الاقتصادية - تمتعت الأسهم العالمية بفترة لالتقاط الأنفاس كانت في أمس الحاجة إليها، حيث بدأ البحث عن الصفقات الرخيصة في أعقاب عمليات البيع المكثفة التي جرت في التداولات السابقة، رغم أن البيانات الاقتصادية القاتمة في الولايات المتحدة ذكَّرت المستثمرين بالمخاطر المستقبلية.

امتد التحسن في شهية المخاطرة لدى المستثمرين ليشمل موجودات الأسواق الناشئة، التي تعرضت لضغط حاد في الفترة الأخيرة، وأقلق استقرار الين والدولار اللذين كانا يحلقان في الأعالي.

لكن ثيموس فيوتاكيس، الاقتصادي لدى بنك جولدمان ساكس، قال إنه على الرغم من الاندفاع المريح في الموجودات الخطرة، إلا أن مشاعر اللبس والإبهام العالمية تظل في مكانها.

وقال: "في الأزمة المعتادة ضمن الأسواق الناشئة تقوم البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة. وهذا يعمل على تثبيت استقرار العملات المحلية ويسبب انقلاباً في اتجاه المنحنيات المحلية".

وقال إن الجيشان الحالي ليس مدفوعاً بالأساسيات في الأسواق الناشئة، إنما بالقيود على الائتمان في مجموعة البلدان العشرة.

وقال "إذا ظلت حركة رأس المال الأجنبي محدودة بصفة مستقلة، فإن الزيادة المفرطة لأسعار الفائدة يمكن أن يتبين أنها لا تتمتع بالكفاءة اللازمة لتثبيت استقرار الموجودات المحلية، ويمكن أن تشكل مخاطر على النمو وتدفعه إلى الأدنى على المدى المتوسط".

رفعت آيسلندا أمس الأول أسعار الفائدة بنسبة ضخمة هي 6 في المائة لتصبح الآن 18 في المائة، سعياً منها لمساندة الكرونا ولإرضاء صندوق النقد الدولي، الذي طلبه كشرط للموافقة على قرض احتياطي بمقدار ملياري دولار.

قرار رفع الفائدة يقابله من الجانب الآخر قرار من البنك المركزي الهنغاري بإجراء تخفيض كبير في أسعار الفائدة في الأسبوع الماضي لوضع حد للهبوط الحاد في قيمة الفورينت. أمس الأول حذرت هنغاريا، التي تقدمت كذلك بطلب للمساعدة من صندوق النقد الدولي، من أن اقتصادها يمكن أن يتقلص بنسبة تصل إلى 1 في المائة عام 2009، ولكن المخاوف حول مستقبل النمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة صرفت جانباً أمس الأول، وارتفع مؤشر بنك مورجان ستانلي للأسواق الناشئة بمقدار 5 في المائة، مبتعداً بذلك عن أدنى مستوى له منذ أربع سنوات. في روسيا ارتفع مؤشر آر تي إس بمقدار 4.8 في المائة، بعد استئناف التداول في أعقاب التعليق الذي فرض يوم الجمعة، في حين أن مؤشر بوفيسبا في البرازيل ارتفع بمقدار 8.7 في المائة.

تقلصت الفروق على العوائد بين سندات الخزانة الأمريكية وبين السندات الحكومية في الأسواق الناشئة إلى 800 نقطة أساس، وكانت عملات هذه الأسواق بصورة عامة مدعومة بشكل طيب.

كذلك انتعشت أسواق الأسهم في البلدان المتقدمة، تتصدرها الأسهم الآسيوية في أعقاب الهبوط الحاد يوم الإثنين الماضي في المنطقة. اندفع مؤشر نيكاي 225 في طوكيو بمقدار 6.4 في المائة، بعد أن هبط إلى أدنى مستوى له منذ 26 سنة، في حين أن مؤشر هونج كونج قفز إلى الأعلى بمقدار 14.4 في المائة، وهو أكبر ارتفاع له في يوم واحد منذ 11 سنة.

واصلت الأسهم الأمريكية والأوروبية تقدمها، على الرغم من خسائر البنوك.
ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 لعموم أوروبا بمقدار 2.2 في المائة، في حين أن مؤشر كسيترا داك في فرانكفورت قفز بمقدار 11 في المائة، ويعود معظم السبب في ذلك إلى ارتفاع آخر غير عادي بالنسبة لشركة فولكسفاجن في أعقاب قرار بورشه لتثبيت السيطرة على الشركة المنافسة.

في نيويورك ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بمقدار 1.1 في المائة بحلول منتصف اليوم، لكن تأثرت أسهم الشركات المالية سلباً على جانبي الأطلسي بسبب المخاوف من أن بعض البنوك الاستثمارية ربما تكون قد تكبدت خسائر فادحة بعد انسحاب أسهم شركة فولكسفاجن.

كذلك كانت هناك علامات على توتر الأعصاب، بعد أن أظهرت البيانات أن ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة هبطت هذا الشهر إلى أدنى مستوى لها، في حين أن أسعار المساكن هبطت بمقدار 16.6 في المائة خلال السنة المنتهية بشهر آب (أغسطس)، وهو أسرع معدل للهبوط في التاريخ.

قال بول آشويرث من كابيتال إيكونومكس إن بيانات الثقة تبين بوضوح مدى حدة تأثر المستهلكين وتقوقعهم ومدى اتساع نطاق الركود الاقتصادي.

وقال "نواصل توقعنا بهبوط الاستهلاك بمقدار 1 في المائة في السنة المقبلة في الوقت الذي يتقلص فيه الاقتصاد العام بمقدار 0.5 في المائة".

النغمة المتحسنة في أسواق الأسهم ساعدت على تقلص الفروق بين العوائد على السندات في كل من أوروبا وأمريكا، وقلصت من اندفاع المستثمرين لشراء السندات الحكومية الأمريكية بصفة الملاذ الآمن. ارتفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات بمقدار 11 نقطة أساس ليصل إلى 3.79 في المائة.

كانت هناك أقاويل في الأسواق بأن حالات الهبوط الحادة في أسواق الأسهم التي وقعت في تشرين الأول (أكتوبر) ستجعل صناديق التقاعد بحاجة إلى إعادة وزن محافظها وتوجيهها بصورة قوية نحو الأسهم وإبعادها عن السندات عند نهاية الشهر.

لكن في أوروبا فإن المخاوف المتواصلة حول الآفاق الاقتصادية دفعت لفترة قصيرة بالعائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل سنتين إلى أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات، عند 2.51 في المائة.

في أسواق العملات تراجع الين عن أعلى مستوى له منذ 13 سنة في مقابل الدولار، وهبط بحدة في مقابل الدولار الأسترالي، بعد أن ذهب معظم القوة في الموجة الأخيرة من عمليات التصفية والتخلص من الديون الثقيلة.

الاندفاع المبكر في أسعار السلع تبخر في الوقت الذي أدى فيه انهيار ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة إلى إشعال فتيل المخاوف حول تراجع الطلب. ظل سعر الخام الأمريكي على حاله عند 63.20 دولار للبرميل، حتى بعد أن أعلنت "أوبك" أنها ربما تخفض الإنتاج مرة أخرى لمساندة الأسعار.