الحياة - وفّرت الحكومات الأوروبية 2 تريليون يورو ائتمانات من أجل توفير الإقراض. لكن البلدان الأوروبية باتت مهدّدة بمرحلة الانكماش الاقتصادي، بعد أن سجل الناتج المحلي لكل منها، معدلات سلبية خلال الربعين الثاني والثالث من العام الحالي. وكانت المعدلات سلبية في البلدان التي واجهت صعوباتٍ خطيرة جراء انهيار الأنظمة المصرفية في منطقة البلطيق وهنغاريا وايرلندا. وتوحي المعطيات المتوفرة أن المعدلات ستظل سلبية في الربع الأخير من السنة، ما يؤكد تضرر الدورة الاقتصادية في أوروبا جراء استفحال أزمة أسواق المال المتواصلة منذ تفجر أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة في آب (أغسطس) 2007. وتدل المؤشرات الاجتماعية كافّةً، إلى احتمال توتر الوضع الاجتماعي في بلدان الاتحاد الأوروبي في الفترة الراهنة بحيث تتوالى بيانات الصعوبات المالية إلى الشركات وتقلص بيانات التصدير وفي المقابل ارتفاع معدلات البطالة.

ويؤثر انكماش الاقتصاد الأوروبي على واردات الاتحاد من البلدان المجاورة منها العربية المتوسطية. وتعتقد مصادر دبلوماسية أن أزمة أسواق المال العالمية لم تؤدِ إلى انهيارات مصرفية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط لأن الأنظمة المصرفية محلية جداً، لكن أزمة الاقتصاد الحقيقي ستؤثر آلياً على بلدان الجنوب، خاصة في حجم الاستثمارات الأوروبية وتحويلات المهاجرين المقيمين في السوق الأوروبية وعزوف السياح الأوروبيين عن الإنفاق.

وأكدت منظمة التعاون والتنمية تراجع النمو في البلدان الكبرى في 2009 بنسبة 0.9 في الولايات المتحدة و0.5 في المئة في منطقة عملة يورو و0.1 في المئة في اليابان. وتميزت تحركات البلدان الصناعية إلى الآن بتنسيق المصارف المركزية عمليات ضخ السيولة وخفض أسعار الفائدة إلى أدناها (بالنسبة إلى الدولار 1 في المئة و3.25 بالنسبة لليورو). ووفرت الحكومات الأوروبية في شكل خاص ائتمانات بقيمة ألفين بليون يورو لضمان توفر السيولة واستئناف حركة الإقراض بين المصارف. وتقرن الحكومات توفير الضمانات المصرفية بشرط استئناف تقديم القروض لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة. لكن ترسانة الإجراءات والحوافز لن تؤتي ثمارها قبل أشهر وستبقى منقوصةً إذا لم تبادر الحكومات الأوروبية بوضع إجراءات إضافية لخفض مستويات الضريبة لأنها الوسيلة لتحفيز الاستهلاك الداخلي، وهو ما لا يتوافر بعد لأسباب ضيق هامش تحرك الموازنات العامة.