(السوق اليوم)

بعد تاريخ طويل في مقاومة الركود و معاناة شديدة مع خطط التحفيز، هل تفعلها اليابان هذه المرة؟

الملخص:

أعلنت اليابان عن خطة تحفيز جديدة فهل من الممكن أن تكون هذه الخطة هي المنفذ إلى التعافي؟

العناوين الرئيسية:
أشارت نتائج اجتماع لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة إلى خفض توقعات الناتج الإجمالي المحلي حتى نهاية النصف الثاني من 2009 و احتمال تحقيق ارتفاع طفيف في 2010 مما يشير إلى التعافي التدريجي. على الرغم من ذلك، لم تقدم النتائج أي مراجعة لقراءات البيانات الاقتصادية، كما لم توفر أي أرقام يمكن الاعتماد عليها فيما يتعلق بتوقعات الناتج الأمريكي لتصبح توقعات فبراير هي آخر الأرقام الصادرة عن الفيدرالي و التي أشارت إلى هبوط متوقع بنسبة 0.5% في الناتج الإجمالي المحلي مع إمكانية زيادة درجة الهبوط
إلى 1.3% لعام 2009. كما أشارت توقعات فبراير إلى إمكانية زيادة بنسبة تتراوح ما بين 2.5% 3.3% بنهاية 2010 يشهدها الناتج الإجمالي المحلي..


اليابان:
أكدت الأنباء إعلان اليابان للتوسع في خطة التحفيز الجديدة لترتفع قيمتها من 10 تريلليون ين إلى 15.4 تريلليون ين أي ما يعادل 1.3% من الناتج الإجمالي المحلي. كما أكد "أسو"، رئيس الوزراء الياباني، على أن الحكومة في طريقها إلى توفير ما يتراوح ما بين 1.4 و 2 مليون وظيفة على مدار الأعوام الثلاثة القادمة في إطار خطة طويلة الأجل لدعم النمو الاقتصادي، و أضاف أيضاً أن "الأزمة الاقتصادية الحالية سوف تعمل على تغيير هيكلة و ملامح المنافسة الاقتصادية الدولية بين الدول و الصناعات و الأنشطة المختلفة على مستوى العالم"..

جدير بالذكر أن اليابان قد تعرضت بالأمس لموجة من البيانات الاقتصادية الإيجابيىة حيث ارتفعت قراءة مؤشر طلبات الميكنة للقطاع الخاص بقيمته الأساسية بنسبة 1.4% وفقاً لقراءة فبراير و هو ما جاء أفضل بكثير من التوقعات التي أشارت في وقت سابق إلى التراجع بنسبة 6,7. بينما ارتفعت طلبات الميكنة من جانب الجهات غير التصنيعية بنسبة 3.3% في الوقت الذي انخفضت فيه طلبات الميكنة من الجهات التصنيعية بنسب 8.1%..


على صعيد آخر، صرح "شيراكاوا"، محافظ بنك اليابان بأن البلاد تتعرض لأخطر درجات التدهور الاقتصادي في تاريخها و هو التدهور الذي بلغ أقصاه في الفترة ما بين إعلان تطلعات البنك المركزي للاقتصاد الياباني في يناير الماضي و حتى الآن، علاوة على ما صرح به من إمكانية استمرار تراجع الاقتصاد لفترة طويلة مستقبلاً. كما جاء على لسانه "لقد أكدنا في جميع اجتماعات لجنة السياسة النقدية للبنك على مدار الأشهر القليلة الماضية على أن الموقف الحالي للاقتصاد الياباني يتسم بالخطورة البالغة"..

جدير بالذكر أن المسثمرين اليابانيين قد أقدموا على بيع سندات أجنبية بقيمة 2.114 تريلليون ين في الأسبوع المنتهي بـ 4 إبريل في مقابل وصول مشتروات الأجانب من الأسهم اليابانية إلى 44.7 مليار على مدار نفس الأسبوع..


