ميريل لينش": إجراءات الحكومات والبنوك المركزية لم تؤثر في قرارات مديري صناديق الاستثمار

الاقتصادية - لا يزال المستثمرون غير مقتنعين بأنّ فيض الإجراءات التي اتخذتها الحكومات والبنوك المركزية يمكن أن يقضي على الركود العالمي ويبقون على مواقفهم المحافظة، وذلك حسبما جاء في المسح الذي أجرته "ميريل لينش" لمديري صناديق الاستثمار لشهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.



ويتبيّن من الاستطلاع أنّ أربعة من خمسة مستثمرين يعتقدون أنّ العالم سيستمر في الركود في العام المقبل. فقد قدم صانعو السياسة مجموعات من المنشطات المالية والسيولة وخفض في معدلات الفائدة، لكن المستثمرين ليسوا حتى الآن مستعدين أن يمنحوا تلك الإجراءات ثقتهم ولا يزال 40 في المائة من الذين اشتركوا في الاستطلاع يعتقدون أنّ السياسة النقدية هي "جدّ مقيّدة" ويظلون محتفظين بكمية كبيرة من النقد والسندات بالنسبة إلى الأسهم.


ويوضح غاري بيكر رئيس استراتيجية الأسهم في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في "ميريل لينش" أن المستثمرين لا يزالون معتصمين بموقفهم من تخصيص الأصول مع أنّ كثيرين منهم يقرّون بالتجاوب مع السياسة العالمية التي حصلت في الأسابيع الأخيرة، غير أن خشيتهم من ركود في الأسعار تبقيهم خارج الحلبة. وهذا الموقف يمكن أن يصبح خطراً إذ إنّ تصميم الحكومات على الإجراءات المالية فضلاً عن مزيد من التيسير النقدي قد يبدأ في التغلغل مثيراً حصول اختيارات بين القطاعات.


وحسب الاستطلاع تستمر أسواق الأسهم العالمية في كفاحها ضد مستويات عالية من تجنّب المخاطرة والتقلّب في سوق العملات، فقد أظهر استطلاع تشرين الثاني (نوفمبر) أن المستثمرين يعتقدون، لأول مرة في خمس سنوات، أنّ الينّ الياباني مسعّر فوق قيمته.


وأوضح مايكل هارنت، رئيس استراتيجية الأسهم في الأسواق الناشئة أن الين هو مقياس عالمي لقابلية المخاطرة وقوته علامة عزوف كبير لدى المستثمرين عن المخاطرة. ورصد الاستطلاع أن المستثمرين في الأسهم أخذوا يتحولون إلى الأسهم الأمريكية، حيث يرتقب أن تكون أرباح الشركات أكثر جاذبية، علما بأن غالبية 36 في المائة من مخصصي الأصول يملكون أسهماً أمريكية، وهذا التعرّض هو الأوسع انتشاراً لأسهم الولايات المتحدة لأكثر من عقد من السنين. وعلى العكس من ذلك فإن المستثمرين مبتعدون عن الأسهم الأوروبية والآسيوية.


وذكر استطلاع "ميريل لينش" أن القلق على المستقبل الاقتصادي في الصين كان واضحاً، فثمة 85 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع والذين يركزون اهتمامهم على آسيا أو الأسواق الناشئة، يتوقعون أن يضعف الاقتصاد الصيني في الأشهر الـ 12 المقبلة. وفي الوقت نفسه، يفضّل المستثمرون في أسواق آسيا والبلدان الناشئة الصين على غيرها من البلدان. وقد تحوّلوا إلى هذه السوق بأعداد غفيرة، فهناك غالبية 67 في المائة من المستطلَعين الإقليميين يملكون أسهماً صينية صعوداً من تملك خفيف لثلاثة أشهر خلَت.


ويؤكد بهذا الخصوص هارنت، أن الصين تعتبر عالمياً البلد الوحيد المستفيد من سياسة التنشيط وانخفاض أسعار النفط. ويوضح الاستطلاع أن التدابير التي اتخذها البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا في تخفيض معدلات الفائدة قد فشلت في رفع الشعور بالتشاؤم بالنسبة إلى اقتصاد أوروبا أو مستقبل الأسهم في الإقليم، فمنطقة اليورو تأتي في أسفل لائحة المناطق التي يرغب المستثمرون بتوظيف أموالهم فيها. فرغم الإجراءات السياسية المتخذة، ثمة 89 في المائة من المستثمرين يتوقعون أن يكون اقتصاد أوروبا في ركود في الـ 12 شهراً المقبلة، صعوداً من 23 في المائة في حزيران (يونيو). ثم أن غالبية 58 في المائة لا يزالون يعتبرون سياسة أوروبا النقدية في غاية التضييق، الأمر الذي يوحي بالتركيز على النمو الذي يتباطأ بسرعة لا على التضخم، ففي حزيران (يونيو)، كان أكثر من النصف يعتقدون أن التضخم سيكون أكبر في 12 شهراً المقبلة، غير أنه قد تبيّن في مسح تشرين الثاني (نوفمبر) أنّ ثمة 92 في المائة يتوقعون أن يكون التضخم أدنى مما هو الآن.


وترى كارن أولني رئيسة استراتيجية الأسهم الأوروبية في "ميريل لينش" أنه وسط البحث الحثيث عن النمو يبدو أن المستثمرين يغضّون الطرف عن خطر التضخم، ففي مدة لا تتجاوز الخمسة أشهر تغيرت نظرة المستثمرين تماماً إلى الموضوع. لكن في وقت ما، إن كمية المنشّطات النقدية والائتمانية والمالية الحكومية التي جرى ضخّها عالمياً يمكن أن تضع هذه النظرة في خطر.


ومقابل خلفية من التقلّبات في السوق لم يسبق لها مثيل، أجرى المستثمرون الأوروبيون تغيّرات واسعة في تخصيص أصولهم في الشهر الفائت، منفّذين بالضبط مقاييس تتخذ في أوقات الركود.


وأظهر الاستطلاع أن المستثمرين الأوروبيين يوظفون، للمرة الأولى في تاريخ المسح، أكثرية من أموالهم في الصناعات الغذائية والمشروبات. وأن غالبية 47 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع يملكون أسهماً في قطاع العناية الصحية والصيدلة، متحولين عن القطاعات الدورية، كالموارد الأساسية والكيماويات.

وتلفت كارن أولني إلى أن اتخاذ موقف محافظ مثل هذا قد يكون مكلفاً، ويعتقد أنه قد حان الوقت لبدء تحييد بعض المواقف المحافظة. يذكر أنه شارك ما مجموعه 180 مدير استثمار في المسح العالمي الذي أجري بين 7 و13 تشرين الثاني (نوفمبر) يديرون أموالاً تبلغ 536 مليار دولار وشارك 149 مديراً في المسح الإقليمي يشرفون على استثمار 334 مليار دولار