ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فى صفحة شئون الشرق الأوسط، أن الكشف عن وثائق حرب أكتوبر السرية فى إسرائيل أثار صخبا وضجة واسعة النطاق فى جميع الأروقة السياسة بتل أبيب، بل واستحوذ على اهتمام الرأى العام الإسرائيلى، الذى ينظر إلى حرب عام 1973 بين العرب وإسرائيل كواحدة من أكثر اللحظات رعبا فى تاريخهم، عندما تعرضت أمة - غير مستعدة بشكل يرثى له ومتوهمة أن جيرانها يعتبرونها محصنة - لهجوم مدمر وصارعت لصده من أجل تحقيق نصر بتكلفة هائلة مع مساعدة أمريكية فى اللحظة الأخيرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن المناقشات السرية للقادة الإسرائيليين فى الأيام الأولى من الحرب المعروفة باسم "يوم كيبور"، وكشف عنها "مكتب الأرشيف الوطنى" الإسرائيلى الأسبوع الماضى، ومنذ ذلك الحين، لم تتحدث وسائل الإعلام وبرامج التوك شو سوى عن هذه الوثائق على مدار أيام، وناقشت المعاناة التى لحقت بشخصيات أسطورية بارزة من هذا القبيل، مثل وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق موشى ديان، متسائلة ما إذا كان قد تم الاستفادة من الدروس الصحيحة.


وقالت الصحيفة، إن يارون ديكيل أحد المضيفين على راديو الدولة بدأ برنامجه الشهير، الذى يعرض فيه الشئون الجارية فى مطلع الأسبوع بالقول "صباح الخير.. السادة.. رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس الأركان المسلحة المستقبلى.. هل قرأتم بروتوكولات حرب يوم كيبور؟.. إذا لم يكن هذا قد حدث فقوموا بذلك بسرعة واسألوا أنفسكم هل تغيرت الأمور فى الأعوام الـ37 تلك؟ هل اختفت الغطرسة والغبطة والثقة التامة بأننا نعرف العدو جيدا وأن لدينا أفضل جيش فى العالم؟


وأوضحت الصحيفة أن وثائق الاجتماع تظهر وزير الدفاع ديان على حافة اليأس فى وقت جابت فيه الدبابات السورية صوب الجليل بدون اعتراض، وأنه تفهم أنه أخطأ قراءة الإشارات فيما نقل عن ديان قوله فى اجتماع مبكر مع رئيسة الوزراء حينئذ جولدا مائير وآخرين "أخطأت فى تقييم العدو.. وبالغت فى تقدير قواتنا الخاصة.. العرب جنود أفضل بكثير عما هو معتاد منهم.. وسوف يقتل العديد من الأشخاص".


وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنه فى مسعى لوسيلة إنقاذ دعا ديان إلى تجنيد كبار السن واليهود من الخارج فيما درست مائير القيام بزيارة سرية لواشنطن لإقناع الرئيس حينئذ نيكسون بتقديم المساعدة، وأن أحد الزملاء سألها عما تأمل فى الحصول عليه وأنها ردت بالقول "دعه يعطى كل ما لديه.. هل لديه دبابات فى أوربا؟ دعه يعطيها.. هل تريد فانتوم؟ دعه يعطى.. دعه يرى ذلك كجبهته.. ولا تدع دماؤنا تراق حتى يعطينا صاروخا واحدا".


وأشارت الصحيفة، إلى أن مائير لم تذهب فى نهاية الأمر إلى واشنطن ولكن بعد مناشدة وزير الخارجية حينئذ هنرى كيسنجر أقنعت نيكسون بالفعل بإرسال طائرة من المعدات العسكرية مثلت أهمية كبيرة فى صالح إسرائيل فى الحرب التى استغرقت 20 يوما.


وأشارت الصحيفة، إلى أن الكثير من حوار الأسبوع الماضى فى إسرائيل تركز على الاعتقاد الذى أعرب عنه رئيس هيئة أركان الجيش حينئذ ديفيد إلعازر، بأن الحرب قادمة وأنه دعا إلى استدعاء قوات والقيام بضربات استباقية على القوات المصرية والسورية المحتشدة على الحدود وأن الأمرين رفضا على حد سواء من جانب ديان ومائير ليس فقط لعدم اعتقادهما بأن جيرانهما سوف يخاطرون بالحرب ولكن أيضا بسبب الخشية من أن يتهم الغرب إسرائيل بالعدوان.


وقالت الصحيفة، فى الوقت نفسه لم يكن هناك عجلة لتحقيق حل دبلوماسى لمشكلة الأراضى التى احتلتها إسرائيل فى حرب 1967، وهى سيناء وغزة من مصر ومرتفعات الجولان من سوريا والضفة الغربية والقدس الشرقية من الأردن.


واستشهدت الصحيفة بمقال افتتاحى لصحيفة هاآرتس بعنوان "جروح قديمة ودروس جديدة " قالت فيه الصحيفة ذات الميول اليسارية، إن الزعماء فى 1973 فشلوا فى رؤية قيود استخدام إسرائيل للقوة والأشكال المحتملة التى سوف تتخذها عمليات الأعداء، وأن إسرائيل اكتفت بانجازاتها العسكرية وفتوحاتها قبل ستة أعوام فى "حرب الأيام الستة" وفشلت فى القيام بمسعى جرىء وفعلى لمقايضة الأراضى مقابل السلام.


وقالت الصحيفة، إنه ليس من قبيل الدهشة أن يلقى رئيس أركان الجيش الإسرائيلى حاليا الجنرال جابى اشكينازى بثقله يوم الجمعة الماضى، بملاحظات مختلفة بعض الشىء فى صحيفة معاريف كتب فيها "أعتقد أن فشل الاستخبارات ومشاعر الشك القائمة، التى جلبتها الحرب مثلت دروسا مستفادة بالنسبة للمؤسسة العسكرية وتفهما لأهمية مهمتها والمسئولية الكبيرة الملقاة على عاتقنا".