الصين:
قال المكتب الإحصائي الوطني بالصين أن مؤشر ثقة الأعمال قد تحسن وفقاً لقراءة الربع الأول من 2009 ليسجل 1.1.1 مقابل القراءة المنخفضة البالغة 94.6 في الربع الأخير من 2008 عندما هبط المؤشر بواقع 29.2 نقطة. على صعيد آخر، هبط مؤشر ثقة الأعمال الاصدر عن مكتب الإحصاء الصيني إلى 105.6 للربع الأول من 2009 و هو المؤشر الذي يقيس حالة عدد من الأنشطة الاقتصادية بالصين و تطلعات هذه الأنشطة.

أستراليا:
ارتفاع معدل البطالة إلى 5.7% مقابل 5.2 في القراءة الماضية و هو ما يشير إلى أعلى المستويات على الإطلاق في 8 سنوات. كانت التوقعات قد أشارت إلى 5.4%. كما رجحت التوقعات الأولية أن معدل التضخم المتوقع من المحتمل ارتفاعه بنسبة 2.4% في إبريل الجاري مقابل قراءة مارس التي سجلت 2.2% وفقاً لما جاء في تقرير معهد ميلبورن. على الرغم من ذلك، يتوقع معظم المشاركين في إعداد التقرير تأتي الأسعار متفقةً مع هدف هدف التضخم الذي أقره بنك الاحتياطي الأسترالي لترتفع بنسبة 10.6% و هو أعلى المستويات منذ إبريل الماضي..

نيوزلندا:
ارتفعت مبيعات المنازل النيوزلندي بنسبة 28% لتسجل القراءة الحالية 6.694 مقابل القراءة الماضية التي سجلت 5.228 و هو ما يشير إلى ارتفاع المعدل السنوي لمبيعات المنازل بنسبة 30.5% وفقاً لما جاء في تقرير المعهد الوطني للعقارات بنيوزلندا..

سويسرا:
ارتفاع معدل البطالة إلى 3.3% أي أعلى المستويات منذ سنتين مقابل القراءة السابقة اليت أشارت إلى 3.1%..

منطقة اليورو:
أثبتت مراجعة قراءة تضخم أسعار المستهلك الألماني ليسجل المؤشر 0.1-% و 0.5% على أساس سنوي في مارس مقابل 1.0% على أساس سنوي سجلتها القراءة الماضية. كما هبط الانتاج الصناعي الألماني بنسبة 2.9% في فبراير و هو الهبوط السادس على التوالي مقارنةً بتوقعات "رويترز" التي أشرت في وقت سابق إلى 3.1-%..


المملكة المتحدة:
ارتفع مكون المخرجات بمؤشر أسعار المنتجين البريطاني ليسجل 0.1% في مارس بينما ارتفع المعدل السنوي إلى 2.0% ليشير إلى أضعف ارتفاع يشهده المكون منذ 2007 و ذلك مقابل 3.0% على أساس سنوي . في نفس الوقت، ارتفعت أسعار المخرجات بقيمتها الأساسية بواقع 0.2% و 3.3% على أساس سنوي مما يشير إلى أدنى المستويات التي حققها المعدل السنوي على الإطلاق. كما أكد تقرير صادر عن مكتب الإحصاء الوطني على أن الفجوة التجارية مع الدول خارج الاتحاد الاأوروبي قد انكمشت إلى 3.964 مليار إسترليني في فبراير مقابل 5.631 مليار في الشهر الماضي بسبب ارتفاع قراءة الصادرات بنسبة 12.8% و هبوط الواردات بنسبة 5.4%..

