أغلقت بورصة طوكيو للاوراق المالية أبوابها مبكرا وعلقت التعاملات على كافة الاسهم المسجلة امس بعد طوفان أوامر البيع التي تلقتها أجهزة الكومبيوتر في البورصة التي بلغت أقصى قدرة لها على معالجة هذه الاوامر. وهذه هي أول مرة تتخذ فيها بورصة طوكيو، وهي ثاني أكبر بورصة أوراق مالية في العالم، مثل هذا الاجراء الطارئ. واثارت فضيحة لبوابة شعبية على شبكة الإنترنت موجة من الذعر امس في طوكيو ادت الى توجيه انتقادات حادة لمديرها الشاب تاكافومي هوريه. وتوقف العمل في البورصة قبل 20 دقيقة من موعد إغلاقها الرسمي في الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي (600 بتوقيت غرينتش) حيث وصل عدد العمليات المطلوبة إلى حوالي أربعة ملايين عملية. واكد رئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كويزومي امس ان الفوضى التي تشهدها سوق المال الياباني مؤقتة، مؤكدا ان وضع ثاني اكبر اقتصاد في العالم متين، وقال «اعتقد ان الامر مؤقت لان الوضع العام للاقتصاد متين»، داعيا سوق المبادلات في طوكيو الى «بذل الجهود لتسوية الوضع» حتى لا تضعف البورصات في جميع انحاء العالم بحسب ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.


وقال مسؤول في البورصة إن نظام الكومبيوتر يمكن أن ينهار في حالة تجاوز أوامر البيع والشراء حاجز الاربعة ملايين أمر في اليوم. وكانت الاسهم اليابانية قد استهلت تعاملات امس بتراجع واضح بعد الاتهامات التي وجهتها سلطات الادعاء اليابانية إلى شركة «لايف دور» لخدمات الإنترنت بتقديم بيانات مالية مضللة إلى المستثمرين.

وفي مواجهة اوامر البيع الهائلة التي كانت تهدد بتعطيل النظام المعلوماتي قررت بورصة طوكيو تعليق كل العمليات قبل عشرين دقيقة من الموعد المحدد لاقفالها، بينما تراجع مؤشر «نيكاي» 2.94 %، وقررت البورصة ايضا اختصار جلساتها ثلاثين دقيقة اعتبارا من اليوم الخميس حتى اشعار آخر لتتمكن من ادارة اجهزة الكومبيوتر بدون المجازفة باحتمال حدوث عدد غير عادي من التداولات.

وهبط مؤشر نيكي القياسي للاسهم اليابانية 2.94 في المائة امس الاربعاء قبل أن توقف بورصة طوكيو للاوراق المالية التعامل قبل 20 دقيقة من الموعد المعتاد لانتهاء الجلسة بعد أن تعرضت شبكة الكومبيوتر في البورصة لطوفان من أوامر البيع.

وفقدت السوق هذا الاسبوع اكثر من 300 مليار دولار من قيمة الاسهم المتداولة، وهو ما يوازي نحو اجمالي الناتج المحلي للسويد. وترجع معظم الخسائر الى الاثار المترتبة على تحقيق في اعمال شركة لايفدور لبوابات الإنترنت.

وكانت أسهم شركات الإنترنت وشركات اخرى تحظى بشعبية بين المستثمرين من بين اشد المتضررين اليوم، حيث انهى سهم سوفتبانك كورب اليوم منخفضا بالحد الاقصى للهبوط وهو 500 ين توازي 13 في المائة.

وسجل مؤشر نيكي لاسهم الشركات اليابانية الكبرى اكبر خسارة بالنسبة المئوية في يوم واحد منذ ابريل (نيسان) من العام الماضي اذ فقد 464.77 نقطة ليغلق على 15341.18 نقطة. وهبط مؤشر توبكس الاوسع نطاقا 3.49 في المائة الى 1574.67 نقطة طبقا للبيانات التي اوردتها وكالة رويترز للانباء.

وقالت وكالة انباء جيجي اليابانية امس نقلا عن تايزو نيشيمورو رئيس بورصة طوكيو للاوراق المالية ان البورصة ستفتح ابوابها للتداول كالمعتاد اليوم الخميس، وان كانت قد تقصر ساعات التداول حسب حجم المعاملات.

