الاقتصادية - اعاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس تحريك فكرة إنشاء حكومة اقتصادية حقيقية خاصة بمنطقة اليورو، في ضوء الأزمة المالية الحالية، رغم التحفظات التي أبدتها ألمانيا.

وقال ساركوزي في كلمة ألقاها أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ حول الدروس التي يجب استخلاصها من الأزمة المالية العالمية "من المستحيل أن تستمر منطقة اليورو من دون حكومة اقتصادية واضحة المعالم".

وأضاف أن "اجتماع وزراء المالية وحده غير كاف" عندما تأخذ الأزمات مثل هذه الأبعاد، موضحا أن رؤساء الدول والحكومات وحدهم "يتمتعون بشرعية ديمقراطية".

وهذه الحكومة الاقتصادية التي لا تزال معالمها غير واضحة، فكرة تدعمها منذ سنوات فرنسا التي تدعو إلى توجيه سياسي لمنطقة اليورو حيال نفوذ البنك المركزي الأوروبي، المؤسسة الفيدرالية الوحيدة للدول التي تتعامل بالعملة الأوروبية الواحدة.

وكانت باريس قد حاولت مرة ثانية إعادة هذه الفكرة إلى الواجهة الربيع الماضي قبل توليها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في تموز (يوليو) من خلال الدعوة إلى قمة لرؤساء دول منطقة اليورو.
لكنها اضطرت إلى التراجع عن هذه الفكرة بسبب معارضة ألمانيا التي تشتبه بأن باريس تريد خصوصا إعادة النظر في استقلالية البنك المركزي الأوروبي المتهم بانتظام بأن شغله الشاغل هو مكافحة التضخم والحفاظ على معدلات فائدة مرتفعة.

وأعطت الأزمة المالية الرئيس ساركوزي ذريعة جديدة لتطبيقها وعقدت قمة رؤساء دول وحكومات منطقة اليورو 15 بلدا في 12 تشرين الأول (أكتوبر) في باريس لوضع خطة إنقاذ منسقة للمصارف.
وهذه الخطة التي صادقت عليها لاحقا دول الاتحاد الأوروبي الـ27، وضعت ساركوزي في موقع قوة أمام المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي ترددت في الانضمام إلى حل أوروبي لمواجهة الأزمة.

وقال ساركوزي الثلاثاء "على البنك المركزي الأوروبي أن يكون مستقلا" لكن على مؤسسة النقد في فرانكفورت التي تدير العملة الأوروبية الموحدة "أن تتمكن من التحاور مع حكومة اقتصادية".
وشدد ساركوزي على أهمية أن تتحدث أوروبا "بصوت قوي" عن الأزمة المالية العالمية.

وفي هذا الخصوص، أعلن الدعوة قريبا إلى قمة أوروبية استثنائية للتحضير للاجتماعات العالمية التي ستعقد حول إعادة تشكيل النظام المالي العالمي. وقال ساركوزي "سيتسنى لي أن أقترح على شركائي رؤساء الدول والحكومات عقد اجتماع للتحضير لهذه القمم" التي وافقت الولايات المتحدة على مبدأ عقدها في عطلة نهاية الأسبوع الماضي.

ورأى أن أوروبا "يجب أن تطرح فكرة إعادة تشكيل الرأسمالية العالمية"، مضيفا أن "ما جرى ليس إدانة لاقتصاد السوق بل خيانة لقيم الرأسمالية".

وقال ساركوزي إن "الحل الأبسط" أمام القمم العالمية سيكمن في إشراك القوى الاقتصادية الناشئة الكبرى الخمس ومنها الصين والهند مع دول مجموعة الثماني الصناعية.

وقال إن هذا "سيكون الهدف من الزيارة إلى الصين لإقناع القوى الآسيوية بالمساهمة في إعادة التشكيل هذه"، في إشارة إلى القمة المقبلة للحوار الآسيوي - الأوروبي التي ستضم 43 دولة أوروبية وآسيوية الجمعة والسبت في بكين.

وأكد ساركوزي التزامه بالجدول الزمني وأهداف الخطة الأوروبية لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري رغم المعارضة المتنامية لبعض الدول لها بسبب الأزمة الاقتصادية. وتنص هذه الخطة على خفض 20 في المائة من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بحلول 2020.