التعليقات:
رغم ما نعرفه من أن اليابان هي أكبر ثاني اقتصاد في العالم و ما نعهده من تقدم مستمر عن هذه البلاد على صعيد الاقتصاد و الأعمال، يبقى لدينا جانب مظلم لابد من اقتحامه لرؤية الصورة الكاملة للاقتصاد الياباني التي تشير إلى رحلة طويلة و تاريخ ممتد مع الأزمات الاقتصادية و آليات الخروج من هذه الأزمات و التي يقع على رأسها خطط التحفيز الاقتصادي و المالي التي طالما لجأت إليها اليابان في ظل الكبوات الشديدة التي وقعت فيها اليابان. و من أهم ما يمكن أن نلقي عليه الضوء في هذا الإطار هو مدى ما حققته اليابان من نجاح أو فشل في تنفيذ هذه الخطط علاوة على مدى تأثرها بالضغوط السياسة و ممارسات الحكومة و إجراءاتها التي استهدفت في كثير من الأحيان حفظ ماء الوجه و البقاء في السلطة لأطول وقت ممكن. و فيما يلي استعراض لتاريخ اليابان مع الإجراءات و الحزم التحفيزية الاقتصادية التي طبقتها اليابان مع عرض شامل للسلبيات و الإيجابيات التي انطوت عليها عمليات التحفيز و ذلك بهدف الوقوف على مدى ما يتوافرمن فرص لنجاح أوفشل خطة التحفيز الجديدة التي أعلنت عنها اليابان يوم أمس..

ها هي اليابان تعلن عن المزيد من خطط التحفيز الاقتصادي بقيمة تتجاوز 3.0% من الناتج الإجمالي المحلي و هي الخطة التي قررت الحكومة التوسع في إطارها من 10 تريلليون إلى 15.4 تريلليون ين ياباني في أعقاب إعلان "يوسانو" بأيام قليلة عن القيمة الأولى. و بالنظر إلى التوقعات نجد أنها تتطلع إلى انكماش الناتج الإجمالي المحلي لليابان بواقع يتراوح ما بين 5 و 6% في 2009 و هو ما يشير إلى التهديدات المتمثلة في عودة الفجوة التجارية إلى الاتساع مرة أخرى مما يمكنها من الأخذ بزمام الاقتصاد إلى دوامة الانكماش مع كل ما تنطوي عليه من مخاطر تضر بالتوظيف الناتج الياباني و ما قد تحدثه من أضرار تلحق بثروات البلاد. و مع الهبوط الحاد في الطلب المحلي و الأجنبي على الصادرات اليابانية و هبوط معدل الفائدة إلى ما يقترب من الصفر، تعتبر السياسة المالية هي الأمل الوحيد و الخيار المنطقي المتوافر أمام المسئولين للخروج من الأزمة الحالية. لذلك لاقت الخطة التحفيزية الحكومية ترحيباً على نطاق متسع في الأوساط الاقتصادية و المالية، على الرغم من ذلك، من المحتمل أن يضع التاريخ الطويل لليابان مع خطط تحفيز الاقتصاد نجاح هذه الحزمة الجديدة محل الشك..

قامت الحكومات التي توالت على اليابان بتنفيذ عدد كبير من إجراءت الإنفاق الحكومي و عمليات الخفض الضريبي من أجل تحفيز الاقتصاد منذ التسعينات و حتى الآن في أعقاب انهيار الاقتصاد الياباني بسبب فقاعة أسعار الأراضي و الأصول العقارية التي حلت على اليابان في عام 1990. و على الرغم من المعوقات و الأخطاء التي واجهت عمليات التحفيز الاقتصادي على مدار عشرات السنوات، تمكنت اليابان من النجاح و مواصلة النهوض من الكبوات الاقتصادية و هو ما يطرح سؤال غاية في الهمية مؤداه؛ "هل تفلح اليابان هذه المرة في اجتياز الأزمة؟". تكمن الإجابة على هذا السؤال في أن جميع الظروف و الأوضاع الاقتصادية العالمية لا تؤهل لنجاح أي إجراءات تحفيزية أو مالية على الإطلاق. بالطبع، يمكن القول بأنه على الرغم من تعطل الاقتصاد الياباني كليةً في الفترة ما بين 1996 و 2000، مع وصول نصيب الفرد من الناتج الإجمالي المحلي إلى 0.2%، كان من المستحيل تجنب الكساد الكامل بينما كان الإنفاق الحكومي مشارك أساسي في حدوث ذلك بلا أدنى شك. و في واقع الأمر و بعد خوض ملحمة من خطط التحفيز في السنوات الأولى من العقد الحالي، بدأ الاقتصاد الياباني في إظهار الكثير من علامات التحسن بنهاية عام 1995 حيث بدأ المعدل السنوي لنمو الناتج الإجمالي المحلي في التقدم ليحقق بالكاد 2.5% مما يشير إلى صعوبة بالغة في معالجة الأزمة الاقتصادية من خلال توظيف خطط التحفيز و الإتفاق الحكومي. مع ذلك، ربما تكون اللحظة الحاسمة في التسعينات هي ما شهدته اليابان عام 1996 عندما رفع رئيس الوزراء الياباني "هاشيموتو" ضريبة المبيعات بنسبة تتراوح بين 3 و 5% مما انعكس في صورة كارثة مروعة في إنفاق المستهلك حيث حالت الضريبة المتضخمة دون بسط يد المستهلك الياباني نحو إنفاق الكثير من المال.

