الاقتصادية - أكد خبراء أن الأزمة المالية التي ضربت العالم هي أزمة في النظام الرأسمالي الغربي سببه الأساسي ضعف الرقابة على المؤسسات المالية، مشددين على أن الاقتصاد الأمريكي يعيش طفيليا على التدفقات الخارجية.

ونظم مركز الجزيرة للدراسات في الدوحة ندوته الشهرية الـ 25 تحت عنوان "الأبعاد السياسية والاستراتيجية للأزمة المالية" تحدث فيها الدكتور عبد الحي زلوم المفكر والخبير الدولي، الدكتور حازم الببلاوي مستشار صندوق النقد العربي، الدكتور محمد المصري الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، والدكتور عيد بن مسعود الجهني رئيس مركز الخليج العربي للطاقة عبر القمر الصناعي.

الأزمة المالية أزمة نظام

أوضح الدكتور عبد الحي زلوم أن الأزمة المالية الحالية هي أزمة نظام، موكدا أنه منذ الحرب العالمية الثانية إلى السبعينيات كان هناك نظام صرف ثابت ولكن في فترة السبعينيات صار انفلات في طبع الدولارات وأعلن الرئيس السابق ريتشارد نيكسون سنة 1971 فك الارتباط بنظام الصرف الثابت ومنذ ذلك الوقت بدأ عصر اقتصاد مالي جديد.

وأكد أن هناك اقتصادا منتجا ثم وجد الاقتصاد المالي حيث إن الاقتصاد المالي يعد خادما للاقتصاد المنتج ولكن حصل أن الاقتصاد المالي أصبح أكبر 40 مرة من الاقتصادي الحقيقي في السبعينيات.

وأضاف أنه بقرار سياسي ذاتي أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تقرر طباعة الدولارات حيث إنه بين عامي 1950 و1970 زاد الدولار 55 في المائة عما كان عليه ومن عام 1971 إلى 2000 زاد الدولار 2000 في المائة. وبين أن النظام المالي المضارب هو اليوم في أزمة حيث إنه فعل أزمات كثيرة وبدأ يفعل فقاعات حيث ضعفت القوانين التي كانت تضبط الاقتصاد العالمي والأمريكي، والأمريكيون يواصلون تزويق المصطلحات. وأضاف أن الاقتصاد الرأسمالي أحدث اضطرابات في فترة الثمانينيات وفي التسعينيات التي كانت شبيهة بفترة العشرينيات.

وأكد أن الاقتصاد يقوم على مضاربات وعلى سبيل الذكر انهيار بنك ليمان براذرز، حيث إن قيمة أصوله قدرت بـ 700 مليار دولار ولكن عند شرائها كانت في حدود 60 مليار دولار، موكدا أننا لسنا في أزمة بل في مصيبة وهي أزمة نظام، والرهونات العقارية لم تكن هي السبب الحقيقي التي كلفتها 14 تريليون دولار إضافة إلى المشتقات التي تقدر بـ 665 تريليون دولار. وأضاف أن أساس الأزمة يأتي مع العولمة، حيث إن الولايات المتحدة الأمريكية تعيش على تدفقات مالية خارجية تصل إلى ثلاثة مليارات دولار يوميا تأتي من الصين والخليج ودول أخرى.

وأوضح أنه عندما تم تقسيم دول العالم العربي وقع على أساس تكون فيه البلدان ذات الكثافة السكانية قليلة الموارد والبلدان ذات الكثافة الأقل الأكثر موارد. وأضاف: لماذا تنتج دول الفائض أكثر مما تحتاج إليه مما يصبح لها فائضا ورقيا؟ وقال إن الأزمة المالية لها تأثيرات مختلفة على الدول.

وأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تعاني خللا هيكليا حيث إن اقتصادها يعيش طفيليا على تدفقات مالية تأتي من الخارج.

وأضاف أن أمريكا أكثر بلد مدين في العالم، حيث أصبحت البنوك الأمريكية نتيجة ضخ السيولة تقوم بتشجيع الناس على الاقتراض أكثر من طاقاتهم.

ضعف الرقابة وانهيار الثقة

أكد الدكتور حازم الببلاوي أن الأزمة الحالية تختلف عن أي أزمة سابقة فالكثيرون يتكلمون عن الاقتصاد العيني أو الحقيقي بمعنى الموارد التي تشبع الحاجيات.

وأضاف أن البشرية اكتشفت الأصول بمعنى أن الأصل المالي هو حق على الأصل العيني، موكدا أن الذي حصل في الفترة الأخيرة هو زيادة في المديونية وساعدت فيها المشتقات وحصل توسع سرطاني في زيادة نوع معين من الأوراق المالية وهو المديونية إلى جانب أن الرقابة لم تكن تشمل كل المؤسسات المالية حيث اقتصرت على البنوك التجارية، إضافة إلى أنه تم التركيز على الإقراض في قطاع واحد وهو العقار إلى جانب أن الثقة التي هي عنصر أساسي انهارت.

وأوضح أن هناك خللا شديدا في النظام نتيجة تركيز النشاط المالي في قطاع واحد وهو العقار وزيادة حجم المديونية وليس هناك رقابة على المؤسسات المالية.

وبين أن التطور المالي الذي خدم البشرية انفجر وستكون له آثار بعيدة وستصل الأزمة للجميع وستأخذ وقتا طويلا لتعالج.

وأضاف أن اقتصاد السوق يتعلم عن طريق الأخطاء والنظام الرأسمالي يعمل بمبدأ الربح والخسارة، وأن أكثر المتضررين من الأزمة هي دول الفائض، مضيفا أن الحل هو أن تتحول الثروة إلى مشاريع حقيقية.

النظام الرأسمالي قادر على التكيف

وقال الدكتور محمد المصري إن ما حصل من أزمة مالية في الولايات المتحدة الأمريكية تحولت إلى أزمة اقتصادية سيتأثر بها كثير من الدول. وأضاف أن حجم استدانة الولايات المتحدة لعب دورا كبيرا في أن يقدم الأمريكي على الاستهلاك بطريقة أكثر من إنتاجه.

وأكد أن الضوابط التي وضعت بعد الحرب العالمية الثانية انهارت منذ الثمانينيات.
وأوضح أن النظام الرأسمالي له قدرة على التكيف وبيد الولايات المتحدة العديد من الوسائل لتجاوز الأزمة مثل شراء القروض والقيام بمزيد من التأميمات وخلق تحالف دولي لتخطي الأزمة.

وأضاف أن أمريكا لن تهزم ولكن مدى قوتها سوف يعاد النظر فيه وأنه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وفوز الولايات المتحدة أصبح من الصعب انتقاد النظام الرأسمالي الذي ينتصر في كل مكان، حيث كان هناك إطار أيديولوجي ونظري من الصعب أن يخطئ، وأن الدول الغربية ستتضرر من الأزمة مما جعل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يدعو إلى تأسيس نظام مالي عالمي جديد.