الاقتصادية - مرّت الأسواق العالمية الأسبوع الماضي بأكثر الأسابيع تقلباً منذ بداية الانقباض الائتماني قبل أكثر من سنة، في الوقت الذي تجمدت فيه القروض بين المؤسسات المالية وأوحت البيانات الاقتصادية السيئة باحتمال الهبوط القاسي للولايات المتحدة وأوروبا.

هذا الأسبوع عانت أسواق الأسهم خسائر حادة، في حين أشارت العوائد المنخفضة بصورة حادة على السندات الحكومية أشارت إلى وجود التوقعات بإجراء تخفيض على أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي والأوروبي والبريطاني هذا الشهر.

يوم الجمعة، في الوقت الذي كان المستثمرون ينتظرون فيه قرار الكونجرس بالموافقة على القانون الذي سيسهل شراء الموجودات السامة من البنوك، احتل الاقتصاد مركز الصدارة على الساحة. خسرت سوق العمل في أيلول (سبتمبر) 159 ألف وظيفة، وهو أكبر معدل للهبوط منذ آذار (مارس) 2003.

قال ستيفن ستانلي، كبير الاقتصاديين لدى مؤسسة آر بي إس جرينتش كابيتال: "البيانات الاقتصادية تأخذ الآن فقط في أن تُظهِر بصورة واضحة وجود تسارع في تردي النشاط الاقتصادي. فمنذ منتصف أيلول (سبتمبر) نشهد تغيراً في النظام في الوضع الائتماني لكل جهة، وليس فقط المؤسسات المالية وإنما كذلك الأسر وخصوصاً الشركات من جميع الأحجام".

جاء الجمود في عمليات الإقراض بين البنوك وانهيار الثقة بين البنوك والمستثمرين، في الوقت الذي تم فيه إنقاذ عدد من المؤسسات هذا الأسبوع على يد الحكومات والأجهزة الرقابية في الولايات المتحدة، بريطانيا، أيرلندا، أيسلندا، وأوروبا. وقد ضخت البنوك المركزية كميات هائلة من السيولة في أسواق المال، ولكن هذا لم يكن من شأنه إلا تخفيض أسعار فائدة ليبور (للقروض بين البنوك في لندن) لليلة واحدة، التي كانت قد ارتفعت بصورة حادة يوم الثلاثاء حين انتهى الربع الثالث من العام.

في المقابل ارتفعت من جديد أسعار فائدة ليبور على قروض الاسترليني والدولار واليورو لأجل ثلاثة أشهر، وباعتبارها المؤشرات القياسية لأسعار الفائدة المعومة على القروض السكنية وقروض الشركات، فإنها تفرض قدراً أعلى من التكاليف على الاقتصاد الأرحب بصورة عامة.

بلغ الفرق بين سعر فائدة ليبور على قروض الدولار لأجل ثلاثة أشهر وبين العوائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل ثلاثة أشهر، بلغ مستويات قياسية في الوقت الذي أخذ فيه المستثمرون بالتوجه نحو الملاذ الآمن للسندات الأمريكية وابتعدوا عن الإقراض في أسواق المال. يوم أمس بلغ مؤشر تي إي دي 380 نقطة أساس.

حالات العسر الشديد في أسواق النقد والمشتقات الخاصة بأسعار الفائدة والائتمان لم تشهد تخفيفاً بانتهاء الربع الثالث من العام.

قال وليم أودونل، وهو محلل استراتيجي لدى بنك يو بي إس: "حين لا تعود أكبر سوق سائلة لدينا في أسواق الدين العالمية قادرة على العمل بصورة طبيعية فإن أحجام التداولات أخذت في الهبوط بصورة ملحوظة في الوقت الذي وضع فيه المتداولون سماعات الهاتف وأغلقوا الخطوط وبدأوا بالانسحاب ببطء من مكاتبهم".

كذلك تواجه صناديق التحوط موجة متصاعدة من عمليات استرداد الأموال وإغلاق الصفقات من قبل المستثمرين. تتوقع مجموعة هينيسي أن صندوق التحوط العادي سيسجل عائداً يراوح بين سالب 5 وسالب 9 في المائة لشهر أيلول (سبتمبر).

