الاقتصادية - ارتفعت أسواق الأسهم في أوروبا وآسيا أمس الثلاثاء في الوقت الذي تراخت فيه حالة العسر في أسواق المال مع قيام الحكومة الأمريكية بكشف النقاب عن خطط لحقن نحو 250 مليار دولار من الأموال العامة قي النظام البنكي، في أحدث جهد لنزع فتيل الأزمة المالية العالمية.

في البداية كان رد فعل وول ستريت على الأنباء إيجابياً، ولكن الحي المالي في نيويورك جهد في المحافظة على الزخم الصاعد بعد أن اندفع إلى الأعلى يوم الإثنين بمقدار 11.6 في المائة، وهو أكبر ارتفاع له في يوم واحد منذ ثلاثينيات القرن الماضي. بحلول منتصف اليوم ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 ومؤشر داو جونز للشركات الصناعية بمقدار 0.7 في المائة.

يعد قرار الحكومة الأمريكية بحقن رأس المال مباشرة في تسعة من أكبر البنوك المحلية مقابل الحصول على حصة من الأسهم، يعد خروجاً على خطة الإنقاذ التي أقرها الكونجرس هذا الشهر. وفي هذا اقتفت الحكومة الأمريكية أثر بريطانيا وأوروبا، التي أعلنت كذلك يوم الإثنين عن خطط جذرية لاستخدام الأموال العامة لمساندة أنظمتها البنكية.

تقلصت بصورة حادة تكلفة عقود التأمين المتقابلة على القروض والائتمان الخاصة بالشركات المالية الأمريكية. على سبيل المثال فإن تكلفة التأمين على ائتمان بنك مورجان ستانلي Morgan Stanley هوت إلى الأدنى لتصل إلى 385 نقطة أساس، بعد أن حلقت في الأعالي في الأسبوع الماضي عند مستوى 1420 نقطة أساس، وفقاً لمجموعة ماركيت جروب Markit Group.


وفي بريطانيا، هبطت عقود التأمين على ائتمان بنك رويال بانك أوف اسكتلاند Royal Bank of Scotland لتصل إلى 75 نقطة أساس بعد أن كانت خلال الأسبوعين السابقين عند مستوى 315 نقطة أساس. كذلك شهدت أسواق الائتمان الأوروبية تفَوُّق أداء عقود التأمين المتقابلة على الائتمان الخاصة بالشركات المالية، الذي تفوق على أداء مؤشر آي تراكس أوروبا للسندات الممتازة، الذي انخفض بمقدار 11 نقطة أساس ليصل إلى 124 نقطة أساس.

قال بول آشويرث، وهو اقتصادي أول لمنطقة الولايات المتحدة لدى مؤسسة كابيتال إيكونومكس Capital Economics، إن الإجراء الذي اتخذته الحكومة الأمريكية هو "نبأ عظيم" ولكنه حذر من أنه لن يحول بين الاقتصاد وبين الانزلاق نحو "كساد عميق وطويل الأمد".

في أوروبا ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بمقدار 3.1 في المائة، في حين أن مؤشر فاينانشيال تايمز 100 في لندن ارتفع بمقدار 3.2 في المائة، وبذلك بلغ مجموع مكاسبه خلال اليومين الأخيرين إلى 13.5 في المائة و11.7 في المائة على الترتيب. قال جونار هامان، من بنك دريزدنر كلاينفورت Dresdner Kleinwort: "أسواق الأسهم تعبر عن ثقتها بأن تدخل الحكومات سيعالج بنجاح جذور المشاكل التي تسبب الجيشان المالي. لكن مما لا شك فيه أن الأزمة وصلت الآن إلى الاقتصاد الحقيقي، وسيعمل كل من المستهلكين والشركات على حد سواء على إعادة التقييم بمنتهى الحذر لبنود الإنفاق الاختيارية".

أشارت البيانات الاقتصادية التي نشرت يوم الثلاثاء تشير إلى تراجع النشاط.

