الاقتصادية - لإنقاذ الاتحادي لوكالتي "فاني" و"فريدي" ربما يساعد على تقوية الإشارات الأولية لسوق عقارات سكنية أقوى. وسبب كون الاتحاد الأوروبي ربما غير مستعد للتعامل مع انهيار بنكي كبير خاص به.

جاء الانخفاض بالنسبة إلى ليون بيلنكي في بداية الصيف. ويقول وسيط العقارات هذا، المقيم في ولاية فلوريدا: "كان الجميع يجلسون عند الخطوط الجانبية، حيث كانوا ينتظرون ماذا سيحدث، ولم يكن أحد منهم يشتري".

غير أن بيلنكي الناي كان مستشار برمجيات سابقا، وانتقل من نيويورك في أواسط التسعينيات ليتعامل بالعقارات ذات الملكية المشتركة على الواجهة البحرية، وغير ذلك من المنازل الفخمة، يقول إنه استطاع ملاحظة تحسن خلال الفترة الأخيرة. وجاء ذلك حتى قبل التفاؤل الحذر الذي ولده استيلاء الحكومة الأمريكية في الآونة الأخيرة على عملاقتي الرهن العقاري، "فاني ماي"، و"فريدي ماك".

ويقول الناي إنه يبدو أن المشترين الأمريكيين مستعدون للعودة إلى السوق، بينما كان الاهتمام في السابق مقتصراً على الأجانب الذين كانوا يحاولون الاستفادة من الدولار الضعيف. ويتابع العملاء توقيع التزامات بشراء عدة وحدات في "جيدبيتش"، هذا المشروع العقاري المرتفع للغاية إلى الشمال من ميامي تماماً. وأبدى بيلنكي عصبيته من احتمال تراجعهم عن ذلك، حيث يقول: "على الرغم من أننا مازلنا نشاهد بعض الاضطراب في سوق وول ستريت، فإنني أعتقد أن أسوأ ما في الأمر أصبح وراءنا بالفعل".

يشتهر محترفو العقارات بالتفاؤل. غير أن هنالك إشارات مترددة للغاية إلى أن هبوط أسعار المنازل الأمريكية يمكن أن يكون في المراحل الأولى من الاعتدال، بعد أن ضرب الصناعة المصرفية العالمية بشدة، وجعل الاقتصاد الأمريكي يركع على ركبتيه. ولوحظ أن سرعة التراجع لم تعد تتجه بالاتجاه الأسوأ، بل من المحتمل أنها تبطئ.

أما عبر النظام المالي العالمي، فإن البحث عن أرضية سعر أدنى للبيوت الأمريكية تتم متابعته بصورة دقيقة. وحتى لو استمر هبوط الأسعار لفترة ما، ولكن بسرعة متناقصة، فإن تراجع عدم اليقين بخصوص الحد الذي يبدأ عنده توازنها يمكن أن يسمح للبنوك بوضع بطاقة سعر أشد على خسائرها، والبدء بتوليد الائتمان مرة أخرى. ومن شأن ذلك أن يساعد على دعم أسواق المنازل المضطربة الأخرى، ولا سيما في المملكة المتحدة.

نجد عبر الولايات المتحدة أن تراجع أسعار المنازل انخفض من معدل شهري يبلغ 2.2 في المائة قبل ستة أشهر، إلى 0.5 في المائة فقط في شهر حزيران (يونيو)، حسب أحدث أرقام مؤشر ستاندرد آند بورز كيس - شيلر. وأما في ميامي، حيث سوق بيلنكي، فتراجعت سرعة هبوط أسعار المنازل من 4.5 في المائة إلى 1.7 في المائة.

أثناء ذلك استقر حجم المبيعات الجديدة للمنازل عند مستوى متدن عبر الولايات المتحدة، بعد أن شهد هبوطاً كبيراً خلال نصف السنة الأول، أو نحو ذلك، من الأزمة الائتمانية. ووفقاً لأشد التوقعات تفاؤلاً، فإن من المحتمل أن تُعَزَز هذه الاتجاهات بشكل متقابل خلال فصل الخريف الحالي، الأمر الذي يمهد الطريق لتعافٍ في أوائل العام المقبل - غير أن هنالك فترات تأخير كثيرة في عملية شراء المنازل. ويخشى بعض المحللين من أن المشكلات التي شهدتها "فاني"، و"فريدي"، بين شهري حزيران (يونيو)، وآب (أغسطس) التي رفعت معدلات فوائد الرهن خلال تلك الفترة، يمكن أن تظهر مرة أخرى في صورة مبيعات منازل أضعف.

تلك ليست هي المشكلة الوحيدة، كما يشير إليه جيرارد كاسيدي، المحلل في شركة آ ربي سي كابيتال ماركتس: "إن الاستقرار المتوقع في أسواق الرهن الناجم عن الإجراء الذي اتخذته الحكومة الأمريكية سوف يساعد على تخفيض معدلات فوائد الرهن العقاري. ولكن ذلك لا يحل مشكلة تصاعد الحجز على المنازل، كما أنه لا يعمل على وقف تراجع أسعارها".

