح على الأساليب الحديثة في التنظيم والتسيير.
* القدرة على توظيف المكتسبات الأكاديمية وتوظيفها في الميدان (القدرة على التحويل). الخ ...
1-4- آليات تقويم الإدارة التربوية وأدائها.
حرصت القيادات السياسية على تقويم الإدارة التربوية ومراقبتها ومحاسبتها باعتماد أدوات مرجعية للتحليل والتقويم غير مسبوقة ، موازاة لبناء الأساليب
الجديدة للإدارة التربوية المستمدة من اختبارات اللامركزية واللاتركيز مثل الوكالة الوطنية للتقويم المنتظر إحدادثها وأجهزة التفتيش العام.
ولا يمكن إهمال الرأي العام ووسائل الإعلام الدائمة الحضور بالتوجيه والنصح أو بإبراز الهفوات والاختلالات.
إن النظام التربوي موضوع تحت المجاهر والأضواء الكاشفة الأمر الذي يحتم على أطره الاحتكام إلى القوانين والضوابط وأخلاقيات المهنة.
وهذا ما يفسر إذن تنامي تدخل الدولة كلما وسعت اختصاصات السلطات الجهوية والمحلية اعتمادا على أسلوبين :
· أسلوب التقويم الخارجي والذاتي.
· أسلوب تطوير المساطر التي تشكل دليلا مرجعيا لممارسة الاختصاصات المفوضة ( manuels de procédures )
إن من أهداف التقويم المتعدد المرجعيات تشكيل دليل تركيبي يضم كل النوازل والقضايا التي واجهتها الإدارة التربوية للحد من سلطتها التقديرية التي تسيء
ان استعملت بشطط إلى العلاقات بينها وبين المتعاملين معها.
كما يفيد كثيرا وضع دليل مرجعي للمؤشرات القيادية النوعية التي تشكل قيمة إضافية مثل الاشعاع الثقافي والإبداع الفني والتنشئة الاجتماعية والإدماج ....