(السوق اليوم)

الآمال المعلقة على قمة العشرين تتحطم على صخرة الخلاف الأمريكي الأوروبي


الملخص:

على الرغم مما يبدو عليه الأمر في الوقت الراهن، إلا أن هناك احتمال لإحداث قمة مجموعة العشرين آثاراً قوية على العملات..

العناوين الرئيسية:

قمة العشرين:
جاء في البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين لوزراء المالية و مسئولي البنوك المركزية ما يلي:


"يوفر التسهيل الائتماني دعماً ملموساً للنمو الاقتصادي و خلق فرص عمل جديدة في الوقت الذي تظهر فيه الحاجة الملحة إلى اتحاد القوى الاقتصادية في جميع أنحاء العالم من أجل التوصل إلى سياسة استثنائية تصلح للحالة غير العادية التي يمر بها الاقتصاد العالمي و هو ما يجب القيام به دون تأخير. على ذلك نعلن تعهدنا بتوفير حالة من التوازن في الاقتصاد تضمن ارتفاع معدلات النمو مع التزامنا بدعوة صندوق النقد الدولي إلى تقييم ما تقوم به الحكومات من إجراءات حالية و ما يتطلبه الموقف من إجراءات مستقبلية. كما نؤكد على أن استعادة معدلات النمو العالمي من أهم أولوياتنا في الوقت الحالي و هي من الأمور التي سوف يشهدها المستقبل القريب لا محالة"..

كما جاء في البيان أيضاً ما يلي:

"لقد قامت البنوك المركزية على مستوى العالم بالخفض الجائر لمعدلات الفائدة و نؤكد على أن دول مجموعة العشرين سوفر تواصل المزيد من إجراءات التخفيف و سياسات التسهيل الائتماني طالما استدعت الحاجة ذلك مع تفعيل عدد من إجراءات و أساليب السياسة النقدية التقليدية و غير التقليدية التي تتلائم مع الوضع الحالي المشبع بالتذبذب و ذلك بهدف الوصول بالأسعار إلى مرحلة الاستقرار" .

و جاء أيضاً "لقد اتفقنا على وجود الحاجة الملحة لزيادة الموارد الدائمة لصندوق النقد الدولي و هو ما قد يستدعي تقديم الدعم الثنائي من خلال الحصص و المخصصات المقدمة للبنك، كما نؤكد على ضرورة حصول بنوك التنمية متعددة الأطراف على موارد التمويل الكافية بدايةً من زيادة رأس المال المقدة لبنك التنمية الأسيوي مما يساعدها على القيام بالمهام المنوطة بها فيما يتعلق بمساعدة الدول الفقيرة"..

و يستكمل البيان قائمة التعهدات التي أطلقتها المجموعة قائلاً؛ "على صندوق النقد الدولي أن يضع الاقتصادات الناشئة، اقتصادات الدول النامية و الفقيرة على رأس قائمة الأولويات و أن يجعل لها النصيب الأكبر من الدعم و التمويل و ذلك بدءً من 2011". و أضاف البيان أن هناك ضرورة لإعادة النظر في عملية انتقاء رؤساء المؤسسات المالية و النقدية الدولية بحيث يتم اختيارهم في إطار عملية انتقائية مفتوحة تقيم المرشحين على أساس ما يتوافر لديهم من مميزات و خبرات و ليس على أي أساس آخر..

