الاقتصادية - فقد مؤشر فاينانشيال تايمز لأكبر 100 شركة ربع قيمته في الأسابيع الأربعة الماضية. وتم تأميم بنكين بريطانيين. وهناك ثلاثة بنوك أخرى تستعد كي تحصل الدولة على حصص مباشرة فيها. وتقف المملكة المتحدة على شفا الركود الاقتصادي. وليس هذا هو الوقت الأنسب لتشجيع المواطنين العاديين على أن يعهدوا بمدخراتهم للمؤسسات المالية.

ورغم ذلك ربما تكون هذه هي اللحظة المناسبة تماماً. ومع انتقال الأزمة المالية من صفحات الأعمال إلى الصفحات الأولى في الجرائد، تلقت الثقة بهيكل الخدمات المالية برمته ضربة موجعة. إن المستثمرين المحنكين معتادون على المعاناة من تذبذب الأسواق، لكن الفرق هذه المرة أن الأزمة طالت المدخرين العاديين والذين يودعون أموالهم في البنوك. وهؤلاء بالضبط هم العملاء الذين ترغب البنوك، وشركات التأمين، ومديرو الصناديق في تشجيعهم على شراء المنتجات الاستثمارية الأكثر تعقيداً.

وقد اندلعت الأزمة أيضاً في الوقت الذي بدأت فيه كبريات الشركات البريطانية التخلص من شبح الفضائح التي شهدها العقد الماضي: فضيحة شركة إيكويتابل لايف Equitable Life وصناديق الاستثمار الرأسمالي المجزأة، ورهون الوقفيات، وسوء بيع المعاشات التقاعدية.

وفي ظل هذه الأوضاع تنتظر رؤساءَ البنوك مهمة هي الأصعب، تتمثل في استعادة ثقة الناس بالمؤسسات المالية. لكن توجد لديهم ميزتان على بقية نواحي القطاع. الميزة الأولى أن المدخرين الذين لا يحبون المخاطرة بأموالهم ليس لديهم خيار إلا أن يودعوا أموالهم لدى أحد البنوك، وذلك بسبب عدم استطاعتهم تخبئة أموالهم تحت الفرشة، كما يقول المثل. والميزة الثانية أن ضمان الحكومة غير المعلن للودائع بنسبة 100 في المائة ينبغي أن يساعد على جسر الهوة القائمة بين شكوك المودعين ووعود البنوك بأن تعمل بشكل أفضل في المرة التالية.

يبدو الأمر غريباً، لكن التاريخ يدل على أن احتمال تعرض البلاد إلى ركود وشيك ينبغي أن يساعد على إحياء ثقافة الادخار وإنعاشها. ذلك أن نسبة المدخرات الأسرية التي كانت سالبة في الربع الأول، للمرة الأولى منذ خمسينيات القرن الماضي، ترتفع عندما تنخفض أسعار المنازل، وينخفض المقياس الاقتصادي ويرتفع معدل البطالة. إن التضخم المتسارع، أو أسعار الفائدة الحقيقية السالبة، أو الركود العميق الذي اضطر الجميع إلى الاعتماد على مدخراتهم سيقلل من ذلك الأثر. لكن يبدو أن التراجع الذي شهدته أسعار السلع أخيرا يكبح جماح التضخم. وينبغي للعمل على خفض أسعار الفائدة أن يقلل من خطر حدوث انكماش أكثر عمقاً وضرراً.

على أن من الصعب أن يتصور المرء أن يقوم المودعون الذين تعرضوا لهزة باتخاذ الخطوة التالية باتجاه استثمار أكثر خطراً في وقت تتعرض فيه أكبر الأسماء العاملة في هذه الصناعة للهجوم بصورة علنية.

إن الخطر الأكبر هو أن يتحول النفور إلى اشمئزاز لدى البالغين الشباب القابلين للتأثر، والذين تمت تنشئتهم على الاعتقاد بأن مراكمة ديون كبيرة (بدئاً بقروض الطلبة) أمر عادي، وعلى عدم الاهتمام بالادخار.

وهناك تقرير جديد يثير الإعجاب من إعداد مؤسسة ريفورم Reform الفكرية لصالح معهد تشارتر إنشورانس Chartered Insurance، وهو يفسر هذه النقطة بشكل واضح وجلي. في أسوأ الحالات، يدل التقرير على أن تشديد القوانين والأنظمة يمكن أن يقتل عملية ابتكار المنتجات، ويزيد من تكلفة الاستشارات، ويحول الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً إلى "جيل من الضحايا" يعمل انعدام ثقتهم بالخدمات المالية على إفساد النظام برمته لسنوات.

وفي أحسن الحالات، تتمكن الحكومة، والجهات التنظيمية، والشركات من كبح الاندفاعة الكامنة لدى الأشخاص تحت سن 35 عاماً، وطاقتهم الطبيعية وطلبهم القوى للأدوات التي تمكنهم من تولي مسؤولية شؤونهم المالية. وتم تطوير (أو السماح بتطوير) المنتجات الجديدة وبيعها بطرائق جديدة ومدعومة من قبل مستشارين أكثر احترافاً وأفضل تدريبياً.
الابتكار، والاحتراف، والثقة. إذا نظرنا إليها من المنظور المالي السيئ، فإن الكثيرين يشعرون بأن الابتكار تعرض لنقد شديد، وإنه تم صرف النظر عن الاحتراف، وأن الثقة تبخرت. ويتطلب الأمر جهداً جماعياً هائلاً لإدراك الرؤية الوردية لجيل الشباب باعتبارهم منقذي النظام المالي ومخلصيه. لكن إذا لم تتمخض الأحداث الأخيرة عن إطلاق موجة جديدة من التفكير الجديد المتطرف عبر صناعة الخدمات المالية، فمن الصعب تصور الشيء الذي يمكنه أن يفعل ذلك.

كيف تعرف الركود؟

صدور اعتراف واحد من جانب محافظ بنك إنجلترا بأن هناك انكماشاً اقتصاديا في البلاد.
ربعان أو أكثر من النمو السلبي، أو ربعان أو أكثر من التراجع الإيجابي.
ثلاث عطلات أسبوعية متتالية تتضمن الحديث في حفلات العشاء عن الأصدقاء المشترَكين، أو أزواجهم الذين فقدوا وظائفهم.

أربعة أيام متتالية يعترف فيها وزراء في الحكومة بأن المملكة المتحدة تتجه نحو ركود اقتصادي نتيجة للأزمة المالية، أو أربعة أرباع متتالية يقول فيها السياسيون في المعارضة إن المملكة المتحدة تتجه إلى ركود اقتصادي نتيجة سوء إدارة الحكومة للاقتصاد.

خمسة أسابيع متتالية تتحدث فيها محلات جون لويس عن تراجع مبيعاتها، أو تتحدث فيها شركة Aldi عن زيادة مبيعاتها.

تكرار كلمة ركود ست مرات منفصلة في يوم واحد في الأعمدة أو المقالات الرئيسية.
مرور سبعة أيام عمل دون أن تردك رسالة عبر الإنترنت تدعوك إلى أخذ قرض جديد.
مشاهدة الآباء الذين يدرس أبناؤهم في المدارس الخاصة ثماني مرات في أمسيات افتتاح مدارس الدولة.

زيادة أعمال إعادة الهيكلة والإفلاس الجديدة بمعدل عشرة أضعاف عمليات الاندماج والاستحواذ.