بهذا الصدد و بهدف التطلع إلى مستقبل خطة التحفيز الجديدة المعلنة من جانب اليابان لابد منإلقاء نظرة فاحصة على الموقف المالي للبلاد و التي من خلالها أمكننا التوصل إلى أن الدين العام الياباني وصل إلى 180% من الناتج الإجمالي المحلي و مع تنفيذ إجراءات التحفيز الحالية يصل إجمالي الدين العام إلى 88.5 تريلليون ين ياباني مما يدفع بالموازنة العامة إلى عجز يصل إلى 6% من الناتج الإجمالي المحلي، و بالطبع لا يمكن للخطأ الفادح الذي ارتكبه "هاشيموتو" أن يتكرر بأي حال من الأحوال. و على الرغم أن الدين العام لن يخرج عن السيطرة بعض الوقت حيث تتمكن الحكومة من سداده على مدار الأشهر القادمة بنسبة تقل عن 2% من الناتج الإجمالي المحلي للسنة المالية 2009، و ذلك في ظل بيئة نقدية توفر نظام نقدي تقترب فيه معدلات الفائدة من الصفر، إلا أن المخاوف قد بدأت تتزايد في الوقت الحالي من أن تكون اليابان قد بدأت مشوار تضخم عمليات الإنفاق و إجراءات التحفيز إلى حدٍ لا يمكن تداركه. و بذلك تكون حكومة اليابان هي نفسها القائمة على إطعام الوحش الذي ينتظر التهام الاقتصاد الياباني. لحسن الحظ، بدأت المعوقات التي كانت تقف حائلاً دون نجاح خطط التحفيز في التسعينات في الزوال، و هي بالتحديد القطاع المصرفي منتهي الصلاحية الذي تسبب في إقالة و استقالة الوزارات التي توالت على حكم اليابان في عقد التسعينات. إضافةً إلى ذلك، بدأ النظام المالي، رغم ضعفه، في اتخاذ شكل أفضل بكثير عما كان عليه منذ عقد مضى و هو ما يمكن إدراجه على رأس قائمة العوامل التي من الممكن أن تؤدي إلى نجاح اليابان في اجتياز الأزمة من معبر التحفيز المالي و الاقتصادي مما يعمل على تغيير الوضع بالنسبة للحكومات الحالية التي تعتزم التعلق في النظام المالي لإنقاذ الاقتصاد..

على الرغم مما سبق، نرى أنه من المرجح أن التاريخ سوف يعيد نفسه. و مع تغير الزمان و الظروف و الأوضاع، بينما لم تتغير المشكلات و المعوقات التي تقف في وجه التقدم الاقتصادي في اليابان، إلا أن هذه المشكلات و العقبات قد خرجت على اقتصاد اليابان في ثوبها الجديد و هو ما يتزامن مع حالة من الانهيار تعانيها الدول أكبر الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين لليابان. على الجانب الآخر مما تتطرقنا إليه من قضايا، كان هناك أيضاً تصفيق حاد استقبلت به الأسواق خطة التحفيز اليابانية حيث ارتفع مؤشر "نيكاي" بواقع 3.7%، إلا أنه لا زال هناك بعض الوقت أمام التفاؤل ليسود أسواق الأسهم اليابانية..


______________________________________

المصدر: Bank of New York Mellon
ترجمة قسم التحليلات و الأخبار بالمتداول العربي..