الدولار الأمريكي و تلاشي براعم التعافي المزعومة

بالرجوع إلى بيانات شهر مارس، قال "بن برنانك" أنه يرى بادرة أمل تشير إلى تعافي الاقتصاد الأمريكي عبر عنها بمصطلح زراعي معناه "براعم" و هو المصطلح الذي استخدم مؤخراً على نطاق واسع في وصف نوبة التحسن التي تعرضت لها البيانات الخاصة بالاقتصاد العالمي و الأمريكي. على الرغم من هذا التحسن، أدى تقرير مبيعات التجزئة الذي أظهر أداء ضعيف للغاية لهذا القطاع إلى عمليات بيع مكثفة تعرضت لها أسواق الأسهم الأمريكية علاوة على الأنباء التي ترددت حول انخفاض العائد الضريبي و التي أدت إلى إثارة مخاوف المستثمرين حيال إمكانية تعافي الاقتصاد الامريكي. و منذ أن تعرض الدولار الأمريكي لعمليات بيع مكثفة في أعقاب تصريحات "برنانك" التي ترددت في إطارها كلمة "براعم التعافي"، ليس من الغريب أن نلاحظ ارتفاع العملة اعتماداً مخالفة سير البيانات الاقتصادية لنظرية "برنانك" حيث استمرت البيانات تحت المستويات المتطلبة لإحداث التعافي الكامل رغم التحسن الطفيف. و ها هو الدولار يرتفع مقابل جميع العملات الرئيسية عدا الين الياباني. و في واقع الأمر يؤكد ضعف (الدولار / ين) على أن متداولي العملات تتزايد لديهم المخاوف و تتلاعب بهم الشكوك حيال إمكانية إحداث التعافي الكامل..

هل تتأكد مخاوف تشير إلى الحد من التفاؤل و تقويض التعافي؟
حيث يمثل إنفاق المستهلك العمود الفقري للاقتصاد الأمريكي و أحد أهم المدخلات الأساسية للناتج الإجمالي المحلي، تتوافر لدى المستثمرين مبررات جيدة لحالة العصبية التي عليها المستثمرين في الوقت الحالي. و قد حذرنا من قبل من حالة تشبع الأسواق بالتفاؤل و الارتفاع الأخير الذي نتج عنه ظهور الكثير من التوقعات التي رجحت تعافي حاد. كما أشرنا من قبل إلى إمكانية ارتفاع قراءة مبيعات التجزئة معتمدين في ذلك على ما تضمنته التقارير الأسبوعية لإنفاق المستهلك، إلا أن الحقائق جاءت لتطيح بكل التوقعات و بما أشرنا إليه من قبل و هو ما يرجح استبعاد إمكانية تحقيق الاقتصاد الأمريكي لتعافي كامل بشكل مباشر مع ترجيح الانخفاض الذي تعرضت له مبيعات التجزئة لإمكانية سير التعافي الأمريكي تدريجياً حيث سجلت قراءة مبيعات التجزئة هبوطاً بواقع 0.4% باستثناء مبيعات السيارات التي هبطت بنسبة 0.5%. يشير ما سبق إلى أن التقرير جاء أضعف من المتوقع إلى حدٍ بعيد حيث أغلق الأمريكيين حافظات نقودهم في وجه الموجة العاتية من البطالة التي تزداد قوتها بمرور الوقت و هو ما جذب معدل الإنفاق إلى القاع فيما يتعلق بالمصروفات الضرورية و غير الضرورية بدءً من قطاع الإلكترونيات و مروراً بالملابس و الأغذية و انتهاءً إلى المشروبات. كما يشير انخفاض معدل الطلب على وقود السيارات إلى أن الامريكيين قد بدأوا في توفير الوقود لمواجهة الأسعار المرتفعة. و عن المنطقة الأكثر ارتفاعاً بين قطاعات الإنفاق، سجلت مبيعات قطع غيار السيارات، مواد البناء، السلع الرياضية و الخدمات الصحية و السلع الشخصية أعلى معدلات المبيع خلال إبريل. على ذلك، تظهر الحاجة الماسة إلى ارتفاع معدل إنفاق المستهلك لتحقيق التعافي للاقتصاد الأمريكي. و حيث بدأت الشركات و مؤسسات الأعمال الأمريكية بدأت في خفض العمالة و الحد من نشاطها في الفترة الأخيرة، من المتوقع ألا تعود هذه الشركات إلى توظيف عمالة جديدة حتى ترتفع العائدات لذا على المستهلكين أن يخطوا خطوات جادة في سبيل رفع معدل الإنفاق للارتقاء بالاقتصاد. و عن المنطقة الأكثر ارتفاعاً بين قطاعات الإنفاق، سجلت مبيعات قطع غيار السيارات، مواد البناء، السلع الرياضية و الخدمات الصحية و السلع الشخصة أعلى معدلات المبيع خلال إبريل. على ذلك، تظهر الحاجة الماسة إلى ارتفاع معدل إنفاق المستهلك لتحقيق التعافي للاقتصاد الأمريكي. و لكن قبل اندفاع الدببة إلى طريق العودة للهبوط بالأسواق مرة ثانية كان تراجع إنفاق المستهلك ضعيفاً مقارنةً بالارتفاع المروع لمعدلات البطالة الأمريكية على مدار الأشهر القليلة الماضية. يذكر أن حالة التفاؤل التي تشبعت بها الأسواق مؤخراً تولد عنها نوعان من المتداولين؛ الأول من اندفع و عدل مواقف الصفقات الخاصة به من بيع و شراء واضعين في الاعتبار أن الاقتصاد الامريكي سوف يتحول مباشرة إلى المنطقة الخضراء و يتعافى بالكامل خلال فترة قصيرة، بينما النوع الآخر كان أكثر تعقلاً حيث وضعوا في اعتبارهم إمكانية تراجع التفاؤل و تحول الأوضاع إلى التعافي التدريجي..