وقال متحدث باسم البورصة انه لم يتقرر شيء بشأن معاملات الخميس، مضيفا أن البورصة تسعى للتوصل الى قرار نهائي مساء اليوم (امس) وانهت بورصة طوكيو معاملاتها قبل 20 دقيقة من الموعد المعتاد لانتهاء الجلسة اليوم بعد أن تعرضت شبكة الكومبيوتر في البورصة لطوفان من أوامر البيع وسط مخاوف من نتائج التحقيق في اعمال شركة لايفدور للإنترنت.

وقال كازوهيرو تاكاهاشي المحلل لدى مجموعة «دايوا سيكيوريتيز اس ام بي سي» ان الظاهرة التي شهدتها البورصة اليوم تذكر «بالاثنين الاسود» في 1986 عندما اغلقت بورصة نيويورك ايضا بسبب انهيار نجم عن عمليات بيع كبيرة من جانب المؤسسات المستثمرة، واضاف ان «الفرق هو انه في طوكيو الافراد من المستثمرين هم الذين هرعوا لسحب الارباح وحماية انفسهم».

وقد بدأت القضية مساء الاثنين بتفتيش مباغت لمقر الشركة ومنزل هوريه الذي يشتبه المدعي العام لطوكيو في انه تلاعب باسعار البورصة في 2004 عبر نشر معلومات خاطئة تتعلق بشراء شركة.

وقالت وسائل الاعلام اليابانية ان القضاء يشتبه ايضا في ان المجموعة التي تعمل على الإنترنت زورت حصيلة اعمالها لعام 2004 من اجل اخفاء خسائر وتسهيل شراء فريق محترف للبيسبول. واكدت وسائل الاعلام ان المحققين عثروا على رسائل إلكترونية تشكل ادلة دامغة لمسؤولي المجموعة.

وتشكل هذه الفضيحة سقوطا كبيرا لهوريه (33 عاما) الذي كان يعتبر نفسه رمز جيل جديد من ارباب العمل وغير الكثير من القواعد المتعارف عليها في اوساط الاعمال اليابانية عبر ملابسه البسيطة وتصريحاته العفوية ووسائله في العمل «على الطريقة الاميركية». وفي اقل من 48 ساعة حتى قبل ان يتهم رسميا او حتى ان يستجوب، اصبح الشاب منبوذا.

وقال رئيس مجموعة ارباب العمل التي تتمتع بنفوذ كبير هيروشي اوكودا ان قبول «لايفدور» في المنظمة في ديسمبر (كانون الاول) الماضي كان «خطأ»، ملمحا بذلك الى احتمال طردها.

وكتبت صحيفة «نيكاي» انه «منذ دخول شركته الى البورصة في عام 2000 بنى هوريه سمعة رجل غريب يرتدي قمصان هاواي الملونة ويرد على اسئلة المحللين وهو مرتاح في المؤتمرات الصحافية».

واضافت الصحيفة التي تعد مرجعا لعالم الاعمال ان صمته شبه الكامل منذ اندلاع الفضيحة «يدل على انه لم يكن يعرف ما يحدث في شركته التي كان غائبا عنها في اغلب الاحيان».

وقد انهارت اسهم «لايفدور» في البورصة ايضا، والتي كانت قد ادرجت في البورصة باسعار زهيدة عمدا لاغراء صغار المستثمرين، وقد شهدت ارتفاعا بالتزامن مع ظهور رئيسها المتكرر في وسائل الاعلام. وللجلسة الثانية على التوالي لم تجد اسهم «لايفدور» مشتريا لها امس الاربعاء رغم سعر البيع الذي حدد بـ596 ينا اي اقل بمائة ين (الحد القانوني الاقصى) او 14، 37% من سعرها الاخير عند الاغلاق الاثنين.

وقد اثار انهيار «لايفدور» موجة من الحذر لدى المستثمرين حيال ممارسات ادارة الشركات اليابانية برمتها، وهذا ما ادى الى تصحيح مفاجئ لمؤشر «نيكاي» الذي كان قد انهى عام 2005 على ارباح سنوية استثنائية تجاوزت نسبتها 40%.

وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية «شينزو ابي» امس ان الانتعاش الاقتصادي للبلاد راسخ رغم هبوط أسعار الاسهم، واشار ـ ابي ـ في مؤتمر صحافي «إلى انه هبوط سريع بعض الشيء، لكن الاساسيات الاقتصادية متينة وتتجه نحو الافضل، والانتعاش يمضي قدما». وفقدت سوق الاسهم اليابانية هذا الاسبوع اكثر من 300 مليار دولار من قيمة الاسهم المتداولة وهو ما يوازي نحو اجمالي الناتج المحلي للسويد، وترجع معظم الخسائر الى الاثار المترتبة على تحقيق في اعمال شركة لايفدور.

وعلى صعيد اسواق المال العالمية صعد الدولار امام اليورو امس بعد ان جاء صافي التدفقات الرأسمالية الداخلة الى الولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) اعلى قليلا من التوقعات.

وأظهر تقرير لوزارة الخزانة الأميركية أن صافي التدفقات الرأسمالية الداخلة للاستثمار في اصول أميركية تراجع الى 89.1 مليار دولار في نوفمبر بما يتفق مع التوقعات، وكان المحللون يتوقعون تراجع صافي التدفقات الداخلة الى 87.5 مليار دولار بعد تعديلها صعودا في اكتوبر (تشرين الاول) الى مستوى قياسي بلغ 104.2 مليار دولار.

وزاد صافي مشتريات اصدارات الخزانة الى مستوى قياسي بلغ 54.58 مليار دولار في نوفمبر من 29.99 مليار دولار. وفي وقت سابق اليوم انخفض الدولار لفترة وجيزة مقابل اليورو بعد صدور بيانات أظهرت انخفاضا غير متوقع في أسعار المستهلكين بالولايات المتحدة الشهر الماضي.

وأظهر تقرير لوزارة العمل الأميركية أن أسعار المستهلكين سجلت انخفاضا مفاجئا بنسبة 0.1 في المائة في ديسمبر الماضي لكنها ارتفعت بنسبة 0.2 في المائة عند استبعاد أسعار الطاقة والمواد الغذائية، وكان الاقتصاديون قد توقعوا ارتفاع أسعار المستهلكين بنسبة 0.2 في المائة بعد انخفاضها بنسبة 0.6 في المائة في نوفمبر. وقلص اليورو مكاسبه امام الدولار وتراجع الى 1.2117 دولار، ولم يتغير الدولار تقريبا امام الين وبلغ 115.10 ين.

واستقر الين الياباني بعد ان اختبر أدنى مستوى في 12 يوما امام الدولار واليورو عقب هبوط مؤشر نيكي للاسهم اليابانية نحو خمسة في المائة في مرحلة ما من جلسة التعامل اليوم وانهاء التداول في بورصة طوكيو قبل 20 دقيقة من موعد انتهاء الجلسة.

وأدت نتائج مخيبة للامال من عملاقي الكومبيوتر الأميركيين «اي.بي.ام» و«انتل» وارتفاع أسعار النفط مقتربة من أعلى مستوياتها في أربعة شهور الى هبوط حاد للاسهم الاوروبية صباح امس، في حين فاقم تراجع بورصة طوكيو من متاعب السوق. وبداية التعاملات هبط مؤشر يوروفرست لاسهم كبرى الشركات الاوروبية 1.3 في المائة الى 1280.27 نقطة مسجلا أدنى مستوى خلال جلسة تداول منذ الثالث من يناير (كانون الثاني).

وفتحت الاسهم الأميركية منخفضة امس بعد تراجع مؤشر ناسداك تراجعا حادا بعد بيانات ارباح مخيبة للامال من شركة انتل وبعد ان اثارت شركة ياهو المخاوف بشأن الارباح. وهبط مؤشر داو جونز الصناعي 32.66 نقطة بنسبة 0.30 في المائة الى 10863.66 نقطة، ونزل مؤشر ستاندارد اند بورز 500 الاوسع نطاقا 5.15 نقطة بنسبة 0.40 في المائة الى 1277.78 نقطة، وانخفض مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه اسهم التكنولوجيا 38.23 نقطة بنسبة 1.66 في المائة الى 2264.46 نقطة.