المعصية :
هي خلاف الطاعة سواء كان تركًا لأمر أو ارتكابًا لنهي.


والإيمان كما سبق معرفة ذلك؛ بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلاَّ الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق.


فليست شعبه على حد سواء عظماما وقدرًا، وفعلاً وتركًا، وعلى هذا تختلف المعصية التي هي الخروج عن الطاعة


فإذا كانت جحودًا وتكذيبًا فهي ناقضة للإيمان كما أخبر الله تعالى عن فرعون بقوله : (فَكَذَّبَ وَعَصَى)


وقد تكون فيما دون ذلك فلا يحصل بها خروج من الإيمان ولكنها تقدح في كماله بالنقص والتشويه


فمن أتى الكبائر كالزنا والسرقة وشرب الخمر ونحو ذلك غير معتقد حِلّها ذهب ما في قلبه من الخشية والخشوع والنور، وإن بقي أصل التصديق في قلبه


فإن أناب إلى الله تعالى ، وعمل الصالحات رجع إلى قلبه نوره وخشيته، وإن تمادى في المعاصي زاد الرين على قلبه إلى أن يختم عليه والعياذ بالله فيصبح لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا


روى الإمام أحمد وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، وإن زاد زادت حتى يعلو قلبه ذاك الرين))


الذي ذكر الله عز وجل في القرآن : (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)


وهناك مثال يعطي تصويرًا لأثر المعصية على الإيمان هو : أن الإيمان كدوحة كبيرة، فجذورها
التصديق وبه حياتها. وفروعها الأعمال وبها بقاؤها وحياتها أيضا.


فكلما زادت الفروع ازدادت وكملت، وإذا نقصت تشوهت فلو استمر نقصها إلى أن لم يبق فيها فرع ولا ساق، ذهب مسماها.


فإن لم تخرج جذورها سيقانًا وفروعًا وتورق يبست الجذور وتفتتت في التربة. وكذلك المعاصي بالنسبة لدوحة الإيمان تحدث نقصًا منه وخدشًا في كماله وجماله بحسبها قلة وكثرة وصغرًا وكبرًا.
والله أعلم.