التعافي التدريجي:
لا زالت الأسباب التي دفعت المستثمرين إلى الاعتقاد بأن الاقتصاد الأمريكي قد وجد القاع الذي ينطلق منه لأعلى مرة ثانية موجودة و متوافرة في الأسواق. يتضمن ذلك درجة الاستقرار التي تمتعت بها أسواق المالي، استعادة القطاع المصرفي لثقة المستهلكين، تحسن حالة قطاع التصنيع و غيرها من درجات التحسن التي انتشرت في جميع القطاعات الاقتصادية. كما هبطت أسعار السلع في نفس الوقت الذي لا زال فيه مؤشر "بولتك دراي" لأسعار السلع بنفس القدر من الاستقرار الذي تمتع فيه قبل هبوط الأسعار. علاوة على ذلك، يستمر وزير الخزانة الأمريكي، "جيثنر"، في التوسع في برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة موفراً الكثير من الدعم للبنوك و المؤسسات المصرفية الصغيرة و ذلك بهدف تحسين الأوضاع الائتمانية و الارتقاء بالقطاع المصرفي بصفة عامة. و في أعقاب عمليات البيع المكثف للدولار الأمريكي على مدار الشهر الماضي، من المتوقع أن يحقق الدولار ارتداداً إيجابياً كالذي حققته العملة اليوم. و بناءً على حركة السعر في سوق العملات، تزداد إمكانية تحقيق الدولار لمزيد من المكاسب قبيل صدور التقارير الاقتصادية يوم الخميس القادم..

و بصدور تقرير مبيعات التجزئة الأمريكية تتحول الأنظار إلى التضخم. يذكر أن أسعار الوادرات حققت ارتفاع بنسبة 1.6% الشهر الماضي مما يرجح تحقيق ارتفاع مماثل في أسعار المنتجين و هو ما يمكن أن نقرأ عنه غداً. جدير بالذكر أن ارتفاع معدل التضخم يقلل من مخاوف الانكماش على الرغم من إمكانية عودة مخاوف الآثار السلبية التي من الممكن أن تنتج عن إجراءت التسهيل النقدي. كما ننتظر بيانات إعانات البطالة و التي من المتوقع أن ترتفع و هي التوقعات التي أخذت في العتبار مساهمة كبيرة لإغلاق مصانع عديدة تابعة لـ "كرايسلر" في هذا الارتفاع حيث أشهرت الشركة إفلاسها رسمياً..


توقعات سير العملات ليوم 14/5/2009


(اليورو / دولار): تصادم أعضاء مجلس إدارة المركزي الأوروبي بسبب برنامج شراء الأصول:
على الرغم من عمليات البيع المكثفة التي تعرض لها اليورو مقابل الدولار الأمريكي اليوم، تمكن زوج (اليورو / دولار) من الحفاظ على مستوى 1.35 الذي اخترق الدعم عنده ليعوض عمليات البيع المشار إليها و التي تراجعت إلى حدٍ بعيد مقارنةً بالتحركات العنيفة لعملات السلع. و بالنظر إلى المفكرة الاقتصادية لليورو، نجد أن الانقسام الحاد بين أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي حول حجم برنامج شراء الأصول و المدى الذي من الممكن أن يصل إليه هذا البرنامج و هو الانقسام الذي من الممكن أن يؤدي إلى هبوط اليورو مرة ثانية. و باستثناء التقرير الشهري لبنك أوروبا غداً لا يوجد في المفكرة سوى النشرة الشهرية للبنك و هما الحدثان الأهم على الإطلاق اللذان تتطلع إليهما أنظار المستثمرين حيث تعمل البيانات المتضمنة فيهما إما على دعم اليورو أو الهبوط به إلى القاع..

(الإسترليني / دولار): هبوط بسبب التقرير ربع السنوي للتضخم:

أدت التوقعات القاتمة المتضمنة في التقرير ربع السنوي للتضخم البريطاني إلى هبوط الإسترليني، على الرغم من ذلك، لا زال زوج (الإسترليني / دولار) متماسكاً عند مستوى 1.5. و باستثناء تقرير التضخم لا يوجد من البيانات ما من شأنه التأثير على الإسترليني على مدار هذا الأسبوع..

(الدولار النيوزلندي / دولار): أسوأ أداء للدولار النيوزلندي:

كان أداء الدولار النيوزلندي هو الأفضل على الإطلاق بين عملات السلع على مدار الشهر الماضي، إلا أنه و لسوء الحظ تحول الأداء الأفضل للعملة إلى الأداء الأسوأ. و على الرغم من تعرض الدولارين الأسترالي و الكندي لهبوط مماثل و أداء ضعيف، إلا أن النيوزلندي لا زال يحتفظ بالأداء الأقوى بين العملات الثلاثة. كما يُتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار الذهب إلى هبوط العملة حيث من المتوقع أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى نوبة من تجنب المخاطرة تؤدي إلى هبوط عملات السلع على رأسها الدولار النيوزلندي..

(الدولار / ين):

البيانات القوية تدفع بالين لأعلى مما يعمل على هبوط الزوج..





_____________________________
المصدر: Fx360
ترجمة قسم التحليلات و الأخبار بالمتداول العربي..