الاقتصادية - أوجه الشبه كبيرة بين الهلع المالي الذي كنا نعايشه والآلام المصرفية الكبرى في الماضي، مثل شائعات تعثر العمالقة الماليين، والمخاوف المتعلقة بالأطراف المقابلة، والتوجه بعقلية القطيع نحو اكتناز السيولة، والهرب نحو أكثر درجات الائتمان جودة وسيولة، والتخلص من الموجودات الأخطر، بغض النظر عن السعر، ووجود حالة من العدوى الدولية. والأهم من كل ذلك هو الشعور المتزايد بهشاشة نظام مالي يعيش حالة من الوهن. ومع ذلك، هذا الهلع سينتهي كما انتهى أسلافه.

كانت لأسباب هلع البنوك المصادر ذاتها على الدوام. "هلع كل نشاط أصيل ينجم عن الجذور ذاتها المتمثلة في التخمينات الخاصة بمستوى التصنيف"، كما كتب أحد معلقي العصر الـفيكتوري. توماس كوك، ذلك التاجر والمؤلف الذي كان يعيش في أوائل القرن التاسع العاشر، أعاد الأزمة البريطانية عام 1793 "إلى توسع كبير، وغير مبرر لنظام الائتمان، وتداول الأوراق المالية". وبعد ذلك بعام واحد لاحظ توماس جيفرسون، خلال أول انهيار مالي في الولايات المتحدة المستقلة "فقاعة أوراقنا المالية انفجرت".

تكشف حالات هلع البنوك بصورة عامة تدني جودة الإقراض الذي رافق الانتعاش السابق. وكان والتر باجهوت، وهو أعظم من كتبوا في الشؤون المالية في القرن التاسع عشر، ضد غباء مديري صندوق الحسم "أوفر إند جورني"، الذي أدى فشله في عام 1866 إلى آخر احتشاد لزبائن البنوك البريطانية لسحب أرصدتهم قبل الوفاة المدمرة لبنك نورثرن روك. وكتب باجهوت: "دمروا شركة كانت جيدة في نظر قطاع الأعمال، بصورة سيئة لدرجة كان من المتعذر أن يكون الوضع أسوأ لو كانوا قد تعمدوا أن يجعلوا وضعها أسوأ".

إن الخصائص السلوكية للهلع هي الوجه الآخر لتلك الخاصة بالانتعاش. فيتم استبدال الخوف المفرط بالثقة المفرطة، ويأخذ عدم الثقة العصبي مكان الثقة العمياء، وجنون الشراء الخاص بالانتعاش يخلي السبيل خلال فترة الذعر لعمليات تخلص مذعورة من الممتلكات.

وتزداد حدة اجتناب الخسائر أثناء حالات الهلع. ويوم انهيار "أوفر إند جورني" كتبت صحيفة "التايمز": "إن مشاعر الخوف أقوى حتى من مشاعر الأمل. هناك رجال يستطيعون مقاومة إغراء الأرباح الموعودة والعلاوات المرتفعة، لكن حين يعتقد أصحاب الودائع أن هناك حالة قريبة من توقف نشاطات البنوك، فإن كل واحد منهم يسارع لإنقاذ وديعته في الوقت المناسب ولا يعبأ إلا قليلاً بالعواقب. وكان الرجال قبل فترة ليست بعيدة يثقون بالجميع. ويبدو الآن أنهم لا يثقون بأحد، فهناك آلة كبرى خرجت عن السيطرة".

خرجت هذه الآلة عن السيطرة بسبب فشل ما يصفها الاقتصاديون بأنها مؤسسة بالغة الأهمية للنظام المالي برمته، كما حدث لبنك أير في حزيران (يونيو) 1772، ولبول ثورنتون آند كو في كانون الأول (يناير) 1825، ولأوفر إند جورني في أيار (مايو) 1886، التي وصفتها "التايمز" بأنها "أعظم أداة ائتمان في المملكة"، وجاي كوك آند كو في أيلول (سبتمبر) 1873، وسقوط بنك الولايات المتحدة في كانون الأول (ديسمبر) من عام 1930. ويشبه ذلك ما حدث حين أشعلت تعبئة بنك ليمان براذرز طلب الإفلاس هلعنا الراهن.

