محافظ «ساما»: مراقبة لاحتواء «فقاعة الأصول» في سوق الأسهم
توقع حمد السياري محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما'' أمس، أن تحقق السعودية نموا اقتصاديا هذا العام يفوق بشكل واضح المعدل الذي سجلته العام الماضي البالغ 52 في المائة. وأضاف السياري أن المسؤولين يراقبون عن كثب أي علامات على أن الأسعار في سوق الأسهم السعودية المرتفعة بنسبة 82 في المائة عن مستوياتها في بداية العام أوجدت ''فقاعة للأصول''.پ
وقال السياري في مقابلة مع ''رويترز''، ''أنا واثق أنه (النمو) سيكون أفضل بشكل ملحوظ مما كان عليه في العام الماضي. المؤشرات التي نتابعها لجميع القطاعات تشير إلى نمو قوي جدا وهو ما يجعلني أتوقع معدلا أقوى. على الأقل في القطاع الخاص تحديدا''. وأضاف ''القوة الدافعة هي الاستثمار، وهو موجود في مختلف القطاعات''.
ودعمت أسعار قياسية للنفط اقتصاد المملكة، التي سجلت العام الماضي فائضا في الميزانية بلغ 107 مليارات ريال (285 مليار دولار) كان ثاني فائض على التوالي بعد عقدين من عجز شبه مستمر. لكن مسؤولين سعوديين وخبراء اقتصاديين يقولون إن تحرير الاقتصاد تدريجيا يساعد أيضا على زيادة النمو خارج القطاع النفطي.ف
وتوقعت مجموعة سامبا المالية في تموز (يوليو) الماضي أن الناتج المحلي الإجمالي للمملكة سيسجل نموا حقيقيا قدره 65 في المائة هذا العام، معض
نمو القطاع النفطي بنسبة 71 في المائة، والقطاع غير النفطي بنسبة 74 في المائة. واستخدمت ''ساما'' بعض فوائضها النقدية لخفض الدين الحكومي للمملكة كنسبة مئوية إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 66 في المائة من 119 في المائة قبل خمس سنوات. وتابع السياري أنه ليس هناك هدف محدد لمستوى الدين، لكنه أضاف أن''ساما'' ستواصل خفضها كلما كان ذلك في مقدورها، و''الهدف هو خفض الدين بالقدر الذي يسمح به الدخل''.ے
وساعدت إيرادات نفطية قياسية للمملكة أيضا على صعود الأسعار في سوق الأسهم السعودية إلى مستويات قياسية مرتفعة. وتضاعفت الأسعار خمس مرات في السنوات الثلاث الماضية ما زاد القيمة الإجمالية للأسهم المتداولة إلى 576 مليار دولار ويجعلها واحدة من كبرى الأسواق الناشئة في العالم. ويتوقع متعاملون أن تصحيحا نزوليا قادما على الأقل في بعض القطاعات. وقال السياري إن هناك أسبابا جوهرية قوية وراء المكاسب لكن ''ساما'' مستعدة لمعالجة أي آثار سلبية لهبوط حاد لأسعار الأسهم في حالة حدوثه. وأضاف ''هناك مخاوف من فقاعة في سوق الأصول. وهي مدفوعة بأرباح الشركات، التفاؤل، الاستثمار، وأسعار النفط. كل هذه عوامل إيجابية لكننا قلقون بشأن أسعار الأصول''. وسجل المؤشر الرسمي لسوق الأسهم السعودية مستوى مرتفعا بلغ 15119 نقطة الشهر الماضي، وساعدت نتائج قوية للربع الثالث للبنوك السعودية التي أعلنت معظمها زيادة في الأرباح فاقت 50 في المائة في رفع المؤشر ليصبح على مبعدة 150 نقطة فقط من أعلى مستوياته على الإطلاق. وقال السياري ''لا يمكنني أن أحدد ما المستوى المناسب لكن علينا أن نتوخى الاهتمام والحذر وعلينا أن نكون مستعدين لأي تطور. ويجب أن يكون لدينا الأدوات للتعامل مع أي مدخل سلبي إلى النظام وأعتقد أنها لدينا''.
