الاقتصادية - واصلت الأسهم الأوروبية هبوطها أمس لتغلق على تراجع حاد، على الرغم من انتعاشها أوائل التعامل، إذ انخفضت أسهم البنوك والشركات النفطية مع تراجع الأسهم في "وول ستريت". وبنهاية التعامل في الأسواق الأوروبية انخفض مؤشر يوروفرست 300 لأسهم كبرى الشركات الأوروبية 2.3 في المائة إلى 918.85 نقطة، بعد أن سجل في وقت سابق أدنى مستوى له منذ تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2003.

وفي وقت سابق من تعاملات أمس ارتفع المؤشر حتى مستوى 966.7 نقطة. وتراجعت أسهم شركات النفط مع هبوط النفط الخام 1.7 في المائة، إذ انخفض سهم رويال داتش شل 3.2 في المائة ونزل سهم بي. بي 1.8 في المائة. وفي "وول ستريت" تراجع مؤشر داو جونز الصناعي 0.8 في المائة مع هبوط أسهم شركات الخدمات المالية مع استمرار المخاوف أن تهوي أزمة الائتمان بالاقتصاد العالمي في غمرة كساد حاد.

استمرت الأسواق المالية أمس في التقلب في الوقت الذي ظل المستثمرون فيه غير مقتنعين بجهود الحكومات والبنوك المركزية في السيطرة على الأزمة الائتمانية.

كانت أسواق الأسهم بمثابة باروميتر يصور السلوك القلق والمتقلب وسريع الحركة، في الوقت الذي كانت تتقلب فيه بعنف بين الخسائر والمكاسب. تراجع مؤشر فيكس، الذي يشرف عليه مجلس بورصة شيكاغو للعقود الآجلة، الذي يعرف بأنه المؤشر الذي يقيس مقدار الخوف في وول ستريت، تراجع بصورة يسيرة، ولكن بحلول منتصف أمس في نيويورك ظل قريباً من أعلى رقم قياسي سجله منذ فترة.

كذلك كانت التقلبات عالية في سوق السندات وسط استمرار التوتر والعسر في أسعار الفائدة في أسواق المال، والانقلاب التاريخي بين سوق سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 سنة وبين قطاع معدلات التأمين على السندات.

تلقت أسواق الأسهم دَفعة مبكرة إلى الأعلى بفعل الآمال بأن القرارات الموحدة التي اتخذتها البنوك المركزية العالمية يوم الأربعاء بتخفيض أسعار الفائدة، ستعمل على تهدئة بعض جوانب الخوف الشديد في أوساط المستثمرين.

بعد انتعاش بعض الأسواق الآسيوية خارج اليابان، اندفعت أوروبا، وافتتحت التداولات في وول ستريت في جو إيجابي، لكن المزاج العام المتفائل اختفى بعد ذلك في الوقت الذي أقفل فيه مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بهبوط مقداره 2.1 في المائة، في حين أن مؤشر فاينانشال تايمز 100 في لندن هبط بمقدار 1.2 في المائة.

في نيويورك خسر مؤشر ستاندارد آند بورز 500 مكسب حققه في وقت مبكر من الجلسة مقداره نحو 2.1 في المائة، وكان أدنى بمقدار 0.5 بحلول منتصف يوم أمس.

أما مؤشر نيكاي 225 في طوكيو، الذي أقفل في وقت سابق، فقد هبط بمقدار 0.5 في المائة، في حين أن مؤشر كوسبي المركب Kospi Composite في كوريا الجنوبية هبط بمقدار 0.6 في المائة، رغم القرار المفاجئ من البنك المركزي الكوري بتخفيض أسعار الفائدة. أقفلت أسواق تايوان بهبوط مقداره 1.5 في المائة حتى بعد أن قرر البنك المركزي هناك تخفيض أسعار الفائدة في خطوة لم تكن مقررة من قبل.

ارتفعت الفروق بين العوائد على السندات الأوروبية الخطرة (من الشركات ذات المرتبة الاستثمارية المتدنية) إلى رقم قياسي جديد، في الوقت الذي جرى فيه تداول مؤشر ماركت آي تراكس Markit iTraxx Crossover عند مستوى قريب من 675 نقطة أساس. وارتفع مؤشر سي دي إكس في الولايات المتحدة للسندات الممتازة ليصل إلى 186 نقطة أساس بعد أن كان معدله قريباً من 176 نقطة أساس.

