الاقتصادية - حالة الهلع الجديدة التي اندلعت أمس في الأسواق العالمية كانت الدليل النهائي على أنه فيما يتعلق بالأزمات المالية فإننا دخلنا الآن مرحلة الدوري الكبير. مقارنة الأزمة الحالية بفقاعة الدوت كوم أو حتى بالأزمة الآسيوية لعام 1997 ليست ملائمة. يجب أن نعقد المقارنة على مستوى انهيار البورصة عام 1987 أو عام 1929.

حين ننظر إلى الأمور الآن بعد وقوعها بزمن، نجد أن انهيار البورصة عام 1987 كان محصوراً أكثر مما هي عليه أزمة اليوم. في ذلك الحين بدا الهبوط القصير الوحشي في الأسهم العالمية على أنه مقدمة لهبوط في الاقتصاد الحقيقي لا يقل حدة عن الأزمة. ولكن العالم الحقيقي تابع المسير، وبقيت فئات الموجودات الأخرى سليمة إلى حد كبير.

قياساً بأزمة عام 1929 هناك اليوم فرقان بين الأزمتين. الأول هو أن صانعي السياسة العالمية استطاعوا استيعاب نطاق الخطر على نحو أسرع، وهم مستعدون لاتخاذ إجراءات أكثر تطرفاً بكثير. في مقابل ذلك فإن النظام المالي أكثر تعقيداً بكثير مما كانت عليه الحال في عام 1929.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

حالة الهلع الجديدة التي اندلعت أمس في الأسواق العالمية كانت الدليل النهائي على أنه فيما يتعلق بالأزمات المالية فإننا دخلنا الآن مرحلة الدوري الكبير. مقارنة الأزمة الحالية بفقاعة الدوت كوم أو حتى بالأزمة الآسيوية لعام 1997 ليست ملائمة. يجب أن نعقد المقارنة على مستوى انهيار البورصة عام 1987 أو عام 1929.

حين ننظر إلى الأمور الآن بعد وقوعها بزمن، نجد أن انهيار البورصة عام 1987 كان محصوراً أكثر مما هي عليه أزمة اليوم. في ذلك الحين بدا الهبوط القصير الوحشي في الأسهم العالمية على أنه مقدمة لهبوط في الاقتصاد الحقيقي لا يقل حدة عن الأزمة. ولكن العالم الحقيقي تابع المسير، وبقيت فئات الموجودات الأخرى سليمة إلى حد كبير.

قياساً بأزمة عام 1929 هناك اليوم فرقان بين الأزمتين. الأول هو أن صانعي السياسة العالمية استطاعوا استيعاب نطاق الخطر على نحو أسرع، وهم مستعدون لاتخاذ إجراءات أكثر تطرفاً بكثير. في مقابل ذلك فإن النظام المالي أكثر تعقيداً بكثير مما كانت عليه الحال في عام 1929. وبفضل الاتصالات الحديثة تتسارع وتيرة الأحداث والتطورات على نحو هائل. وبالتالي فإن أي قرار أو إجراء خاص حول الأزمة لن يكون على بينة من أثره ويكون في العادة قد أصبح غير مناسب للأحوال بحلول الوقت الذي يأتي فيه.

كمثال على التعقيد، يبدو من الواضح الآن أن السلطات الأمريكية كانت مخطئة حين تركت بنك ليمان براذرز يغرق. وكان من شأن ذلك تحطم قطعة تدور بسرعة ضمن آلة في غاية الدقة، بحيث تطايرت القطع المعدنية في جميع الاتجاهات.

أحد الآثار الكبيرة غير المتوقعة لذلك هو الخسارة الفادحة للثقة بين المستثمرين في صناديق أسواق المال والمزيد من الجمود في أسواق المال أنفسها. والحقيقة التي تقول إن الناتج الذي من هذا القبيل لم يكن من الممكن أن يتنبأ به وزير المالية الأمريكي هانك بولسون، الذي يمكن القول إنه أفضل شخص في العالم مطلع على هذه الأمور، هي دليل آخر على أن النظام أصبح معقداً فوق الحد على نحو تصعب السيطرة عليه وإدارته.

وجاء أثر عجيب آخر على صورة إنقاذ وكالتي القروض السكنية الأمريكيتين "فاني ماي" و"فريدي ماك". عمل هذا على إحداث الفوضى في العالم الهائل والمريب للمشتقات الائتمانية، وهي فوضى زادها تعقيداً انهيار بنك ليمان.

إن وجود المشتقات الائتمانية والعالم البنكي الشبحي في الظل التي تمثلها كيانات تقع خارج الميزانيات العمومية للبنوك (مثل المؤسسات الاستثمارية الوسيطة)، يعني أن المستثمرين لا يزالون غارقين في الظلام حول مكان الإصابة بالأضرار في النظام البنكي. مرة أخرى فإن الحقيقة التي تقول إن هذا الأمر يظل صحيحاً بعد مرور نحو 15 شهراً على اندلاع الأزمة يوحي بأن تنظيف هذه الفوضى سيكون عملية بطيئة تماماً.

بعض التفاصيل حول سلوك الأسواق أمس تذكرنا كذلك بأن الأزمة تجاوزت النظام البنكي وامتدت إلى مجالات أخرى. يوم أمس انهارت أسهم شركات التعدين، حيث هبط سعر سهم شركة كزاخميس في كزاخستان، وهي شركة مدرجة على مؤشر فاينانشيال تايمز 100، هبط بمقدار 27 في المائة عند الإقفال.

هذا الأمر، إلى جانب الانهيارات الحادة أمس في الأسواق الناشئة، دليل آخر على أن المستثمرين يتوقعون الآن تباطؤاً لا يستهان به في الاقتصاد العالمي الحقيقي. وعلى خلاف أزمة عام 1929، فإن سبب الأزمة الحالية واضح ومعروف.

في حين أن السبب في أن انهيار بورصة "وول ستريت" في عام 1929 تبعته فترة عُرفت بالكساد العظيم لا يزال موضع أخذ ورد، فإن القصة هذه المرة هي الموضوع البسيط للديون الثقيلة على حساب القروض. بلدان العالم المتقدم أخذت على عاتقها ديوناً ثقيلة تفوق الحد، وهي تتفكك الآن بصورة وحشية.