في ألمانيا، أظهر استبيان من المركز الأوروبي للأبحاث الاقتصادية ZEW أن توقعات المستثمرين بالنسبة للاقتصاد في حالة تدهور، حيث هوى المؤشر من -41.1 في أيلول (سبتمبر) إلى -63.0 في تشرين الأول (أكتوبر)، أي أنه اقترب من الرقم القياسي المتدني الذي سجله في تموز (يوليو).

ارتفع الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.1 في المائة في آب (أغسطس)، بمعنى أنه ارتد إلى الأعلى بعد هبوط متواصل لثلاثة أشهر على التوالي، ولكن ارتفاعه لم يبلغ مستوى يكفي لتبديد المخاوف من أن قطاع التصنيع متجه نحو الكساد.

في بريطانيا سجل معدل التضخم الإجمالي 5.2 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ نيسان (أبريل) 1992، ولكن المحللين يرجون أن يعد هذا المعدل، الخاص بشهر أيلول (سبتمبر)، هو مستوى الذروة. في آسيا، استلهمت البورصة اليابانية الاندفاع الذي شهده وول ستريت في نيويورك يوم الاثنين وسجل ارتفاعاً قياسياً في يوم واحد، حيث قفز مؤشر نيكاي 225 بمقدار 14.2 في المائة، وساعده في ذلك المكاسب القوية من أسهم شركات البنوك. يذكر أن بورصة طوكيو كانت مغلقة يوم الاثنين بسبب العطلة العامة.

كذلك تدرس الحكومة اليابانية إمكانية حقن رأس المال إلى المؤسسات المالية الإقليمية لمساندة التمويل للشركات الصغيرة. وفي هونج كونج واصل مؤشر هانج سينج مكاسب يوم الإثنين القوية وارتفع بمقدار 3.2 في المائة.

استجابت بورصة أستراليا وعِمْلتها بصورة إيجابية إلى الأنباء التي قالت إن الحكومة ستحقن في الأسواق صفقة للتحفيز الطارئ مقدارها 10.4 مليار دولار أسترالي (7.3 مليار دولار أمريكي)، تشتمل على أموال نقدية للمشتركين في البرامج التقاعدية ومنح أكبر للراغبين في شراء المساكن للمرة الأولى في حياتهم، ما أدى إلى ارتفاع مؤشر إيه إس إكس 200 بمقدار 3.7 في المائة.

أظهرت أسواق المال على استحياء المزيد من العلامات الدالة على ذوبان بعض الجليد، حيث هبطت أسعار فائدة ليبور (على القروض بين البنوك في لندن) على قروض الدولار والإسترليني واليورو لجميع الآجال، من قروض الليلة الواحدة إلى ثلاثة أشهر. وقد هبط سعر فائدة ليبور على قروض اليورو لأجل ثلاثة أشهر بمقدار سبع نقاط أساس فقط ليصل إلى 5.22500 في المائة، وهو أكبر هبوط له في يوم واحد هذا العام. وهبطت أسعار الفائدة ليبور على قروض الإسترليني لأجل ثلاثة أشهر بمقدار نقطتي أساس فقط لتصل إلى 6.24875 في المائة، في حين أن فائدة ليبور على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر هبطت بمقدار 12 نقطة أساس تقريباً لتصل إلى 4.63500 في المائة.

قال دون سميث، وهو اقتصادي لدى مؤسسة الاستشارات آي كاب Icap، إن المزاج العام في أسواق المال طرأ عليه بعض التحسن، ولكن ظروف الإقراض تظل "ضعيفة تماماً"، بمعنى أنه لم يحدث أي تقدم معقول منذ الأسبوع الماضي. قال ميسلاف ماتيكا، وهو محلل استراتيجي للأسهم الأوروبية لدى بنك جيه بي مورجان JP Morgan، إن المفتاح الرئيسي الذي سيعمل على تقييم النجاح النهائي لصفقة الإنقاذ الحكومية غير المعهودة بالنسبة للأسواق، سيكون في أسواق المال وليس في أسواق الأسهم.