النتيجة الرئيسية للهلع هي التدافع الشرس على السيولة، لأن الأموال تصبح نادرة. وكان ذلك واضحاً حتى حين كانت العملات قابلة للتحويل إلى ذهب. فقد كان هناك القليل مما يتوافر من المعدن الثمين أثناء كل حالة هلع. وكانت أسعار الفائدة ترتفع، بينما تنهار أسعار الأوراق المالية. وكتب فيليب هون في صحيفة "نيويوركر" خلال هلع عام 1837 "لا يمكن تحويل أفضل الرهونات إلى أموال سائلة دون التضحية بـ 20 في المائة من قيمتها، وأوراق الشركات التي لا يرقى إليها الشك كانت تباع في وول ستريت بنسبة تراجع تبلغ 3 في المائة شهرياً. وبلغت معدلات استرجاع الأموال 100 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) 1907".

تتصف كل حالة هلع بشعور يفيد بأن النظام المالي قريب من الانهيار الكامل. ولم تكن تلك المشاعر أقوى في أي وقت مما كانت عليه خلال حالة الرعب التي بدأت في لندن في كانون الأول (ديسمبر) 1825. وقال وليام هسكسون، رئيس مجلس التجارة، أمام مجلس العموم "لو استمرت الصعوبات التي شهدتها الأسواق المالية 48 ساعة أخرى"، فإنه يعتقد حازماً "أن أثر ذلك كان يمكن أن يوقف أن تعامل بين بني البشر، إلا من خلال نوع من المقايضة الثانوية". أو كما قال أحد مديري بنك إنجلترا خلال تلك الأزمة "يجب ألا نسأل من هو الذي انتهى، بل من هو باق؟".

غير أن السلطات المعنية استطاعت، حتى في 1825، تهدئة الهلع الناجم عن ذلك الحدث من خلال اقتراض الأموال من فرنسا وتوزيع كميات من الأوراق النقدية القديمة التي وجدت في خزائن بنك إنجلترا. وأصبح إنهاء الهلع في القرن العشرين أشد ارتباطاً بالتدخل الحكومي الحاسم. وهناك أمثلة صارخة على ذلك تتجسد في أزمة بنك روزفلت في آذار (مارس) 1933، وإطلاق "قارب النجاة" من جانب بنك إنجلترا في كانون الأول (ديسمبر) 1947، وتأميم بنك الائتمان طويل الأجل في اليابان في تشرين الأول (أكتوبر) 1998 الذي رافقته عملية ضخ للرساميل بقيمة 500 مليار دولار في النظام المصرفي المتعثر.

هناك سبب موجب للمخاوف. فنظامنا الائتماني الحديث أشد تعقيداً وترابطاً، وحجم الديون فيه أعلى مما كان عليه الوضع في سالف الأزمان. ومن جانب آخر، الإجراءات التي اتخذتها السلطات لمعالجة الأزمة أوسع بكثير مما حدث خلال المناسبات السابقة. وما عليك سوى مشاهدة التدافع الشرس من جانب الحكومات حول العالم لضمان ديون البنوك، وتقديم القروض مقابل الأوراق المالية الرديئة، وضخ الأموال في المؤسسات المالية المتعثرة.

من المهم ألا نبالغ في المخاطر. واعتبر الدكتور جونسون "عدم الثقة العامة والجبن" اللذين ظهرا عام 1772 "أكثر بقليل من رعب ناجم عن ذعر سيتساءل كثيرون حين يتعافون منه لماذا كانوا خائفين". وسينتهي الهلع الحالي كما حدث لسابقيه. ولا يعني ذلك أن ما بعده سيكون ساراً على النطاق الأوسع للاقتصاد. ربما تنتهي الإجراءات الطارئة الهلع، لكن لا يمكنها إصلاح التجاوزات الائتمانية التي كانت هي الأسباب العميقة لهذه الأزمة.