البشر في القرآن أقسام ثلاث، مؤمنون عرفوا الله، فانضبطوا بمنهجه، وأحسنوا إلى خلقه فسلموا، وسعدوا في الدنيا والآخرة.
وكفار غفلوا عن الله، وتفلتوا من منهجه، وأساؤوا إلى خلقه، فشقوا وهلكوا في الدنيا والآخرة.
بينما هناك فريق ثالث أظهر الإيمان وأبطن الكفر، ادعى أنه مؤمن، وهو في الحقيقة ليس كذلك.
﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾
[ سورة البقرة]...
هذا الفريق الثالث المنافق خطير جداً، لأنه بتصوره يحقق مكسبين، هو حينما يكون مع المؤمنين حصل على مكتسباتهم، وحينما تفلت من منهج الله قلد الذين كفروا وغفلوا عن الله عز وجل، لذلك في آيات كثيرة يبين الله عز وجل أن المنافقين:
﴿ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ﴾
[ سورة النساء الآية: 145]
فالله عز وجل يقول:
﴿ وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ ﴾
من هم المعذرون؟ الذين قدموا عذراً كاذباً، عذراً مفتعلاً، الذين كذبوا كانوا أقوياء، وأشداء، لكنهم ادعوا المرض، فهذا الادعاء هو اعتذار كاذب، هؤلاء في القرآن سماهم الله المعذرون، فلذلك هناك من يعتذر وهو صادق، وعذره مقبول، وهناك من يعتذر وعذره كاذب فهو مرفوض، لذلك قال الله تعالى:
﴿ وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ ﴾...

النقطة الدقيقة علاقة الإنسان بالله، والله عز وجل:

﴿ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ﴾
[ سورة طه]
يعلم ما تسره، ويعلم أيضاً ما خفي عنك أنت، لذلك قال سيدنا علي كرم الله وجهه عن الله عز وجل: "علم ما كان، وعلم ما يكون- الحاضر- وعلم ما سيكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون".
لو أن إنساناً دخله محدود، لو أن دخله أصبح رقماً فلكياً، هل يعلم هو ماذا سيفعل؟ هل يبقى مستقيماً؟ هل يتفلت؟ هل ينفق هذا المال على ملذاته أم على أعمال الخير؟ هذا الذي لم يكن الله وحده يعلم ما سيكون، بل يعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
لذلك حينما يوقن الإنسان أن الله يعلم، وأن الله بيده كل شيء، الله عز وجل يقول:

﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا ﴾
[ سورة الطلاق الآية: 12]
كأن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الكون، الكون فيه آلاف مليارات المجرات، وفي كل مجرة آلاف مليارات الكواكب والنجوم، هذا الكون العملاق الذي لا حدود له في منطق العلم الحديث، هذا الكون بكل ما فيه يسبح الله عز وجل، والله عز وجل خلق الخلق والأمر إليه.........