الاقتصادية - هبطت أمس أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم وتراجعت أسعار السلع في الوقت الذي حول فيه المستثمرون تركيزهم من خطط إنقاذ البنوك إلى الأساسيات الاقتصادية المتدهورة وشبح الكساد الاقتصادي الذي يلوح في الأفق.

هبطت أسعار النفط الأمريكي إلى ما دون مستوى 75 دولاراً للمرة الأولى منذ عام، وهبطت أسعار المعادن الخسيسة بصورة حادة، وهوى مؤشر حوض البلطيق الجاف، وهو مؤشر رئيس لتكاليف الشحن، مرة أخرى بنسبة مقدارها 10 في المائة.

حذر كيت جوكس، رئيس قسم الأبحاث في بنك رويال بانك أوف اسكوتلاند Royal Bank of Scotland، قائلاً: "نتوقع أن ينهار النمو الاقتصادي الاسمي العالمي عام 2009، وسيكون أسوأ كساد اقتصادي شهده العالم منذ ثمانينيات القرن الماضي".

في "وول ستريت" هبط مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بمقدار 3.2 في المائة بحلول منتصف اليوم، في حين أن مؤشر داو جونز للشركات الصناعية هبط بمقدار 3.3 في المائة.

الأرقام الضعيفة لمبيعات التجزئة في الولايات المتحدة هبطت بمقدار 1.2 في المائة في أيلول (سبتمبر)، ما يشير إلى هبوط في الإنفاق الاستهلاكي في الربع الثالث من العام، في حين أن بيانات شركات التصنيع من دراسة إمباير ستيت أضافت المزيد من الحالة القاتمة.

قال روب كارنيل، من مؤسسة آي إن جي، الذي يتوقع أن يقرر البنك المركزي الأمريكي تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماعه المقبل في التاسع والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر): "مبيعات التجزئة لأيلول (سبتمبر) كانت في غاية السوء".

في لندن هبط مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بمقدار 7.2 في المائة بعد حمام الدم الذي فتك بأسهم شركات التعدين، في حين أنه في أوروبا هبط مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بمقدار 6.5 في المائة، ما قَلَبَ إلى حد ما من المكاسب القوية التي تحققت خلال اليومين السابقين.

تمكنت طوكيو إلى حد ما من تحدي الاتجاه العام وارتفع مؤشر نيكاي 225 بمقدار 1.1 في المائة، مواصلاً بذلك اندفاعه بعد الرقم القياسي الذي سجله يوم الثلاثاء, الذي كان أكبر ارتفاع في يوم واحد. ولكن في هونج كونج أقفل مؤشر هانج سينج بهبوط مقداره 5 في المائة بعد أن قال كبير التنفيذيين للمنطقة، دونالد تسانج، إن من المتوقع أن يمر اقتصاد هونج كونج بمرحلة من التباطؤ. هبط مؤشر شنغهاي المركب بمقدار 1.1 في المائة، ما دفع بالمعدل إلى ما دون المستوى الأساسي وهو 2000 نقطة، وسط مخاوف حول آفاق النمو الاقتصادي في الصين.

قالت مجموعة التعدين ريو تنتو إن خطط الإنفاق الرأسمالية في المجموعة ستتعرض للتخفيض في أعقاب التخفيض الملحوظ في طلب الصين على السلع.

من المتوقع أن يتراجع الاقتصاد الصيني خلال فترة الـ 12 شهراً المقبلة، كما ترى عينة شكلت 79 في المائة من مديري صناديق التحوط في أحدث مسح لبنك ميريل لينتش. وتعد هذه الآفاق الأضعف منذ أربع سنوات.

قال جاري بيكر، وهو محلل استراتيجي للأسهم لدى بنك ميريل لينتش: "خلال الشهر الماضي فقد مديرو صناديق التحوط إيمانهم بالنمو العالمي والسلع والاقتصاد الصيني والأسواق الناشئة".

