الاقتصادية - تعتزم السلطات الأمريكية استخدام الصلاحيات الجديدة الواردة في مشروع قانون الإنقاذ الجديد الذي تبلغ تكلفته 700 مليار دولار والذي تم التوقيع عليه ليصبح قانوناً يوم الجمعة للحيلولة دون فشل مزيد من المؤسسات المالية التي تكتسب أهمية شاملة وعامة بصورة لا يمكن ضبطها. فإلى جانب تنفيذ برنامج واسع النطاق لشراء الموجودات، يوفر القانون الجديد ما كان يعتبر إطاراً مفقوداً للتعامل مع المؤسسات المالية الفاشلة ويكون مكملاً للنظام المالي الخاص بالبنوك.

ومن خلال عمليات الإنقاذ، وربما من خلال اتخاذ إجراءات إضافية لتعزيز أوضاع البنوك القابلة للاستمرار ولكن الضعف أصابها، من المرجح أن يتطور هذا البرنامج على نحو يشتمل في النهاية على القيام بعملية إعادة رسملة مباشرة للقطاع المالي.

وأصبح لدى وزارة الخزانة الآن الموارد المالية والتفويض القانوني الواضح لإعادة رسملة المؤسسات المالية الفاشلة، أو تقديم الدعم لصفقات الإنقاذ التي ترمي إلى إنقاذ المؤسسات المتعثرة أو ضمان الأجزاء التي لها أهمية عامة من المنشأة المنهارة. ويقول العارفون بهذا البرنامج إن وزارة الخزانة سوف تستخدم هذه الصلاحيات بشكل جريء لضمان عدم حدوث مزيد من الانهيارات كانهيار بنك ليمان براذرز الاستثماري.

من الناحية المبدئية، تستطيع وزارة الخزانة أن تستخدم هذه الصلاحيات لوضع الأسس لضمان حكومي غير معلن لكافة المطلوبات المترتبة على النظام المصرفي – على نحو يشبه الضمان الصريح الذي أعلنته الحكومة الأيرلندية في الأسبوع الماضي.

ولا تذهب الحكومة الأمريكية في برنامجها إلى هذا المدى . ولكن من الممكن أن تعلن أنها عازمة على دعم استقرار النظام المالي ككل، الأمر الذي قد يكون إشارة إلى عدم السماح بمزيد من حالات الانهيار التي تصعب السيطرة عليها.

ولا يرغب المسؤولون في تبني نهج موحد بالكامل للتعامل مع جميع المؤسسات المالية. يأتي ذلك اعتقاداً منهم بأنه ستكون هناك دائماً حالات هامشية ليس من الحكمة فيها أن يتم الالتزام بتخصيص مبالغ كبيرة من المال العام لاحتواء درجة متواضعة من الخطر العام. وبيد أنهم يدركون أن هناك حاجة لتزويد الأسواق بنمط تدخل أكبر قابلية للتوقع حتى يتسنى للمستثمرين تطوير إحساس واضح للوقت الذي سوف تتدخل فيه السلطات والكيفية التي ستعامَل بها مختلف فئات مؤسسات الإقراض.

ويقول المشاركون في السوق إن النمط الخاص وغير القابل للتوقع لعمليات الإنقاذ في الأسابيع الأخيرة – حيث طالت الأزمة بنك ليمان براذرز، والمجموعة الأمريكية للتأمين، وبنك واشنطن ميوتشووال وبنك واكوفيا وغيرها – أسهم في النفور الشديد من عمليات ركوب الخطر في الأسواق المالية. ولكن المسؤولين يقولون إن أحد أسباب عدم القدرة الواضحة على التوقع كان محدودية الأدوات والموارد الموجودة تحت تصرفهم. فعلى سبيل المثال، لم يكن بنك الاحتياطي الفدرالي يعتقد أن لديه الصلاحية القانونية لتجسير عملية استحواذ يقصد بها إنقاذ بنك ليمان براذرز عبر تمويل محفظته من الموجودات السامة لأنه لا يستطيع تقديم قروض غير مضمونة بالشكل المناسب.

إن الصلاحيات الجديدة التي يتضمنها قانون الإنقاذ تعطي السلطات الأمريكية تفويضاً مطلقاً للتدخل. ولكن السلطات تدرك أن النظام المالي العالمي يتسم بالهشاشة، ولذلك فإن من المرجح أن تمارس صلاحياتها الجديدة بطريقة موسعة، يحتمل أن تشمل مجموعة كبيرة من المؤسسات والكثير من المقرضين إن لم يكن جميعهم.

إن التدخل لمنع فشل عدد من المؤسسات المالية – أو دعم عمليات الاستحواذ التي تهدف إلى الإنقاذ على غرار صفقة واكوفا وسيتي جروب – قد يشتمل على ضخ الأموال.

هذه واحدة من الطرق التي يرجح أن يعمل فيها البرنامج الحكومي الجديد على القيام بعمليات إعادة رسملة مباشرة كبيرة للقطاع المالي. ولكن الصلاحيات الجديدة التي يتضمنها القانون الجديد تسمح بنطاق أوسع من إعادة رسملة البنوك القابلة للاستمرار ولكن الضعف أصابها، مقابل الحصول على أسهم الأفضلية أو على ضمانات مكونة من أسهم عادية.

ويعتقد بعض المسؤولين الأمريكيين المتنفذين وكذلك العديد من الخبراء من خارج الحكومة أن هذه الطريقة هي الأكثر فعالية لنشر المال العام – تعزيز أوضاع البنوك حتى يتسنى لها استئناف نشاط الإقراض. وقد ينتهي الأمر بوزير الخزانة، هانك بولسون، بشراء إعادة الرسملة بنفس قوة جانب شراء الموجودات من البرنامج. ومن الناحية الفعلية، سوف تفعل الحكومة الأمريكية للمؤسسات المالية العادية ما فعله وارين بافيت لبنك جولدمان ساكس ولشركة جنرال إلكتريك – أي إعطاءها بوليصة تأمين ضد تآكل رأس المال مقابل رسوم مناسبة تكون إما على شكل أسهم أفضلية أو ضمانات أسهم عادية. ولكن إذا لم يقم بولسون بذلك، سوف تأتي إدارة جديدة بعد أربعة أشهر. وحينها، قد يختار وزير الخزانة المقيل أن يقوم بذلك خاصة إذا لم يكن لبرنامج شراء الموجودات إلا آثار متواضعة على السوق.