تعافت الأسواق الناشئة بصورة عامة بعد حالات التراجع الكبير في وقت مبكر هذا الأسبوع في أسواق الأسهم والعملات والسندات. اندفعت الأسهم الروسية بمقدار 10 في المائة، وبذلك استردت بعضاً من خسائرها التي وصلت 31 في المائة خلال الأيام الثلاثة الماضية. وارتفع مؤشر بوفيسبا Bovespa البرازيلي بمقدار 2.4 في المائة.

كان المستثمرون في حالة انتظار ليروا إذا ما كانت السلطات ستطبق إجراءات جديدة لدعم القطاع البنكي المعتل. تركز الحديث حول ضمانة محتملة للقروض بين البنوك وعن احتمال قيام وزارة المالية الأمريكية بصورة مباشرة بحقن رأس المال في البنوك الأمريكية بموجب "برنامج إغاثة الموجودات المعتلة".

قال بيل أودونيل، وهو محلل استراتيجي لدى بنك يو بي إس: "من الواضح أن احتياجات رأس المال في البنوك هي احتياجات حادة، ومن الواضح أن البنوك في الوقت الحاضر لا حيلة لها في الحؤول دون وقوع الآثار المدمرة للحلقة المفرغة بين القطاع المالي والاقتصاد الحقيقي".

ألقيت الأضواء من جديد على حالة العسر في أسواق المال من خلال أسعار فائدة ليبور على قروض الدولار. وفي حين أن أسعار الفائدة على القروض لليلة واحدة تراجعت بمقدار 28 نقطة أساس، إلا أن سعر فائدة ليبور القياسي للقروض بالدولار لأجل ثلاثة أشهر ارتفع بمقدار 23 نقطة أساس ليصل إلى 4.75 في المائة.

لم تشهد أسعار فائدة ليبور على قروض الاسترليني واليورو لأجل ثلاثة أشهر تغيراً يذكر، وأظهرت أن قرارات البنوك المركزية بتخفيض أسعار الفائدة أخفقت حتى الآن في الدخول وإحداث آثارها في سوق القروض بين البنوك. من جانب آخر تقلصت سوق الأوراق التجارية في الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي بمقدار 56.4 مليار دولار، وبالتالي وصل إجمالي كميات التقلص في السوق 264 مليار دولار على مدى الشهر الماضي.

قال ألان راسكين، وهو محلل استراتيجي لدى بنك آر بي إس جرينتش كابيتال RBS Greenwich Capital، إن المخاوف حول الجدارة الائتمانية للبنوك في سوق القروض بين البنوك وأسواق القروض الأخرى قصيرة الأجل بينت الحاجة إلى "آلية للتخليص أو الضمانات الحكومية لتسهيل القروض قصيرة الأجل".

ارتفعت العوائد على السندات الحكومية، حيث ارتفع العائد على السندات الحكومية الألمانية لأجل عشر سنوات بمقدار ثماني نقاط أساس ليصل إلى 4.17 في المائة. وارتفعت العوائد على سندات الخزانة الأمريكية بجميع الآجال، ولفترة قصيرة جرى تداول العائد على سندات الخزانة لأجل 30 سنة بمعدل أعلى من معدل العقود المتقابلة للسندات لأجل 30 سنة.

هذا الانقلاب في الفروق في أسعار الفائدة بين أسعار الفائدة المتقابلة على السندات لأجل عشر سنوات وأجل 30 سنة أدى إلى انهيار الفرق بين عقود التأمين المتقابلة على السندات لأجل 30 سنة وبين العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 سنة. ولفترة بسيطة جرى تداول الفرق بنسبة لم يسبق لها مثيل هي سالب 2 نقطة أساس (ما يعني أن سعر التأمين على السندات كان أدنى من العائد على سندات الخزانة)، قبل أن يعود إلى مستوى موجب 13 نقطة أساس.

في أسواق العملات سجل الين تراجعاً عاماً في الوقت الذي عادت فيه شهية المخاطر على استحياء إلى أسواق العملات، في أعقاب الإجراءات الموحدة من البنوك المركزية. وهبط الين بمقدار 1.7 في المائة في مقابل الدولار ليصل السعر إلى 100.72 ين للدولار. كما هبط الين في مقابل الجنيه الاسترليني بمقدار 2.2 في المائة ليصل إلى 174.93 ين للجنيه، في الوقت الذي تعافى فيه الاسترليني من المعدل المتدني الذي سجله في اليوم السابق الذي وصل فيه أدنى مستوى له منذ سبع سنوات.