بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله عز وجل { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }[الأنبياء:47].

لست أدري أين كتّاب هذا العصر عن هذه الآية ليحاسبوا أنفسهم على أقلامهم، ألم يعلموا

أن للحروف حتوف؟ ثم ماالدافع لكتابة هذه الكلمات؟

لقد تكالب علينا أعداء الإسلام، وأصبحت الأمة جريحة مريضة تنشر فيها الأوبئة، فلم تعد تملك مناعة لأمن فيروسات العدو، ولا حصانة من ميكروبات أبناء جلدتها، ماذا تريد يا أخي؟ أتريد من صوت الآذان أن يكون خافتاً، ألا يكفي أن الجمعيات الخيرية قد أقفلت في أغلب دول العالم؟ ألا يكفي أن صناديق التبرعات التي كنا نراها في كل كل مكان قد اختفت؟ ألا يكفي مانعانيه من مصائب ونكبات، حتى أننا أصبحنا أذل أمة على وجه الأرض.

ثم تأتي أنت لتكمل مانقص (وتزيد الطين بلّة)، فتدلي برأيك الفريد فتطلب أن يخفض صوت الآذان، كثير من الفنادق لاتخلو من الصخب المزعج الذي يصم الآذان، بعض المطاعم تجبرك على سماع الموسيقى المزعجة، ألم تر المستهترين الذين يقفون بسياراتهم عند أبواب العمارت السكنية في منتصف الليل؟ لماذا لم تطلب منهم أن يتأدّبوا وأن يقلعوا عن هذا الإزعاج المنافي للأدب والتوقير، فهم يعتقدون أنهم قد فُلتوا من كل زمام، وحُرروا من كل قيد.

إياك ياأخي أن تكون ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا » والسعيد من وقاه الله شر نفسه -وهي أول أعدائه-، فلا تكون من دعاة جهنم، إياك أن تكون عوناً للأعداء علينا..

ألا يكفي ما يشن من الأعداء علينا من تضييق على شعائرنا، فأصبح صاحب اللّحية إرهابي، والمرأة المحجبة زوجة لإرهابي، ومن يدخل المسجد في أغلب الدول الإسلامية إرهابي..

والآن وفي هذه الأيام التي تعاني الأمة ماتعانيه من ضعف وذل وهوان، فلقد أصبحنا نداس بالأقدام من قبل أعداءنا. هاهم بكل بساطة قتلوا وشردوا ومزقوا. ومع هذا يتصافح رؤؤس الكفر ويتضاحكون على ماينتجون من سلخ جلود الأمة بعد ذبحها ليدبغوها ويتوسدّون بها.

اعلم ياأستاذ أننا قد عشنا بأوروبا حقبة من الزمن، ماكان ينقصنا إلا صوت الآذان، ورغم أن الصلاة كانت تقام في المساجد والمراكز الإسلامية، إلا أن كنا لانشعر بها إلا عند الدخول للمسجد، وعندما نعود إلى بلادنا نشعر بالشوق الشديد لسماع الآذان الذي يُجهر به في كل مكان، ونشتاق لسماع آيات الله تُتلى لتُحي القلوب. لكن ذلك مقبول في دول الكفر، فماذا تريد أنت؟ تريد أن نكون مثلهم في إقامة هذه الشعيرة، ألست ترى خلاء المساجد من المصلين؟ نعم، هذه أعظم شعيرة وضياعها سببٌ لضياع الأمة، وما صبّ من البلاء علينا من تسليط الأعداء، والجوع وعدم الأمن إلا من تضييع شبابها للصلاة، وانحلال بناتها وتخلعهم، و..و..و!

وانتشار الكتاب الذين يدسّون السموم بين كتاباتهم التي تنبع عما تنطوي به قلوبهم من أماني ساردة تبدوا على ألسنتهم، فهم مصابون بلوثة العلمانية والحداثة، وقد نسوا أن صحائفهم ستعرض عليهم في يوم الحسرة، يوم يعضّ الظالم على يديه، يوم لاينفع الندم..

ليتكم توجهون أقلامكم عن العنف والتطرف الذي يملأ الأرض مجازر، ويخلّف أيتاماً وثكالى.

هل يؤلمكم قتل العجائز والأطفال؟ أم هل أحزنتكم صور الشيوخ والأرامل الجالسين على ركام بيوتهم المهدمة بفعل الجرّافات الإسرائيلية؟

فأنت اليوم تدعو إلى إخفات صوت الآذان، وننتظر منك في المرة القادمة أن تدعو لقفل المساجد، فما عدنا نستنكر شيئاً، ولكن حسيبنا الله فهو المنتقم، وهو العالم بما تخفيه نواياكم ومايدور في أذهانكم من خطرات نفسية وسوانح فكرية، يختلط فيها الحق مع الباطل