الاقتصادية - اما وقد أدرك هانك بولسون الآن أن أفضل طريقة يستخدم بها برنامج إنقاذ الموجودات المتعثرة هي إعادة رسملة النظام المصرفي، فمن المهم أن نبين بالضبط كيف ينبغي أن يتم ذلك. ولأن ذلك لم يكن جزءاً من النهج الأصلي لوزير الخزانة، فإن هناك خطراً حقيقياً من ألا تتم هيكلة الخطة بصورة مناسبة ولا تحقق الهدف منها. ومع وصول أسواق المال إلى حافة الانهيار، من المهم أن نجعل احتمالات نجاح خطة إعادة الرسملة واضحة بجلاء.

وفيما يلي بيان للكيفية التي ينبغي أن يعمل بها البرنامج. ينبغي على وزير الخزانة أن يبدأ بتكليف الهيئات التي تشرف على البنوك بوضع تقدير خاص بكل بنك توضح فيه مبلغ رأس المال الإضافي الذي تحتاج إليه لتلبية الطلب القانوني الخاص بنسبة 8 في المائة. إن هذه الهيئات تعرف أوضاع البنوك، وهي لا تألو جهداً في تفحص المعلومات وجمعها. ولذلك هي قادرة على التوصل إلى رقم تقديري في فترة وجيزة، شريطة إعطائها تعليمات واضحة بشأن الافتراضات التي ينبغي أن تستخدمها. وستكون هذه التقديرات جديرة بالاعتماد عليها بالنسبة إلى المؤسسات الصغيرة والبسيطة، لكن التقديرات الخاصة بمؤسسات مثل سيتي بانك وجولدمان ساكس تتطلب بعض الظن والتخمين.

وبعدئذ، تخيّر إدارة البنوك القادرة على الوفاء بالتزاماتها بين القيام بأنفسها بجمع أموال إضافية، أو التحول إلى برنامج إنقاذ الموجودات المتعثرة الذي سيحدد الشروط التي يكون بموجبها مستعداً لتعهد عملية إصدار أسهم أفضلية قابلة للتحويل (الأسهم القابلة للتحويل أفضل من الضمانات، لأن البنوك لا ينبغي أن تكون بحاجة إلى عمليات ضخ أموال إضافية فيما بعد). وستحمل أسهم الأفضلية كوبوناً منخفضاً، لنقل بنسبة 5 في المائة، كي لا تضعف ربحية البنوك. وستعمل الإصدارات الجديدة على إذابة قيمة المساهمين الحاليين، لكن يجب إعطاؤهم حقوق أفضلية الاكتتاب فيها بالشروط نفسها الخاصة ببرنامج إنقاذ الموجودات المتعثرة، وإذا كانوا مستعدين وقادرين على دفع رأسمال إضافي، فلن تذوب قيمتهم. وستكون الحقوق قابلة للتحويل، وإذا تم وضع الشروط بصورة صحيحة، فإن مستثمرين آخرين يمكن أن يشتروها.

وباستخدام هذه الطريقة، فإن 700 مليار دولار ينبغي أن تكون أكثر من كافية لإعادة رسملة النظم المصرفي بكامله، وستكون الأموال متوافرة لشراء سندات الرهن والاحتفاظ بها حتى يحين أجل سدادها. ولأن البنوك المفلسة لن تكون جديرة بإعادة الرسملة، فمن المؤكد أن تحتاج الشركة الاتحادية للتأمين على الودائع إلى وضع حد أعلى للودائع المؤمن عليها.

وبشكل متزامن مع برنامج إعادة الرسملة، تقوم السلطات بتخفيض الحد الأدنى المطلوب من رأس المال كي تتنافس البنوك على الأعمال الجديدة. وينبغي على بنك الاحتياطي الفيدرالي أيضاً أن يضمن القروض التي تحصل عليها البنوك الجديرة بإعادة الرسملة من البنوك الأخرى. ومن شأن ذلك أن يعيد تنشيط سوق التعامل فيما بين البنوك ويعيد الفرق بين سعر الليبور وسعر الفائدة على الأموال الاتحادية إلى مستواه العادي ويخفض أسعار الفائدة العالية بشكل غير طبيعي على قروض الشركات وقروض الرهن المرتبطة بسعر الليبور.

إن نجاح برنامج إعادة رسملة البنوك يمكن أن يتقوض إذا تجاوزت أسعار المنازل الحد في انخفاضها. وهناك حاجة إلى مجموعة من التدابير للإبقاء على مصادرة المنازل عند حدها الأدنى، ولإجراء إعادة هيكلة أساسية لنظام قروض الرهن العقاري الأمريكي الذي توجد فيه عيوب كثيرة. إن مجموعتي التدابير هاتين لن تمنعا حدوث ركود اقتصادي - بسبب الضرر الكبير الذي لحق بالنظام المالي وبسبب الصدمة التي تعرض لها عامة الناس جراء الأحداث التي وقعت في الأيام القليلة الماضية – لكنهما يمكن أن تقصّرا مدته وتقللا من شدته. وبعد أن يعود الاقتصاد إلى وضعه المعتاد يتم رفع الحد الأدنى المطلوب من رأس المال ثانية.

إن النظام المالي الدولي بحاجة إلى إصلاح أيضاً، وهناك أسباب تدعو إلى التفاؤل. فقد أدركت أوروبا أنها بحاجة إلى أن تكمل اليورو بشبكة أمان حكومية خاصة بتداول الائتمان بين البنوك. كما أن مهمة صندوق النقد الدولي الجديدة تتمثل في حماية البلدان الواقعة على محيط العاصفة من مركز العاصفة.
إن برنامج إعادة الرسملة الموضح هنا لن يعاني أيا من صعوبات المزايدات العكسية الخاصة بالأوراق المالية التي يصعب وضع أسعار لها، بل يساعد على إعادة تنشيط الاقتصاد ومن المحتمل أن يتمخض عن عوائد لدافعي الضرائب تعادل عوائد صندوقي (صندوق سوروس). لكن عامل الوقت مهم جداً، إذ فقدت السلطات زمام السيطرة على الوضع، لأنها كانت متخلفة عن الأحداث باستمرار. وفي الوقت الذي تصرفت فيه، فإن التدابير التي كان يمكن أن تشيع الاستقرار في الأسواق لم تكن ذات فاعلية. ولا يمكن السيطرة على الوضع إلا بالمبادرة سريعاً إلى الإعلان عن منظومة شاملة من التدابير وتنفيذيها بقوة ونشاط.

إن الأعمال تتحدث بصوت أعلى من الكلمات. وعلى وجه التحديد ينبغي إنقاذ بنك مورجان ستانلي على وجه السرعة. وينبغي على وزارة الخزانة أن تعرض القيام باستثمار معادل لاستثمار شركة ميتسوبيشي بأسهم أفضلية يكون سعر تحويلها أعلى من السعر الذي اشترت به ميتسوبيشي. هذا سينقذ صفقة ميتسوبيشي ويوفر الوقت لتنفيذ برنامجي إعادة الرسملة وإصلاح نظام الرهن العقاري.