و في إطار كلمته التي ألقاها أمام زعماء مجموعة العشرين، قال "جثنر"، وزير الخزانة الأمريكي، "لم أر من قبل مثل هذا الكم الهائل من التعهدات و الالتزامات. على الرغم من ذلك تختلف توجهاتنا فيما يتعلق بما نؤكد على الالتزام به لأننا بالفعل نواجه تحديات مختلفة خاصة بكل دولة علاوة على التحديات المشتركة"

الولايات المتحدة:

قال الرئيس "أوباما" تعليقاً على التقارير المتضاربة الصادرة من الولايات المتحدة و دول منطقة اليورو "لا أستطيع أن أكون أكثر وضوحاً من ذلك، فقد أعلنت من قبل أن الأزمة مشتركة و أنه لا وجود لطرفين متضادين في الأزمة" و أضاف أوباما، تعليقاً على تصريحات "وين"، رئيس الوزراء الصين و التي أطلقها يوم الجمعة الماضية، "من المؤكد أن هناك سبب جعلنا نحقق ارتفاعاً ملحوظاً في تدفقات الاستثمارات الداخلة إلى الولايات المتحدة وسط هذا الزخم من الأزمات التي يعانيها الاقتصاد العالمي و هو بالتأكيد ذلك السبب الذي يتمثل في الاستقرار الاقتصادي و السياسي الذي تتمتع به الولايات المتحدة. و أرى هنا أن هناك ضرورة للاعتراف من جانب جميع دول العالم بأن هذا الاستقرار يعتبر فوق العادة سواءً على المستوى الاقتصادي أو السياسي". و أضاف أيضاً أنه ليس فقط على الحكومة الصينية، و إنما على كل مستثمر أن تتوافر لديه الثقة المطلقة في سلامة استثماراتهم في الولايات المتحدة"..

كوريا الجنوبية:

من المتوقع أن تتوسع كوريا الجنوبية في الإنفاق الحكومي من أجل توفير فرص عمل جديدة ليصل إجمالي الإنفاق الحكومي لهذا الغرض إلى 6 تريلليون وان كوري..

المملكة المتحدة:

أشارت بعض التقاريرالصحفية إلى أن بنك "باركليز" يخطط لبيع جزء من أعماله ليتجنب بذلك أن يكون جزءً من الخطة الحكومية للتأمين على الديون المعدومة و من ثم الحفاظ على كونه مؤسسة مصرفية مستقلة. و من المقرر أن يتم بيع وحدة "iShares ETF" التابعة للبنك و هي الوحدة التي تأمل المجموعة في ارتفاع قيمتها إلى ما يتراوح ما بين 3.5 إلى 5 مليار إسترليني. كما ذكرت "التليغراف" أن "باركليز" بصدد التفاوض مع جهات استثمارية أمريكية، إلا أن هذا الاتجاه يواجه مقاومة بعض الشركاء من الشرق الأوسط..

الصين:

وزير التجارة يصرح بأن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الصين تعاني من التراجع للشهر الخامس على التوالي حيث وصلت إلى ما يقدر بـ 5.83 مليار دولار وفقاً لحسابات شهر فبراير و هو ما يشير إلى انخفاض بنسبة15%..

نيوزلندا:

هبوط قطاع التصنيع بنسبة 5.4% و هو أكبر هبوط ربع سنوي منذ 15 سنة كما يعد الهبوط المتواصل للشهر الرابع على التوالي..

التعليقات:

كان من المأمول أن ينتج عن قمة مجموعة العشرين خطة موحدة تعمل على رأب الصدع الناتج عن الخلاف بين الولايات المتحدة و دول الاتحاد الأوروبي. يذكر أن النزاع القائم بين الطرفين يتمركز حول مدى الحاجة إلى المزيد من مخططات التحفيز الاقتصادي و هي الخطط التي تؤيد الولايات المتحدة الحاجة الماسة إليها في الوقت الراهن.، بينما قابلت دول منطقة اليورو تعليقات الولايات المتحدة بفتور شديد حيث لم تبدي أي اهتمام بمخططات التحفيز و هو ما لم يمثل أي مفاجأة على الإطلاق لما عُرف عن الموقف الأوروبي المناهض لهذا النوع من الحلول. و هنا تجدر الإشارة إلا أن الأمر لم يقتصر على معارضة الدول الأوروبية لفكرة البرامج التجفيزية المقترحة، بل تجاوز ذلك إلى أن أصبحت مناهضة هذه الفكرة من الملامح الأساسية للسياسة النقدية الأوروبية حيث تتخذ المنطقة موقفاً متشدداً من الحزم التحفيزية على اعتبار أن هذا الموقف يمثل دفاعاً عن الإجراءت الأوروبية التي يتم اتخاذها في إطار السياسة النقدية..