كان من شأن انهيار عمليات الإقراض بين البنوك أن علقت الشركات في فخ الجمود الائتماني، في الوقت الذي تهاوى فيه إصدار الأوراق التجارية الأمريكية إلى رقم قياسي متدن مقداره 94.9 مليار دولار خلال الأسبوع المنتهي يوم الأربعاء. وبالتالي فإن الأسواق تقلصت بمقدار 208 مليارات دولار خلال ثلاثة أسابيع.

على هذه الخلفية شهدت أسواق الأسهم والسندات تقلبات عنيفة بلغت عنان السماء. يوم الإثنين سجلت أسواق الأسهم الأمريكية رقماً قياسياً جديداً في عنف التقلبات، عند قياسه بمؤشر فيكس، بعد أن رفض الكونجرس خطة الإنقاذ الحكومية الأمريكية بقيمة 700 مليار دولار، وأشعل ذلك أكبر هبوط في مؤشر ستاندارد آند بورز 500 منذ انهيار البورصة في تشرين الأول (أكتوبر) 1987.

يوم الجمعة ظل مؤشر التخوف مرتفعاً في وول ستريت وعاد مؤشر ستاندارد آند بورز 500 إلى مساره بالنسبة لأسوء أسبوع له منذ ست سنوات مسجلاً خسارة مقدارها 5.9 في المائة.

في أسواق الأسهم البريطانية والأوروبية، هبط مؤشر فاينانشيال تايمز 100 في لندن بمقدار 2.1 في المائة على مدى الأسبوع، وهبط مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بمقدار 1.4 في المائة.

عانت آسيا موجة هبوط يوم الثلاثاء من آثار الهبوط الكبير في وول ستريت، واستمر الألم لمعظم الأسبوع. في اليابان هوى مؤشر نيكاي 225 بمقدار 8 في المائة، وخسر مؤشر هونج كونج 5.4 في المائة، وهبط مؤشر أستراليا بمقدار 4.3 في المائة.

كان التداول غاية في التقلب في أسواق الائتمان. سجلت العوائد على السندات النقدية أرقاماً قياسية جديدة، ولكن التداول والإصدارات الجديدة كانت محدودة تماماً. اتسمت المشتقات الائتمانية بتقلبات كبيرة في مبالغ التأمين على قروض وسندات الشركات المالية.

في آسيا تراجعت السندات والعملات والأسهم وتأثرت بصورة كبيرة بفعل الموجة العامة من العزوف عن المخاطر. هبط مؤشر سينسيكس في الهند بمقدار 4.4 في المائة هذا الأسبوع وأقفل عند رقم قياسي متدن جديد لهذا العام. وخلال الأسبوع هبط مؤشر بوفيسبا في البرازيل بمقدار 6.2 في المائة.

المكاسب الكبيرة في أسواق السندات الحكومية كان في طليعتها قطاع السندات الحكومية لأجل سنتين في الوقت الذي كان فيه المستثمرون يراهنون على قيام البنك المركزي بتخفيض أسعار الفائدة. أعطى البنك المركزي الأوروبي هذا الأسبوع، إشارة إلى أن جهود مكافحة التضخم طغت عليها الأزمات المصرفية في الولايات المتحدة وأوروبا. كذلك تجاوزت تقلبات سوق السندات هذا الأسبوع الرقم القياسي الذي سجلته في عام 1998.

هبط العائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل سنتين ليصل إلى 3.25 في المائة، بعد أن كان 3.66 في المائة على مدى الأسبوع. وهبط العائد على سندات الخزانة البريطانية بمقدار 27 نقطة أساس ليصل إلى 3.96 في المائة، في حين أن العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل سنتين هبط بمقدار 35 نقطة أساس ليصل إلى 1.76 في المائة.

تضرر اليورو ولكن استفاد الين والدولار بفعل موجة العزوف عن المخاطر والضعف العالمي في تداولات العملات الأجنبية هذا الأسبوع. هبط اليورو إلى أدنى مستوى له في مقابل الدولار خلال سنة وسجل أدنى مستوى له خلال سنتين أمام الين.

في أسواق السلع اندفع الذهب إلى رقم مرتفع هو 925 دولارا للأونصة يوم الإثنين، ولكنه لم يلبث أن هبط إلى رقم متدن هو 820 دولارا للأونصة يوم أمس. كذلك استمرت تداولات النفط في التقلب، وبعد أن كان سعر النفط يقارب 107 دولارات للبرميل في التداولات التي جرت في مطلع الأسبوع، سجل رقماً متدنياً يوم الجمعة بمقدار 91.30 دولار للبرميل.