ومع ذلك، فإن إنقاذ الحكومة هاتين الوكالتين الممولتين للرهن العقاري يفترض أن يضمن تقديم قروض لشراء المنازل يمكن تحملها خلال الأشهر المقبلة. ومن شأن ذلك أن يضمن أن أي فترة ضعيفة في المبيعات سوف تكون قصيرة العمر نسبياً محققة شرطاً ضرورياً لأي تعافٍ هو تحقيق مبيعات مستقرة.
إذا بقيت المبيعات على مستوياتها الحالية، فإن هنالك "إذا" كبيرة، حيث إن ما تجمع من المنازل الجديدة غير المباعة يمكن أن يتراجع سريعاً في الأشهر الأخيرة من العام المقبل، بينما يبدأ أثر التراجعات الماضية في المبيعات بتغذية إتمام بناء المنازل. وسوف يترك ذلك أيضاً أعداداً كبيرة من المنازل القائمة المتاحة للبيع.
كان فرانك بليك، الرئيس التنفيذي لشركة هوم ديبوت، ثاني أكبر متجر تجزئة في الولايات المتحدة، يرى، على الرغم من ذلك، ضوءا في نهاية النفق، حتى قبل تحرك الحكومة الأمريكية للاستيلاء على "فاني"، و"فريدي". ويقول: "لا نعتقد أننا وصلنا إلى أرضية السعر الأدنى بعد، ولكننا نعتقد أن بإمكانك رؤية تلك الأرضية من هنا". ويبدو المستثمرون الآن أشد حماساً من ذي قبل للرهان على حدوث تعافٍ. وارتفع سعر سهم بنك ريجنز فاينانشال ، وهو أكبر بنوك ولاية ألاباما، في الفترة الأخيرة، بأكثر من 15 في المائة، بعد أن اشترى فروع بنك انتجرتي في ولاية جورجيا الذي انهار في نهاية شهر آب (أغسطس) بسبب أزمة الرهن العقاري ، وأصبح تحت سيطرة المشرعين.
غير أنه رغم كل هذه الومضات من الأمل، فإنه لا يبدو أن هنالك تحولاً كبيراً وسريعاً في سوق المنازل الأمريكية. ويرى كثير من الاقتصاديين أن العودة إلى القوة والحيوية سوف تكون طويلة ومؤلمة للغاية، كما أنهم يحذرون من أن أي تقدم يمكن أن يتفكك سريعاً. ولا تزال عدة مؤشرات حول سلامة سوق المنازل تبعث على القلق. ووفقاً لموقع ريالتي تراك العقاري الإلكتروني، فإن واحداً من بين كل 464 منزلاً تلقى إنذاراً بالحجز خلال شهر تموز (يوليو)، مقابل واحد من بين كل 557 منزلاً خلال شهر شباط (فبراير) . ولا يتوقع أن تبلغ عمليات حجز المنازل ذروتها إلا في الربع الأول من عام 2009، حسب ما يقوله المحللون في بنك ليهمان براذرز.
قرعت وكالة فيتش للتصنيف جرس إنذار أخيراً ، حين قالت إن ما قيمته 96 مليار دولار (54 مليار جنيه استرليني، و68 مليار يورو) من المنازل التي بيعت على أساس دفعات أولية مرنة سوف تتحول إلى نظام دفعات أشد، وهو الأمر الذي يمكن أن يجبر المزيد من المقترضين على الدخول في إجراءات الحجز على منازلهم. وتتصاعد في الوقت ذاته معدلات الفوائد على الديون المتأخرة، والقروض الممتازة، وقروض ضعاف الملاءة، وغير ذلك من الرهون الغريبة والجديدة.
تعمل زيادة الحجز على المنازل على منع تناقص أعداد البيوت غير المباعة، وتزيد من مخاطر حركات "لولبية" صاعدة من الحجز المحلي بينما تعمل المبيعات بأسعار محروقة على تخفيض أسعار المنازل الأخرى في المناطق المجاورة. ويقول الاتحاد الوطني لسماسرة العقار إن الأمر يمكن أن يستغرق 11,2 شهراً للانتهاء من عرض المنازل المملوكة سابقاً.
عملت أزمة الرهن العقاري على إصابة صانعي السياسة بخيبة الأمل مراراً وتكراراً منذ بدايتها قبل 18 شهراً. وتبقى أسعار المنازل أعلى من قيمتها الحقيقية حسب بعض المقاييس، مثل معدلات السعر مقابل الإيجار. والأكثر من ذلك هو أن جهود ترتيب عمليات إعادة هيكلة كفوءة اقتصادياً للديون العقارية، وبالتالي تقليص عدد حالات الحجز على المنازل، تظل تواجه صراعاً صعباً للغاية. ويعود معظم ذلك إلى قاعدة المستثمرين المشتتة، حيث هنالك عدد كبير من المؤسسات التي تمتلك شريحة من رهن مورق.
حين نتطلع إلى الأمام، فإننا نجد أن إحدى المخاوف الرئيسة هي التفاعل بين الإسكان والاقتصاد الأمريكي بصورته الموسعة، ولا سيما في سوق الوظائف. وقفزت البطالة من 4,9 في المائة بين القوى العاملة في شهر كانون الثاني (يناير) إلى 6,1 في المائة وسط ثمانية أشهر متتالية من فقدان الوظائف. وبينما يصارع المزيد من الأمريكيين للمحافظة على وظائفهم، فإنه سوف يكون من الصعب عليهم شراء العقارات، مهما بدت أسعارها رخيصة.
القفزة التي شهدها العام الحالي في أسعار النفط يمكنها كذلك أن تثبط إمكانات تعافي قطاع الإسكان. وإن كثيراً من الأحياء ذات العرض الفائض من المنازل هي في التخوم البعيدة للمدن الأمريكية، حيث أصبحت هذه المناطق أقل جاذبية بسبب الارتفاع الكبير في التنقل بواسطة السيارات. والأكثر من ذلك أنه في ظل التوتر السائد في أسواق الرهن، فإن المقرضين رفعوا الحواجز أمام المشترين المتوقعين، الأمر الذي يزيد صعوبة تثبيت ودعم المبيعات، إضافة إلى أنه يوجد المزيد من الضغوط التنازلية على الأسعار.

