الاقتصادية - تلقت شهية المخاطرة عند المستثمرين أمس جرعة مقوية وسط الآمال بأن قرار البنك المركزي الأمريكي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس ستتبعه قرارات أخرى من قبل البنوك المركزية في أماكن أخرى من العالم.

خفض البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة الرئيسة لتصبح 1 في المائة، وهي أدنى معدلات منذ حزيران (يونيو) 2004. وهذه هي المرة التاسعة التي يقوم فيها البنك بتخفيض أسعار الفائدة منذ أيلول (سبتمبر) من السنة الماضية، حيث كانت أسعار الفائدة في ذلك الحين عند مستوى 5.25 في المائة.

كانت هناك توقعات كبيرة بأن البنك المركزي الياباني سيعلن يوم غد تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، على أن يتبعه البنك المركزي الأوروبي والبنك المركزي البريطاني بعد ذلك في الأسبوع المقبل.

وخفض البنك المركزي الصيني أمس أسعار الفائدة الرئيسة للمرة الثالثة خلال شهرين، في حين أن البنك المركزي النرويجي خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس لتصبح 4.75 في المائة، وهي المرة الثانية التي يقرر فيها البنك تخفيض الأسعار هذا الشهر، وأشار إلى أن هناك مزيدا من التخفيضات في الطريق.

قال كريستوفر ريجر، هو محلل استراتيجي لدى بنك دريزدنر كلاينفورت Dresdner Kleinwort: "إن التسابق لتخفيض أسعار الفائدة بدأ للتو، وربما لن ينتهي إلا حين تصل أسعار الفائدة الرئيسة إلى مستويات تاريخية في البلدان المهمة".

أكبر الآثار العجيبة التي أصابت السوق أمس جاءت من تقارير بأن البنك المركزي الياباني يدرس تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس عن المستوى الحالي البالغ 0.5 في المائة. تراجع الين وهبط عن الأرقام القياسية التي كانت الأعلى منذ سنوات، ما ساعد الأسهم اليابانية على الارتفاع بصورة حادة.

قال جوليان جيسوب، كبير الاقتصاديين الدوليين لدى مؤسسة كابيتال إيكونومكس: "من رأينا أن البنك المركزي الياباني عليه تقديم شيء ملموس حتى يتجنب أن يخيب أمل الأسواق". "كذلك فإن البنك يتعين عليه أن يُرى وهو يقوم بشيء ما في بيئة تتجه فيها الولايات المتحدة بصورة خاصة نحو ركود اقتصادي عميق، وتُواصل فيها البنوك المركزية تخفيض أسعار الفائدة بصورة نشطة. لذلك نرى أن أسعار الفائدة سيتم تخفيضها كلياً إلى أن تصل إلى الصفر مرة أخرى خلال الأشهر المقبلة".

من جانب آخر, فإن الطريق المؤدي إلى تخفيض آخر لأسعار الفائدة من البنك المركزي الأوربي أصبح ميسراً بفعل البيانات التي أظهرت هبوطاً للشهر الثالث على التوالي في معدلات التضخم في ألمانيا.

قال كارستن برزيسكي، من مؤسسة آي إن جي: "حيث إن صفارة زوال الخطر من الجانب التضخمي على وشك الانطلاق، وحيث إن الاقتصاد الحقيقي عالق في دوامة الأزمة المالية، فإن الباب أصبح مفتوحاً أمام البنك ليقوم بتخفيض أسعار الفائدة في تشرين الثاني وكانون الأول (نوفمبر وديسمبر)."

بالمثل لا يرى المحللون عقبات تذكر أمام قيام البنك المركزي البريطاني بإدخال مزيد من التخفيضات على أسعار الفائدة، اعتباراً من اجتماع الأسبوع المقبل للجنة السياسة النقدية في البنك".

قال ستيوارت تومسون، وهو كبير الاقتصاديين لدى مؤسسة ريزوليوشن أست مانجمنت Resolution Asset Management، إنه على ثقة بأن أسعار الفائدة في بريطانيا سيتم تخفيضها بمقدار 150 نقطة أساس على الأقل خلال الأشهر الستة المقبلة، وبمقدار 250 نقطة أساس على مدى السنة المقبلة.

هذا التفاؤل حول أسعار الفائدة أشعل فتيل تقدم واسع في أسواق الأسهم العالمية. في طوكيو قفز مؤشر نيكاي 225 بمقدار 7.7 في المائة، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا ارتفع بمقدار 7.5 في المائة.

فور صدور قرار البنك المركزي الأمريكي بتخفيض أسعار الفائدة شهد مؤشر ستاندارد آند بورز 500 انعطافاً حاداً، حيث هبط بنسبة 0.3 في المائة بعد أن حلق إلى ارتفاع مقداره 10.8 في المائة الثلاثاء الماضي.

ضاقت الفروق على عوائد السندات في أوروبا والولايات المتحدة. هبط مؤشر آي تراكس للسندات الأوروبية الخطرة، وهو مؤشر رئيس لشهية المخاطرة، بمقدار 12 نقطة أساس ليصل إلى 838 نقطة أساس.

في أسواق المال استمر هبوط أسعار الفائدة على قروض الدولار بين البنوك، رغم أن الفرق بين سعر فائدة ليبور على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر وبين مؤشر عقود التأمين المتقابلة على قروض الليلة الواحدة، وهو مقياس مهم للعسر في الأسواق، توسع بصورة قليلة.

انتشرت النغمة المتحسنة في الأسواق إلى سوق موجودات الاقتصادات الناشئة، حيث ساعدت صفقة الإنقاذ بقيمة 25 مليار دولار إلى هنغاريا، على المزاج الإيجابي. واصل مؤشر بنك مورجان ستانلي المركب للأسواق الناشئة The MSCI EM equity index ارتفاعه مبتعداً عن أدنى مستوياته خلال أربع سنوات، حيث قفز مؤشر آر تي إس في روسيا بمقدار 12 في المائة، وارتفع مؤشر الأسهم البرازيلية بمقدار 4.6 في المائة.

كانت عملات الأسواق الناشئة مرتفعة بصورة عامة، وضاقت الفروق بين العوائد على سندات البلدان الناشئة وبين العوائد على سندات الخزانة الأمريكية، بعد أن وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ ست سنوات.

في أسواق العملات تخلى الدولار عن بعض من مكاسبه الأخيرة مع التحسن في شهية المخاطرة، الذي أوقف الموجة المندفعة من تصفية الصفقات والتخلص من الديون الثقيلة. كذلك سجل الين تراجعاً واسعاً.

كانت نتائج السندات الحكومية الأمريكية متباينة في أعقاب قرار البنك المركزي الأمريكي. هبط العائد على سندات الخزانة لأجل عشر سنوات بمقدار ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 3.82 في المائة، في حين أن العائد على السندات لأجل سنتين ارتفع بمقدار ست نقاط أساس ليصل إلى 1.56 في المائة.

سجلت أسعار السلع ارتفاعاً على خلفية الدولار الضعيف واستقرار أسواق الأسهم. ارتفعت أسعار الخام الأمريكي من جديد إلى مستوى 69 دولاراً للبرميل، ولامس الذهب مستوى 773 دولاراً للأونصة، وقفز النحاس قفزة عالية مقدارها 14 في المائة.