الاقتصادية - التداولات المتقلبة كانت سمة الأسبوع الأخير من شهر اشتعلت فيه النيران بالنسبة للمستثمرين في أسواق الأسهم والعملات والسندات والسلع، حيث أظهرت البيانات أن الاقتصاد العالمي يواجه ركوداً طويل الأمد.

وكثير من البنوك المركزية أجرت تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة، يتصدرها البنك المركزي الأمريكي، الذي قرر للمرة الثانية في شهر تشرين الأول (أكتوبر) تخفيض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية. كذلك أنشأ البنك تسهيلات ائتمانية لعقود التأمين المتقابلة على الدولار مع البرازيل وكوريا الجنوبية وسنغافورة والمكسيك، وهو قرار ساعد على تحقيق تعاف عجيب في الأسواق الناشئة.

وقال ماكس بوبليتز،وهو كبير المحللين الاستراتيجيين لدى مؤسسة إس سي إم أدفايزر SCM Advisors: "يواجه الاقتصاد العالمي تحديات لا يستهان بها في الوقت الذي تأخذ فيه التجاوزات المذهلة لهذه الدورة الائتمانية بالتفكك ببطء. من الناحية العالمية، فإن استجابات السياسة النقدية تأخرت بصورة معقولة وهادفة عن الجهود الأمريكية، ولكن يبدو أنها تزداد سرعة الآن".

ويوم الجمعة قرر البنك المركزي الياباني تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 20 نقطة أساس لتصل إلى 0.3 في المائة، في حين أن كوريا الجنوبية والصين وهونج كونج وتايوان والنرويج قررت كذلك تخفيض أسعار الفائدة.

ويتوقع المستثمرون أن يقوم البنك المركزي الأوروبي والبريطاني والأسترالي بتخفيض أسعار الفائدة في الأسبوع المقبل. وجاءت هذه الجولة من تخفيضات أسعار الفائدة في الوقت الذي أظهرت فيه البيانات أن الاقتصاد الأمريكي تقلص بنسبة 0.3 في المائة في الربع الثالث، حيث كان في طليعة التراجعات هبوط مقداره 3.1 في المائة في الإنفاق الاستهلاكي، وهو أكبر معدل للهبوط منذ عام 1980، الذي كان أطول كساد اقتصادي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. أشارت بيانات أخرى لأكبر اقتصاد في العالم هذا الأسبوع أن الاستهلاك الأمريكي في تراجع تام، ما يؤكد الفكرة القائلة إن الاقتصاد العالمي يواجه امتحاناً حاداً.

وقال ستيفن ستانلي، وهو كبير الاقتصاديين لدى بنك آ ربي إس جرينتش كابيتال RBS Greenwich Capital: "من المرجح أن يسجل الطلب المحلي أضعف الأرقام في الربع الرابع منذ عام 1980".

وساعدت تخفيضات أسعار الفائدة، وموازنة الحسابات في نهاية الشهر لدى بعض مديري الصناديق، على تحسين وضع الأسهم وتعافيها بقوة من بداية رديئة يوم الإثنين الماضي، خصوصا في آسيا واقتصادات الأسواق الناشئة. ودفع هذا الأداء القوي بعضاً من أكبر المكاسب الأسبوعية للأسواق منذ سنوات، ولكنه مع ذلك ترك المستثمرين وهم يعانون من خسائر كبيرة في تشرين الأول (أكتوبر).

وهبط مؤشر نيكاي 225 في اليابان بمقدار 5 في المائة يوم الجمعة، على اعتبار أن تخفيض الفائدة من البنك المركزي الياباني سبب خيبة أمل للمستثمرين. وفي حين أن مؤشر نيكاي ارتفع بمقدار 12.1 في المائة هذا الأسبوع، إلا أن إجمالي هبوطه على مدى الشهر بمقدار 24 في المائة هو رقم قياسي للهبوط بعد أن سجل يوم الإثنين أدنى مستوى له منذ 26 سنة. وقفز مؤشر كوسبي في كوريا الجنوبية بمقدار 18.6 هذا الأسبوع، في حين أن مؤشر هونج كونج ارتفع بمقدار 10.7 في المائة.