يقول بول ميلر، المحلل في "فريدمان بيلنجز رامزي"، مجموعة الاستثمارات العقارية: "يطالب المقرضون الذين يبتعدون عن المخاطرة المشترين بتقديم مزيد من الأسهم، إضافة إلى سجلات ائتمانية أفضل كضمانات. وحتى أولئك الذين يفون بهذه الشروط، فإنهم يجدون أن من الصعب عليهم الحصول على الممتلكات المطلوبة للتقييم "، أو بكلمات أخرى الحصول على ثمن الشراء المقترح الذي تتبناه جهة التقييم الخاصة بالمقرض: "أو الحصول على تأمين رهني، بينما أصبحت هذه الصناعة بصورة إجمالية أشد حذراً".
في ظل اقتراب قطاع ضعاف الملاءة من التبخر، وكون السوق العملاقة (القروض بملايين الدولارات) تكاد تحافظ على استمرارية حياتها، فإن نحو ثلاثة أرباع قروض الرهن العقاري تضمنها في الوقت الراهن وكالتا "فاني ماني"، و"فريدي ماك". وقبل أن يتم الاستيلاء عليهما، كانت المخاطر قريبة من مستويات قياسية، بينما كانت الشركات تشدد معايير تعهد القروض، وتزيد الرسوم للمحافظة على رأس المال الخاص بها. وساعد ذلك على الإبقاء على معدلات فوائد الرهن بأعلى مما كانت عليه قبل عام مضى، على الرغم من تخفيض معدل أسعار الفائدة الأمريكية من قبل الاحتياطي الفيدرالي بـ 325 نقطة أساس.
في ظل ضيق مدى انتشار المخاطر الخاصة بأوراق "فاني" و"فريدي" مرة أخرى، وكون الرسوم التي تتقاضيانها تتعرض لضغوط باتجاه الهبوط، فإنه يصبح من المتوقع حدوث تراجع مهم في معدلات الفائدة على القروض الرهنية في نهاية المطاف. ومن شأن ذلك تحسين القدرة على التحمل المالي، كما يفترض على الأقل، مما لو لم يحدث ذلك. وبمرور الوقت، فإن من الممكن أن يؤدي هذا التحرك إلى إغراء المشترين بعيداً عن الخطوط الجانبية، لأن ضمان عرض مستمر لقروض شراء منازل يمكن تحملها مادياً يخفف من مخاطر تراجع فعلي كارثي في أسعار المنازل.
المشكلة هي أن التشغيل والدخول يمكن أن يدفعا باتجاه آخر، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع أكثر تقليدية في القطاع الإسكاني تدفعه ظروف الركود في الاقتصاد ككل، بدلاً عن المبالغة في التقييم، ووجود صدمة ائتمانية.
يقول ديفيد روزنبيرغ، أحد كبار الاقتصاديين الأمريكيين في بنك ميريل لينش في إشارته إلى إنقاذ الحكومة لوكالة فاني، ووكالة فريدي: "من المؤكد أننا نراقب قطاع العقارات السكنية من كثب، ولا سيما معدل مخزون المنازل مقارنة بالمبيعات وأسعار المنازل، وأثر هذا التدخل الأخير من خلال السياسات". ولكن حتى إذا بدأت السوق في بلوغ السعر الأدنى قريباً، "فإن الوقت الفاصل حتى نهاية الركود الاستهلاكي لا يزال على بعد سنة من الآن على الأقل".
إن من شأن ذلك في حد ذاته أن يحد أعداد الباحثين على المنازل في فلوريدا الذين يطرقون باب "بيلنكي".