وتابع أن البنوك السعودية ما زالت في موقف قوي وليست ''عرضة لمخاطر'' من سوق الأسهم أو قيم الأصول. وأضاف ''أنها تتمتع بسيولة ومستوى عال من المخصصات''. وحول أسعار النفط، قال حمد السياري إن أسعار النفط المرتفعة تؤثر على الأرجح على النمو الاقتصادي، وأن على الدول المستهلكة أن تفعل المزيد لتشجيع الاستثمار في صناعة النفط. وأضاف أن السعودية قلقة بشكل خاص بشأن آثار ارتفاع أسعار النفط على الدول النامية. وتابع ''عند المستوى الحالي فإنه (سعر النفط) من المرجح أن يكون له أثر على نمو الاقتصاد العالمي. والقلق الحقيقي هو الأثر على الدول النامية''. وسجل النفط الأمريكي مستويات قياسية مرتفعة هذا العام، ويجرى تداوله فوق 60 دولارا للبرميل منذ بضعة أسابيع ما أدى إلى تكهنات بأن أسعار الطاقة المرتفعة ستقلص النمو في أرجاء العالم. وقبل أربعة أسابيع قال السياري إن أسعار النفط لم يكن لها في تلك المرحلة أثر واضح على الاقتصاد العالمي.
أما جون سنو وزير الخزانة الأمريكي فقال أمس إن أسعار النفط ''مرتفعة جدا''. وسيحضر سنو اجتماعا في بكين هذا الأسبوع لوزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين بمن فيهم السياري. وجدد السياري حجة السعودية القائلة بأن نقص الطاقة التكريرية وليس إنتاج الخام هو الذي يقود أسعار النفط للارتفاع، وألقى باللوم على ما وصفه بالضرائب غير العادلة على صناعة النفط في كثير من الدول الصناعية. وقال ''الاتجاه السلبي لبعض الدول تجاه النفط يخلق حالة من الغموض ولا يشجع الاستثمار وهو ما يؤدي إلى النقص في البنية التحتية''. وأضاف ''عندما يرتفع السعر فإن اللوم يوضع على شركات النفط والدول النفطية. وعندما ينخفض السعر فإنهم يرفعون ضرائبهم''.
ومشيرا إلى بريطانيا التي حث وزير ماليتها جوردون براون منتجي النفط مرارا على زيادة إنتاجهم لخفض الأسعار، قال السياري إنه حتى عند سعر قدره 60 دولارا للبرميل فإن النفط لا يشكل سوى 20 في المائة من تكلفة لتر البنزين البريطاني. وتابع ''الباقي ضرائب وتكرير''. وامتنع السياري عن أن يذكر المستوى الذي يعتقد أنه سعر عادل للنفط، لكنه قال إن معدل الزيادة في الأسعار يبعث على القلق. وأضاف ''الشعور العام هو أن السعر مرتفع جدا، هناك قلق قوي بشأن سرعة الزيادة''.
وشدد السياري على أنه ليس من مصلحة السعودية أن تكون أسعار النفط مرتفعة جدا، مبينا أنها سيكون لها أثر سلبي على الطلب. وبالطبع فإنها سيكون لها أثر سلبي على البدائل التي قد تؤثر على السوق''. وفي جانب ثان، قال السياري إنه ينبغي عدم الضغط على الصين لاتباع سياسات صارمة قد تضر بنموها الاقتصادي. وجاءت تعليقات المسؤول المالي السعودي بعد أن جددت الولايات المتحدة دعواتها لبكين لجعل اليوان الصيني أكثر مرونة. وتابع محافظ مؤسسة النقد أنه لا يعارض إعادة تقويم تدريجية لليوان لكن أي خطوات تقيد النمو في الصين ستلحق ضررا بالاقتصاد العالمي أيضا.

جريدة الإقتصادية 12-10-2005