وتحرك مؤشر فاينانشال تايمز يوروفيرست 300 إلى الأعلى يوم الجمعة، مواصلاً صعوده على مدى الأسبوع إلى 12.8 في المائة. وفي لندن اندفع مؤشر فاينانشال تايمز 100 يوم الجمعة بمقدار 10.7 في المائة هذا الأسبوع.

وفي نيويورك كان الوضع مستقراً في مؤشر ستاندارد آند بورز 500 في تداولات الفترة المبكرة من العصر، بحيث أن المؤشر ارتفع بمقدار 10.2 في المائة عن مستواه منذ يوم الإثنين.

وفي الأسواق الناشئة حلقت الأسهم الروسية بمقدار 43 في المائة هذا الأسبوع، في حين أن مؤشر بوفيسبا في البرازيل ارتفع بمقدار 17 في المائة بحلول عصر يوم الجمعة. ولكن سوق روسيا والبرازيل خسرت كل منهما أكثر من ربع قيمتها في الشهر الماضي. كذلك أصلحت السندات والعملات في الأسواق الناشئة بعض الدمار الذي أصابها في تشرين الأول (أكتوبر). ولكن الآفاق، كما يحذر المحللون، تظل قاسية.

وقال جوليان جيسوب، وهو محلل استراتيجي لدى كابيتال إيكونومكس: "ما يزال على جميع الأسواق الناشئة أن تتعامل مع تداعيات الركود الاقتصادي الذي يقف الآن على الأبواب في الاقتصادات المتقدمة. وسيتعين على الأسواق الناشئة ذات الأساسيات الضعيفة، وخصوصاً بعض البلدان الأوروبية، أن تحاول معالجة الاختلالات داخل بلدانها كذلك".

والتعاملات في أسواق العملات هيمنت عليها التحركات الحادة في سعر الين في مقابل العملات الأخرى. بدأ هذا الأسبوع بتحقيق مكاسب كبيرة للين، حيث أخذت بالتفكك تجارة المناقلة، التي تقوم على الاقتراض بالين بأسعار فائدة منخفضة واستثمار تلك المبالغ في عملات ذات مردود أعلى. ثم تهاوى الين في الوقت الذي شعر فيه المستثمرون بالتخوف من التدخل في العملات وكانوا يستعدون لقرار تخفيض أسعار الفائدة يوم الجمعة.

وعلى مدى الأسبوع ارتفع اليورو بمقدار 5.6 في المائة في مقابل الين، في حين أن الجنيه الإسترليني ارتفع بمقدار 6.5 في المائة، والدولار الأسترالي ارتفع بمقدار 11.2 في المائة. ارتفع مؤشر الدولار إلى أعلى مستوى له منذ سنتين، حين ارتفع بأكثر من 20 في المائة عن مستوياته المتدنية تاريخياً في نيسان (أبريل).

وهذا الأسبوع تدافع المستثمرون لشراء السندات الحكومية قصيرة الأجل. في بريطانيا، هبط العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل سنتين بمقدار 19 نقطة أساس ليصل إلى 2.88 في المائة، في حين أن العائد على سندات الخزانة اليابانية لأجل سنتين أقفل في ختام الأسبوع بمقدار 0.54 في المائة، بعد أن كان 0.71 في المائة.

في الولايات المتحدة بلغ العائد على سندات الخزانة لأجل سنتين) 1.58 في المائة يوم الجمعة، بعد أن 1.64 في المائة يوم الثلاثاء. وقد ارتفعت هذا الأسبوع العوائد على السندات الحكومية لأجل عشر سنوات في منطقة اليورو وبريطانيا والولايات المتحدة. تراجعت أسعار الفائدة في أسواق المال أكثر من ذي قبل، في الوقت الذي قامت فيه البنوك المركزية بتخفيض أسعار الفائدة أكثر من ذي قبل وواصلت برامجها السابقة لتعزيز السيولة.