الاقتصادية - بعد أسابيع عدة عصيبة شهدت الأسواق وضعاً هادئاً نسبياً يومي السبت والأحد الماضيين كانت معظم البوصات الرئيسية مغلقة خلالهما. وعلى الرغم من أن خطط إنقاذ القطاع المالي التي تبنتها الحكومات قد أدت إلى كبح تفاقم الأزمة المالية إلا أنه لا تزال هناك حاجة إلى إحداث تحسن جذري في الأوضاع المالية.

وانضمت حكومة كوريا الجنوبية إلى ركب الحكومات التي طرحت خططا لإنقاذ قطاعها المالي متعهدة بتوفير مبلغ 130 مليار دولار كضمان لتداولات النقد الأجنبي مع البنوك الخارجية ولتعزيز رؤوس أموال المؤسسات المالية. وفيما يلي الملامح العامة لمعظم خطط إنقاذ القطاع المالي التي تم الإعلان عنها خلال الأسابيع الأخيرة:

* شراء الحكومات حصصا مباشرة في رؤوس أموال المؤسسات المالية.
* تقديم معايير محاسبية أكثر مرونة.
* ضخ أموال ضخمة لتعزيز السيولة.
* رفع حدود الضمان للودائع المصرفية.

من العوامل المهمة في رصد مدى النجاح لخطط إنقاذ القطاع المالي السرعة في تنفيذها. فعلى سبيل المثال قامت الحكومة الهولندية يوم الأحد بضخ 13.5 مليار دولار في بنك آي إن جي بعد هبوط سعر سهمه يوم الجمعة في أعقاب إعلان إدارته أن البنك سيسجل أول خسارة له في الفصل الثالث نتيجة انكشافه أمام أصول تأثرت بأزمة الائتمان.

ويتمعن القادة السياسيون حالياً في الدروس بعيدة المدى التي تلقونها من الأزمة المالية، حيث اقترح الرئيسان الأمريكي والفرنسي خلال اجتماعهما يوم السبت عقد سلسلة من القمم حول الأزمة المالية العالمية تبحث أولاها في التقدم الذي أحرز في معالجة الأزمة الحالية وفي كيفية تفادي وقوع أزمات مشابهة في المستقبل. وعلى الرغم من الأهداف السامية لهذه القمم إلا أنه تعذر عليها الوصول إلى اتفاق على خطوات واضحة ومحددة، خاصة أنها تأتي قبل وقت قصير من انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة.

وكان من شأن بعض الانفراج الذي شهدته الأوضاع المالية - كانخفاض الفائدة على القروض بين البنوك وخروج الأموال من مظلة الأصول الآمنة (مثل سندات الخزانة الأمريكية)- مقرونة بالتقدم الذي تحقق في تحسين سلامة القطاع المصرفي، أن ساعد الأسواق الآسيوية على تحقيق مكتسبات قوية أمس، حيث أغلقت أسواق اليابان على ارتفاع بلغ 3.6 في المائة، وقفزت أسواق هونج كونج بنسبة 6.1 في المائة بينما افتتحت الأسواق الأوروبية صباح الأمس على ارتفاع راوح بين 2 و3 في المائة.

أما الأسواق الخليجية فجاء أداؤها متبايناً صباح الأمس - حسب تقرير "جدوى للاستثمار" - حيث ارتفع مؤشر سوق دبي بنسبة 2.6 في المائة وارتفع مؤشر أبو ظبي بنسبة 1.2 في المائة، بينما انخفض مؤشر سوق الكويت بنسبة 3.4 في المائة وذلك في أعقاب أداء الأحد الذي جاء أيضاً متبايناً، حيث سجل مؤشرا بورصتي كل من دبي وأبو ظبي ارتفاعاً بنسبة 0.4 في المائة و2.4 في المائة على التوالي، بينما انخفض مؤشر الكويت بنسبة 2.7 في المائة. أما مؤشر سوق الأسهم السعودية فقد تدهور خلال أول يومين من أسبوع التداول بنسبة 8.8 في المائة وكانت أكثر القطاعات هبوطاً قطاع شركات البتروكيماويات التي تراجعت أسهمها في أعقاب الإعلان عن نتائج الفصل الثالث لشركة سابك التي كشفت عن تراجع في نمو الأرباح السنوية للشركة لأول مرة منذ عامين. ومن المرجح أن تخلق الأوضاع المتدهورة التي يعانيها الاقتصاد العالمي مزيداً من الضغوط على أسعار منتجات البتروكيمائيات علاوة، على أنها ستؤثر في الطلب خلال عام 2009.

التداعيـــات

سينصب تركيز المستثمرين في كافة الأسواق المالية على نتائج الشركات للربع الثالث التي سيتواصل الإعلان عن المزيد منها هذا الأسبوع، وفي ظل حالة الغموض حول مدى عمق الركود الاقتصادي فمن المرجح أن يؤدي أي ضعف أو تحسن كبير في الإجماع الخاص بأداء الشركات الممتازة إلى خلق تذبذبات حادة في الأسواق. كذلك ستتم مراقبة التوقعات لأداء الشركات لعام 2009 من كثب.

وينطبق الوضع نفسه على الأسواق الخليجية، حيث يجري حالياً الإعلان عن نتائج الشركات للربع الثالث. وقد توطدت العلاقة بين حركة الأسعار في أسواق الأسهم الخليجية والعالمية بدرجة كبيرة خلال الشهر الماضي، وهو الأمر الذي ساهم في خفض مؤشر السوق السعودية إلى مستوى أدنى مما نعتبره السعر العادل (بل أدى إلى خلق بيئة اقتصادية صعبة)، ويتم حالياً تداول مؤشر السوق السعودية عند مكرر ربحية منخفض غير مسبوق عند مستوى 13 مرة، لكنه يعد مرتفعاً بصورة معقولة مقارنة بالأسواق النظيرة والأسواق الخليجية الأخرى في ضوء الانهيارات التي اجتاحت الأسواق الأخرى.

تم هذا الصباح نشر بيانات النمو الاقتصادي للفصل الثالث في الصين التي كشفت أن الناتج المحلي الفعلي بلغ 9 في المائة مما يجعل الصين تسجل نمواً من خانة واحدة لعام 2008، وهو أمر يحدث لأول مرة منذ عام 2002. وتشير التوقعات إلى تباطؤ النمو في الصين خلال العام المقبل مما سيؤدي إلى خفض وارداتها من السعودية وغيرها من الدول. لكن في ضوء نسبة النمو التي تبلغ 8 في المائة وباعتبار الحجم الضخم للاقتصاد الصيني لا يزال هذا المستوى يمثل حافزاً قوياً للاقتصاد العالمي.