الاقتصادية - لم يكن الاتحاد الأوروبي جيداً أبداً في التعامل مع الحالات الطارئة، فعمليات صنعه للقرارات معقدة ومرهقة جداً. وفي مواجهة الأزمة المالية لا تفتقر الدول الـ 27 الأعضاء فقط إلى إجماع واضح، فهي أيضا تفتقر إلى القواعد الضرورية للعبة. وكما قال جين كلود تريشيت، رئيس البنك المركزي الأوروبي أمام مؤتمر السياسة العالمية في إيفان في اجتماع يوم الثلاثاء لوزراء مالية الاتحاد الأوروبي: "إننا جميعاً نكتب تاريخ إدارة هذه الأزمة حين نتحدث". وبالنسبة لماريومونتي، مفوض المنافسة الأوروبية السابق فإن الأزمة ستفرض خياراً بين "التكامل والاتحاد وبين التفسخ".

والمشكلة أن القرارات الرئيسية - ما يراقبه تجار السوق في حمّى الذعر التي تنتابهم - تبدو أشبه ما تكون مشوشة. فبريطانيا وألمانيا تبدوان معارضتين بشدة لأي صندوق إنقاذ مشترك، مع أن معظم بقية دول الاتحاد الأوروبي ستوافق على مثل هذه الاستراتيجية، لكن خلال ساعات من إحباط مثل هذه الخطوة في باريس يوم السبت الماضي، اضطرت أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية للذهاب مسرعة إلى بلدها لإنقاذ Hypo Real Estate وبالكاد بعد يومين خرج جوردون براون بإعادة رسملة بنكه الوطني إلى ما يصل إلى 50 مليار جنيه استرليني (86 مليار دولار). ووراء العناوين الرئيسية، قد يكون التنسيق أفضل مما يبدو، فوزراء مالية الاتحاد الأوروبي وافقوا يوم الثلاثاء على الأقل على مجموعة من المبادئ المشتركة.

وقال تريشيت الذي دعا إلى "صوت مشترك، إلى مذهب مشترك وإلى مبادئ مشتركة"، قال بسخاء إنهم "يأخذون بالمسار السليم"، لكن الأسواق لا تستجيب للمبادئ، فهي تريد قرارات مدعومة بأموال حقيقية. ووضع البنك المركزي الأوروبي مجموعة من القواعد للسياسة النقدية، وبإمكانه أن يتدخل لتوفير السيولة وقد تدخل فعلاً، لكنه لا يستطيع أن ينقذ بنوكاً مفلسة، فعدم الملاءة مهمة تتعلق بالحكومات الوطنية، وكذلك التنظيم، فالمفوضية الأوروبية لا تملك الميزانية ولا تملك – حتى الآن على الأقل – دفتر القواعد، ومن هنا كان التنافر الجلي، كما أنها أزمة مالية لا تشبه كل الأمثلة الأخيرة الأخرى، حيث تكمن المشكلة ليس في الأسواق الناشئة بل في قلب العالم المتقدم، ويجب أن تكون الحلول عالمية قدر ما هي أوروبية.

وكان باسكال لامي، المدير العام لمنظمة التجارة العالمية متشائماً ومتفائلاً حين جاء إلى أفيان ليلة الإثنين، والإدارة الرشيدة العالمية كانت غير موجودة في الأنظمة والإدارة السياسية لضبط التدفقات المالية الضخمة التي صاحبت العولمة، وقال لامي إن الاتحاد الأوروبي، على الأقل كان أكثر تطوراً، بما لديه من أنظمة وتسوية نزاعات ملزمة وإعادة توزيع مالي. لكنه ما زال يفتقر إلى الشرعية السياسية للمقارنة مع حكومات الدول الأعضاء. وكان يمكن له أن يضيف أن الاتحاد الأوروبي افتقر إلى السلطة لإقناع الأسواق أيضا. لكنه أوحى بأن الأزمة ربما تكون نعمة في ثوب نقمة على المدى البعيد- للحث على "صفقة كبيرة" بين اللاعبين العالميين من أجل نظام أكثر تماسكاً لإدارة عالمية.

ويمكن لذلك أن يشمل اتفاق بريتون وودز جديداً لتنظيم العالم المالي، وإكمال دورة الدوحة التجارية، واتفاقية جديدة بعد كيوتو حول التغير المناخي لضم أمريكا والصين والهند، وإصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وستكون هنالك فوائد للبلدان المتقدمة والنامية، حسبما قال لامي، وقد يكون الأمل في ذلك أمراً مفرطاً في الخيال، لكنه على الأقل سوف يتطلب إشراك الإدارة الأمريكية الجديدة بقلب صادق. فقد كانت واشنطن منذ فترة طويلة تقاوم إدارة عالمية أكثر تنظيماً، لكن أزمة أمريكية محلية المنشأ يمكن في هذه المرة أن تثبت أنها الحافز لتغير في السلوك.