و يبدو من المنطقي في الوقت الحالي أن نؤكد فشل القمة المنعقدة في جنوب إنجلترا في التوصل إلى حلول ملموسة للأزمة الاقتصادية العالمية علاوة على الفشل في إلزام جميع المشاركين بالسعي نحو هدف واحد فيما يتعلق بالمبالغ الواجب ضخها في اقتصاد كل دولة من أجل التصدي للأزمة. كما يمكننا التأكيد على أن القمة لم تتوصل إلى صيغة موحدة فيما يتعلق بإصلاح النظام المالي ووضع الضوابط الملزمة التي من شأنها استعادة توازن هذا النظام. يؤكد ذلك مجموعة التصريحات التي انطلقت في الهواء لتتناول الأمور بشكل يشوبه الكثير من السطحية و العمومية دون الإدلاء بتفاصيل تذكر و هي التصريحات التي كان من بين أهمها التعليق الدبلوماسي للغاية الذي أدلى به "جثنر"، وزير الخزانة الأمريكي، و التي جاء فيها "لم أرى من قبل هذا الزخم من التعهدات و الالتزامات التي وضعتها الحكومات على عاتقها، إلا أنني نؤكد أن هناك الكثير من أوجه الخلاف فيما يتعلق بما ينبغي التأكيد عليه لأننا نواجه تحديات مختلفة"..

و في إطار نفس الخلاف بين الولايات المتحدة و دول منطقة اليورو، صرح "بير شتاينبرويك"، وزير المالية الألماني في مؤتمر صحفي مشترك بأن "نحن على قناعة تامة بضروروة ضخ المزيد و المزيد من رؤوس الأموال العاملة في إطار الاقتصادات الأوروبية، على الرغم من ذلك، لم نتمكن من استعادة الثقة في أسواق المال بعد" و أضاف "شتاينبرويك" "كما نواصل البحث عن حلول جذرية للأزمة دون تطبيق أي من الإجراءات التي تستبدل المشكلات القائمة بمشكلات أخرى أكبر حجماً"..

و عند الأخذ في الاعتبار الافتقار إلى إحراز أي تقدم ملموس فيما يتعلق هذه القضية، كان من الضروري أن يتم التطرق إلى بعض القضايا ذات الصلة بزيادة مصادر تمويل صندوق النقد الدولي و هو الأمر الذي أيده مندوبو الدول الأوروبية المشاركة في القمة بهدف مواجهة المشكلات المتتالية التي تظهر على الساحة الاقتصادية الأوروبية، خاصةً فيما يتعلق بالأزمة الكائنة بدول شرق أوروبا و ما تمثله من خطر على القطاع المصرفي بدول الغرب. على الرغم من ذلك، في حالة زيادة موارد التمويل المقدمة لصندوق النقد الدولي من خلال الاعتماد على الدول الغنية مثل الصين، يتحتم على الصندوق توسيع نطاق الدور الذي تلعبه هذه الدول الممولة في إدارة و توجهات الصندوق..