المسح الذي أجراه بنك ميريل لينتش يتخلله إحساس بالتشاؤم حول آفاق الاقتصاد العالمي. يتوقع 74 في المائة من مديري الصناديق أن تتدهور أرباح الشركات خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، في حين أن نصفهم وصف إجماع توقعات الأرباح بأنه "أعلى كثيراً مما يجب".

من المتوقع أن تتدهور المالية العامة في الاقتصادات الكبيرة مع تراجع النشاط الاقتصادي. كذلك فإن الخطط الرامية لتمويل عمليات إعادة رسملة البنوك ستدفع بإصدار السندات الحكومية إلى الأعلى بصورة لا يستهان بها.

ولكن أسواق السندات أمس كان يبدو عليها الشعور بالقلق حول آفاق الهبوط الاقتصادي العالمي. في بريطانيا هبط العائد على سندات الخزانة البريطانية لأجل عشر سنوات بمقدار ثلاث نقاط أساس ليصل إلى 4.706 في المائة، في حين أن العائد على السندات الحكومة الألمانية لأجل عشر سنوات ارتفع بمقدار نقطة أساس واحدة ليصل إلى 4.123 في المائة.

وفي سوق السندات الحكومية الأمريكية هبط العائد على سندات الخزانة لأجل سنتين بمقدار سبع نقاط أساس ليصل إلى 1.730 في المائة، في حين أن العائد على السندات القياسية لأجل عشر سنوات هبط بمقدار نقطة أساس واحدة ليصل إلى 4.07 في المائة.

استمر ذوبان الجليد في أسواق المال بعد أن ضخت الحكومات أكثر من 250 مليار دولار من السيولة، من خلال جهد مشترك للمرة الأولى بين البنك المركزي الأوروبي والبريطاني والسويسري. وهذه الكمية من السيولة كانت كافية لتلبية جميع الطلبات على قروض الدولار لأجل سبعة أيام.

لليوم الثالث على التوالي هبطت أسعار فائدة ليبور (للإقراض بين البنوك في لندن) على قروض الدولار والاسترليني واليورو للآجال التي تراوح بين ليلة واحدة وسنة. هبطت أسعار فائدة ليبور على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر بمقدار 8.5 نقطة أساس لتصل إلى 4.55000 في المائة، في حين أن فائدة ليبور على قروض اليورو لأجل ثلاثة أشهر هبطت بمقدار خمس نقاط أساس لتصل إلى 5.17500 في المائة، وهبطت فائدة ليبور على قروض الاسترليني لأجل ثلاثة أشهر بحدود أربع نقاط أساس تقريباً، لتصل إلى 6.21000 في المائة.

قالت مؤسسة آر بي إس، التي تتوقع قيام البنوك المركزية في الولايات المتحدة وبريطانيا ومنطقة اليورو بتخفيض أسعار الفائدة بصورة حادة في السنة المقبلة، إن أسعار الفائدة على القروض بين البنوك من المتوقع لها أن تنهار.

ارتفعت تكلفة عقود التأمين المتقابلة على السندات في أسواق الائتمان ارتفاعاً يسيراً، حيث ارتفع مؤشر آي تراكس أوروبا للسندات الممتازة بمقدار ثماني نقاط أساس ليصل إلى 132 نقطة أساس، في حين أن مؤشر آي تراكس في الولايات المتحدة، المؤلف من 50 من السندات الخطرة في معظمها، ارتفع بمقدار عشر نقاط أساس ليصل إلى 698 نقطة أساس.
في أسواق السلع هبط سعر النحاس في بورصة لندن للمعادن (البورصة الرئيسة لتداولات السلع) بمقدار 7.1 في المائة ليصل السعر إلى 4923 دولاراً للطن، في حين أن سعر الألمنيوم هبط بمقدار 5.1 في المائة ليصل إلى 2175 دولاراً للطن.

ولكن الذهب تحدى الضعف العام في أسعار السلع وسجل مستوى مرتفعاً عند 856.10 دولار للأونصة قبل أن يتراجع قليلاً إلى 843.70 دولار للأونصة، أي بارتفاع مقداره 1 في المائة خلال اليوم، وساعده على ذلك قيام المستثمرين بشراء الذهب كملاذ آمن.