الاقتصادية - يفترض أن تعمل صفقة إنقاذ البنوك الأمريكية على إنقاذ الاقتصاد الحقيقي.

أن تكون مصرفياً في الولايات المتحدة أفضل من أن تكون مصرفياً في بريطانيا. فصفقة الإنقاذ التي أُعلِن عنها في واشنطن الثلاثاء أكثر سخاء على نحو لا يستهان به من الصفقة البريطانية التي وضعت للهدف نفسه. لكن يبقى السؤال عالقاً حول ما إذا كان الرأي العام الأمريكي سيكون بالسخاء نفسه نحو مهندس الصفقة، أي هانك بولسون، وزير الخزانة الأمريكي.

خطة بولسون تردد بوضوح أصداء الخطة التي أُعلِن عنها في لندن الأسبوع الماضي. ستشتري وزارة الخزانة الأمريكية حصصاً في تسعة بنوك كبيرة بشروط وأحكام متاحة للمستثمرين الآخرين. وستضمن المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع جميع القروض الجديدة بين البنوك – وجميع الودائع – وسيتولى الاحتياطي الفيدرالي وضع اللمسات الأخيرة على خطة جديدة أرحب للسيولة.

لكن هناك عدداً من الفروق الأساسية. فوزارة الخزانة الأمريكية تتصرف على نحو أكثر سخاء من وزارة المالية البريطانية فيما يتعلق بالبنوك والمساهمين. الأسهم الممتازة التي يتم شراؤها في الولايات المتحدة ستتلقى أرباحاً مقدارها 5 في المائة، ترتفع إلى 9 في المائة بعد خمس سنوات. في بريطانيا تتلقى هذه الأسهم الممتازة 12 في المائة. وعلى خلاف الخطة البريطانية ستكون البنوك الأمريكية المشاركة في الخطة قادرة على دفع أرباح على الأسهم، وإن كان ذلك يجب أن يتم بموافقة وزارة الخزانة. لعل السلطات الأمريكية تعامل المصرفيين بشكل أكثر لطفاً مما تتطلبه الحصافة السياسية.

تأخذ الخطة البريطانية ضمن شبكتها معظم النظام البنكي محدود الحجم نسبياً، في حين أن الخطة الأمريكية، التي تتعامل مع نظام بنكي أكبر حجماً وأكثر تشتتاً، تركز بصورة مكثفة على عدد من البنوك الأساسية. وسيتم دعم العدد الكبير من المؤسسات المالية التي تقع خارج القطاع البنكي التقليدي عن طريق البرنامج الذي وضعه الاحتياطي الفيدرالي لشراء الأوراق التجارية. وهذا تطور عجيب لكنه يتبع المنطق الذي قامت عليه نصيحة الاقتصادي البريطاني والتر بيجهوت من أن مقرضي الملاذ الأخير يجب أن يحلوا محل البنوك المشلولة أثناء الأزمات، وأن يقوموا بالإقراض كما تفعل البنوك التجارية في الأحوال الطبيعية.

أخيراً، الحكومة الأمريكية تتخلى الآن عن منهجها الجزئي واتخاذ القرارات كرد فعل على التطورات المتلاحقة، وهي تسعى الآن للتصدي للأزمة المنهجية بإعطاء حلول منهجية شاملة. وعلى خلاف المسؤولين البريطانيين، فإن بولسون ربما لا يحصل على ثناء يذكر على جهوده.

يمكن القول من زاوية معينة إن الخطأ في ذلك يعود إلى بولسون نفسه. فقد كان بطيئاً في الخروج بخطة متناسقة، والمقترحات التي أتى بها فعلاً، أي صفقة الإنقاذ بقيمة 700 مليار دولار للتخلص من الموجودات السامة، كانت مقترحات ناقصة. لاحظ أن بولسون لا يتمتع بالصلاحيات التي يتمتع بها الآن، إلا لأن أعضاء الكونجرس الديمقراطيين، خصوصا السيناتور كريس دود والنائب بارني فرانك، أصروا على أن يتمتع بتلك الصلاحيات.

لكن كان يبدو عليه أنه أضعف من وزراء المالية الآخرين، لأنه كان أضعف بلا شك. فلم يكن أمامه من خيار إلا أن يضغط لإقرار مشروع القانون في كونجرس يتسم بطبيعة معادية، مع كل ما ينطوي عليه ذلك من مفاوضات ومساومات شاقة في الساحة العامة.

والآن يمتلك بولسون الفرصة لاغتنام المبادرة. وعلى وجه الخصوص، لا بد له من أن يقول خلال فترة قريبة ما يعتزم القيام به ببقية مبلغ الإنقاذ البالغ 700 مليار دولار، وما إذا كان يرى أنه مبلغ كاف. لا يزال الاقتصاد العالمي عالقاً في تباطؤ كريه، لكن هذه الخطة ستعمل بصورة لا يستهان بها على تحسين الفرصة في ألا يطول أمد هذا التباطؤ الاقتصادي.