كما اتضح من خلال أحد التصريحات التي حصلت عليها "رويترز" من مصدر مسئول أن المفاوضات قد تركزت حول اقتراح مضاعفة حجم التمويل الذي يتلقاه البنك و الذي يبلغ 250 مليار دولار. كما جاء في أحد التصريحات التي حصلت عليها الـ "ديلي تليغراف" من مصدر مقرب من المفاوضات التي دارت في إطار قمة مجموعة العشرين أن المفاوضات دارت حول زيادة تمويل صندوق النقد الدولي إلى ما يتجاوز الضعف حيث أشار المصدر إلى أن هناك احتمال لزيادة هذه التمويلات لتصل إلى 750 مليار دولار أي ثلاثة أضعاف التمويل الحالي. في المقابل اتفق وزراء مالية مجموعة العشرين على أن اقتصادات الدول النامية و الفقيرة لابد و أن يكون لها الأولوية في الحصول على تمويل الصندوق علاوة على اتفاقهم على أن تتم عملية انتقاء مسئولي الجهات النقدية العالمية و المحلية ذات التأثير على أساس الكفاءة و المساواة. بإيجاز يمكن القول بأن الصين و الأسواق الناشئة سوف يكون لها النفوذ الأكبر و التأثير الأكثر فاعلية في توجهات و أنشطة صندوق النقد الدولي..

فماذا يعني ذلك بالنسبة لسوق العملات؟ بما أن أحد أهم الأسباب الرئيسية التي أثارت قلق الأسواق في الأسابيع الماضية تمثلت في التطلعات المستقبلية للعديد من الدول الأوروبية باستثناء دول غرب أوروبا، فمن الطبيعي أن تؤدي زيادة تمويل صندوق النقد الدولي إلى زيادة دعم عملات هذه الدول (والتي استقر معظمها صباح اليوم). وبالتالي قد يوفر ذلك أيضاً الدعم الكافي لعملات الدول التي يتأثر نظامها المصرفي بالدول الأوروبية. نتيجة لذلك، فمن المتوقع أن يلقى كل من اليورو والكورونا السويدية دعماً نتيجة لهذه الاتفاقية.

ومما يثير الجدل، أن أهم جزئية في الاتفاقية بالنسبة لأسواق العملات تتمثل في الاتفاق على برامج إنفاق موحدة فيما بين الدول المتقدمة. وكما ذكرنا من قبل أن إحدى مخاوف الدول الأوروبية مثل ألمانيا تتمثل في الأثار المترتبة على المطالبة بزيادة الإنفاق العام من فقد ثقة المستثمرين في الديون المحلية. فإن هذا لم يشكل أية مفاجأة في ظل ارتفاع تكاليف الإئتمان في ديون الحكومة الألمانية (على الرغم من أنها لا زالت عند مستويات معتدلة إلى حد ما) وكذلك في ظل سرعة وتيرة تدفقات الديون الألمانية التي قمنا بإحصاءها منذ منتصف فبراير. وبناءً على ذلك، فإن حقيقة أن الدول الأوروبية تتجنب أي تعهدات جديدة لزيادة الإنفاق، من شأنها أن تحفز الاستثمار في أوروبا وكذلك أن توفر دعماً لليورو.

وكما ذكرنا من قبل، يشمل الجانب الأخر لهذه الاتفاقية العلاقة الوثيقة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية. ويؤكد على ذلك تعليقات "وين جياباو" رئيس مجلس الدولة بجمهورية الصين شعبية والتي ذكر فيها "لقد قمنا بإقراض الولايات المتحدة الأمريكية الكثير من رؤوس الأموال، وبالطبع فإننا مهتمين بسلامة الأصول الصينية." ولقد ازدادت أهمية هذا التصريح للولايات المتحدة الأمريكية بتصريح أوباما في نهاية الأسبوع الماضي حين قال " لا بد أن يثق كل مستثمر وليست الحكومة الصينية فقط في كفاءة الاستثمار في الولايات المتحدة الأمريكية." وبذلك علينا أن ننتظر لرؤية ما إذا كانت هذه التصريحات كافية بالنسبة للحكومة الصينية أو أنها لن تقلل من مخاوف الصين من عدم قدرة الولايات المتحدة الأمريكية في الحفاظ على كفاءة الإئتمان لديها.











______________________________

المصدر : Bank of New York Mellon

ترجمة قسم التحليلات والأخبار بالمتداول العربي..