مسؤولون أوروبيون يتساءلون: هل يمكننا تحمل عجز القوة العالمية الاولى من دون ان تكون لنا كلمة في الموضوع؟

ميدل ايست اونلاين – تصحو الأسواق الغربية الأربعاء على ما يمكن ان يسجل كأول يوم من أيام الركود المعلن رسميا.

ولكن الأسئلة التي تشغل المراقبين الإقتصاديين هو الى أي مدى سيصل هذا الركود، والى أي حد ستؤدي الأزمة المالية الى حدوث انهيارات جدية، لا سيما في البلدان النامية، مثل الباكستان، التي لا تجد اموالا كافية لتمويل احتياجاتها، ثم ماذا ستكون العواقب إذا تعمق الركود ليصل الى مستوى الكساد الشامل؟ وكم سيكون حجم العاطلين عن العمل؟

وكان حاكم المصرف المركزي البريطاني ميرفين كنغ اعلن مساء الثلاثاء، للمرة الأولى، ان الإقتصاد البريطاني بدءا الدخول في مرحلة الركود، وذلك بعد يوم واحد من اعلان مماثل اطلقه رئيس مجلس الإحتياط الفيدرالي الأميركي بن برنانكي.

ويتوقع ان يعلن حاكم المصرف المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه شيئا مماثلا، بعد ان كان قد ذكر في وقت سابق ان النمو الاقتصادي في اوروبا وتحديدا في منطقة اليورو المكونة من الـ15 دولة سجل تباطؤا كبيرا وسط عام 2008.

وتحاول اوروبا والولايات المتحدة ان تستنفرا جهودهما على كل الصعد لمواجهة الركود محتمل ولطمأنة الاسواق المالية المتقلبة بعد اسبوعين من الانهيار المالي.

وبينما كانت واشنطن تركز على خطة انعاش جديدة، بدأت دول الاتحاد الاوروبي باعلان تدابير إضافية لدعم اقتصاداتها التي هزتها الازمة.

وتراجع سعر اليورو الثلاثاء الى 1.29 دولارا للمرة الاولى منذ التاسع من مارس/آذار 2007، ما يؤكد المخاوف على قدرة الاقتصاد الاوروبي على مقاومة الازمة المالية.
ومنذ الرقم القياسي الذي وصل اليه اليورو في 15 يوليو/تموز وهو 1.6 دولارا، فقد 18% من قيمته.

في المقابل، ظل الدولار متماسكا في انتظار اطلاق خطة انعاش اقتصادي في الولايات المتحدة من شأنها ان تدعم الاستهلاك وهو عامل اساسي في النمو الاميركي.
واعلن البيت الابيض الثلاثاء انفتاحه على اقرار مثل هذه الخطة بعد خطة الانعاش الاقتصادي التي اقرت الربيع الماضي بكلفة 168 مليار دولارا.

وقال رئيس الاحتياطي الفدرالي الاميركي بن برنانكي الاثنين ان الولايات المتحدة ستواجه تباطؤا اقتصاديا طويلا، معتبرا "انه من المناسب التفكير" في خطة انعاش اقتصادي جديدة.
ويدعم الديموقراطيون في الكونغرس وضع مثل هذه الخطة بكلفة 150 مليون دولار.

واعتبر المصرف المركزي الكندي ان هناك سباقا مع الوقت، لان "الانكماش بدأ في الاقتصاد الاميركي". واعلن خفض معدل الفائدة الرئيسية ليصل الى 2.25% من اجل تحفيز النمو الاقتصادي الذي بدأ يعطي مؤشرات سلبية.

ودعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مجددا الثلاثاء امام البرلمان الاوروبي في ستراسبورغ الى اعتماد خطة بالتنسيق بين الدول الاوروبية للنهوض الاقتصادي، وهي فكرة استبعدها القادة الاوروبيون خلال قمتهم الاسبوع الماضي.

وقال ساركوزي "هذا لا يعني اننا سنفرغ الصناديق او اننا سنحدث انعاشا عبر صرف مال لا نملكه. انما الا يستحق الامر ان نتحدث في ذلك في ما بيننا من اجل التنسيق في الرد الواجب اعتماده؟".

ورأى المحلل في مؤسسة "كابيتال ايكونوميكس" في لندن بول دايلز "حتى لو بدا ان الاسواق تستقر، فان تباطوء الاقتصاد بالكاد بدأ".
ولا يزال الاوروبيون يعملون كل دولة بمفردها.

في فرنسا، اعلنت الحكومة مساء الاثنين ضخ 10.5 مليار يورو في المصارف الخاصة الستة الكبرى بهدف المساعدة على فتح باب القروض مجددا ومواجهة خطر الانكماش.
وفي بريطانيا، كشفت الحكومة الثلاثاء خطة لمساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كما تخطط لزيادة نفقاتها العامة وتخصيص الجزء الاكبر منها للسكن والطاقة.

وبدأت الثقة تعود تدريجيا الى العمليات بين المصارف، بتأثير مبادرات الحكومات والمصارف المركزية.

في المقابل، بدأت تظهر الخلافات حول المسائل الاساسية.
فقد انتقد ساركوزي ضمنا في ستراسبورغ الولايات المتحدة، وقال "هل في امكاننا ان نستمر في تحمل عجز القوة العالمية الاولى من دون ان تكون لنا كلمة في الموضوع؟. الجواب هو كلا".

واقترح ساركوزي الذي يتولى حاليا رئاسة الاتحاد الاوروبي عقد اجتماع لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوروبي من اجل التحضير للقمة الاولى المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني في نيويورك حول اعادة تأسيس النظام المالي.

في هذا الاطار، طالب رئيس الحكومة الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو ان تشارك اسبانيا في القمم العالمية حتى لو انها ليست عضوا في مجموعة الثماني للدول الغنية.

وجدد ساركوزي الثلاثاء اطلاق فكرة فرنسية قديمة تقضي بانشاء حكومة اقتصادية لمنطقة اليورو في مواجهة المصرف المركزي الاوروبي من اجل التعامل بشكل افضل مع الازمة.

الا ان رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو رأى وجوب "عدم المس باستقلالية المصرف المركزي".

كما اعلن الرئيس الفرنسي تأييده انشاء صناديق سيادية في اوروبا لحماية الشركات الاستراتيجية التي اضعفتها الازمة المالية، من شركات اجنبية قد تستولي عليها.
الا ان وزير الاقتصاد الالماني مايكل غلوس رفض الفكرة.

في سوق النفط، واصلت الاسعار انخفاضها الثلاثاء في نيويورك، وسط تساؤلات المستثمرين حول التاثير الفعلي لخفض الانتاج الذي يدعو اليه عدد من اعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك).

واقفل سعر برميل النفط المرجعي الخفيف "لايت سويت كرود" تسليم نوفمبر/تشرين الثاني على 70.89 دولارا، اي بتراجع بلغ 3.36 دولارا بالمقارنة مع اقفال الاثنين.