حذر الدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، من خطورة العجز المائى الذى ستواجهه مصر بحلول عام ٢٠١٧، بسبب الزيادة السكانية الكبيرة التى تشهدها البلاد حاليا. وقال: «إن حجم العجز المائى يبلغ حاليا ١٥ مليار متر مكعب وأن مواردنا من المياه بلغت نحو ٧١ مليار متر مكعب، بينما سيبلغ الاستهلاك فى ذلك الوقت، نحو ٨٦ مليار متر مكعب».
وقال شهاب، خلال مؤتمر جماعة الإدارة العليا الذى يختتم أعماله اليوم: «إن قطرة المياه ستكون أغلى من البترول، وأنه على مصر أن تسعى بكل الطرق للحفاظ على حصتها من مياه النيل والعمل على زيادتها. وأكد أن جوهر الخلاف فى أزمة مياه النيل، لا يكمن فى حاجة دول المنبع إلى حصص إضافية من المياه، إذ تعتمد هذه الدول على النيل بنسبة ٥ إلى ١٠% فقط ولديها نحو ١٦٦٠ مليار متر مكعب سنويا من مياه الأمطار، يستغل منها ٣% فقط والباقى يتم إهداره.
وأوضح: «إن أزمة مياه النيل وراءها أطراف وأبعاد أخرى، خاصة أن دولتى المصب (مصر والسودان) تعتمدان على مياه النيل بنسبة تتجاوز ٩٥%، وبالتالى فإن تعرض حصتيهما للنقص سيتسبب فى مشاكل كثيرة وهو ما لن تسمح مصر بحدوثه»، على حد قوله.
وتابع «شهاب» أن هناك أيادى خارجية، من بينها إسرائيل، تسعى لتسميم العلاقة بين مصر ودول حوض النيل من خلال إغراء بعض الدول الأفريقية المعنية بمشاريع تنموية ومعونات مادية وعسكرية بهدف إثارة التوتر والخلافات بين مصر وهذه الدول. وشدد على أن مصر لن تسمح بخروج مياه النيل خارج حدود مصر، وأنه لا مجال للحديث عن توصيلها لإسرائيل مهما كان الثمن.
وقال: «إن مصر اكتشفت أن دولة أوروبية تمارس أدواراً خفية فى دول حوض النيل وتسعى لتشويه صورة مصر فى دول المنبع رغم عدم وجود أى مصالح لها فى هذه الدول وأن هذا التدخل مدعوم بأغراض سياسية، إلا أن مصر تتصدى لهذه المحاولات».
وأضاف «شهاب»: «إن مؤسسات التمويل الدولية أكدت أنها لن تمول أى مشاريع فى دول حوض النيل، إلا بعد الحصول على موافقة كل الأطراف، وأن البنك الدولى أرسل خطابات لدول المنبع يؤكد فيها أنه لن يمول أى مشاريع متعلقة بنهر النيل قبل موافقة دول المصب».
وأكد أن الحكومة أعدت خطة للتعامل مع قضية العجز المائى المتوقع عام ٢٠١٧، تتضمن الحفاظ على حصة مصر من المياه ومحاولة زيادتها بجانب السعى نحو الاعتماد على المياه الجوفية بنسبة أكبر وأن هناك مشروع قانون تم الانتهاء من إعداده، سيكون أول تشريع يتم عرضه على الدورة البرلمانية المقبلة، ينظم استغلال هذه المياه، التى تستخدم بصورة عشوائية حاليا، بالإضافة إلى ضخ استثمارات كبيرة فى مجال تحلية المياه. وتابع أن هناك دراسات يتم إجراؤها حاليا لتقليل تكلفة إقامة مشاريع فى هذا المجال. وقال إنه رغم أنها مكلفة للغاية، فإن اللجوء إليها أصبح حتمياً - على حد تعبيره.
واستطرد «شهاب»: «أن مصر تراقب، عن كثب، ما يحدث من تهديدات بالانفصال فى السودان بين الشمال والجنوب، باعتبار ذلك يمثل خطرا على الأمن القومى. وقال: «إن الموقف المصرى يدعم استمرار الوحدة بين الشمال والجنوب وأن أى مساس بأمنه يعنى إتاحة الفرصة لتدخل قوى أجنبية. وأكد أن دور الأزهر فى أفريقيا لم يتراجع وأنه فى تزايد مستمر، وأن هناك تعاونا قويا بين الكنيستين الإثيوبية والمصرية، خاصة أن القيادة السياسية أدركت دور إثيوبيا مع باقى دول المنبع. وأوضح: «لذلك سعينا كمرحلة أولى لدعم العلاقات معها وتم تبادل زيارات حكومية، خاصة أن القانون الدولى ينظم العلاقة بين الدول المشتركة فى مجرى مائى واحد ويحظر على أى دولة يمر النيل بأراضيها أن تقوم بأى عمل يؤثر سلبا على الدول التى يمر بها النهر مثل تلويث المياه أو إقامة مشروعات أو أى إجراء ملاحى يؤثر بالسلب على الدول المشتركة فى النهر. وقال: «إن ما يحدث حاليا غير مقبول دوليا أو قانونيا». وأكد ضرورة عدم تناول الأمر بحساسية أو عدائية ومواجهته بالهدوء والحلول القانونية.
وتابع: «أن الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع أفريقيا أنفق نحو ١.٤ مليار دولار، فى شكل مساعدات للدول الأفريقية، خلال السنوات الماضية وقدم عدداً من المساعدات فى شكل مواد إغاثة وغذاء وأدوية وتم إرسال ٤٠٠ خبير للدول الأفريقية من خلال هذا الصندوق، الذى ركز بصفة خاصة على دول حوض النيل.
وأكد أن السنوات الخمس الماضية، شهدت تنافساً شرساً على الدول الأفريقية من جانب الدول الغربية الرأسمالية الاستعمارية القديمة، ربما بهدف استعادة أمجادها الماضية، فضلا عن أن دولا أخرى شهدت طفرة فى نموها الاقتصادى مثل الصين والبرازيل والهند وتسعى للسيطرة على أفريقيا والتأثير السياسى. ووصف هذه التحركات بأنها «تدخل سافر» فى الشؤون الأفريقية.
أضاف «شهاب»: «إن القطاع الخاص الصينى يمارس دورا كبيرا فى الأسواق الأفريقية وينتشر فى معظم الأسواق وبنى شراكات عديدة مع القطاعات المحلية، الأمر الذى أدى إلى غزو المنتج الصينى السوق الأفريقية».