الاقتصادية - اخذت مستويات الغش والتحايل تتزايد مع تعمق الأزمة التي تشهدها الأسواق العالمية، وفقاً لما ذكرته رئيسة إحدى الهيئات الوطنية لمكافحة الجريمة يوم أمس.
فقد قالت ساندرا كوين، الرئيسة التنفيذية المؤقتة للهيئة الوطنية الاستراتيجية لمكافحة الغش والتحايل التي (الهيئة) تبدأ عملها اليوم, إنها تريد أن تغير الثقافة التي يتعامل بها القطاعان العام والخاص مع الجرائم المالية.

وتعد الهيئة جزءاً من الجهود التي تبذلها الحكومة لمواجهة النقد الشديد الذي يقول إن الغش أصبح خارجاً عن زمام السيطرة وإن المصادر المخصصة للمكافحة أقل مما ينبغي أن تكون عليه, وإن المسيئين أو المخالفين لا ينالون إلا عقوبات خفيفة.

وقالت كوين، وهي محامية عملت لدى جهات حكومية ولدى الشركات، إن التقارير التي تلقتها من المجموعات العاملة في هذه الصناعة ومن المسؤولين عن تنفيذ القوانين وغيرهم, تظهر أن "عمليات الغش تشهد تزايداً في المملكة المتحدة"، وهناك احتمال في أن تتزايد أكثر فأكثر وسط حالة الفوضى والاضطراب التي تعم الصناعة المصرفية وغيرها.

وقالت كوين:" إن الاستنتاج الكلاسيكي هو أن تراجع أحوال السوق يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الغش, كما أن تراجع أحوال السوق يكشف عن وجود مزيد من حالات الغش والتحايل".

وأضافت كوين قائلة إن إحدى النواحي التي ينبغي أن تركز عليها الهيئة منذ البداية هي عمليات الغش على صعيد قروض الرهن التي تقول الشرطة إنها تجني ما لا يقل عن 700 مليون جنيه استرليني سنوياً وربما كان لها ارتباطات بتمويل الجريمة المنظمة، وربما "الملاذات الآمنة" للإرهابيين. وتخطط الهيئة أيضاً للنظر في حوادث السيارات المفتعلة، وضروب الاحتيال الخاصة بغرف حياكة المؤامرات التي تبيع للمستثمرين أسهماً مزورة أو شبه عديمة القيمة.

وقالت إن الهيئة ستجري مشاورات واسعة مع القطاعين العام والخاص بشأن وضع خطة استراتيجية يتم رفعها إلى الوزراء حول معالجة ومنع الغش الذي تشير التقديرات إلى أنه يكلف الاقتصاد ما لا يقل عن 14 مليار جنيه استرليني سنوياً. وستركز الهيئة على "أسباب الغش وليس على أعراضه" في محاولة منها لحل المشكلات الكبيرة التي برز فيها كثير من الجرائم المختلفة، مثل عمليات تسريب البيانات السرية وأنشطة الأشخاص الفاسدين المطلعين على بواطن الأمور.

وتعد الهيئة جزءاً من استثمار حكومي قيمته 29 مليون جنيه استرليني في معالجة الغش والتحايل بعد أن وجهت اتهامات منذ عهد طويل تقول إن فشلها على صعيد القوانين والمؤسسات يعني أن سجلها ضعيف وغير فاعل مقارنة بالولايات المتحدة.

يشار إلى أن كوين معارة من سلطة الخدمات المالية التي عملت فيها لمدة عشر سنوات كانت في جزء منها مديرة للعمليات في قسم تشريعات سوق التجزئة.

وقالت إن من الأولويات التي ستعمل عليها محاولة إفهام الناس أن الجميع يعانون أعمال الغش والتحايل بسبب الأضرار الكبيرة التي يسببها في مجالات تراوح بين ثقة الناس والتضخم في مطالبات التأمين.

وقالت في هذا الصدد:" إن تكاليف الغش والتحايل تلحق بنا جميعاً سواء أكنا عملاء، أو مكلفين، وسواء أكنا ضحايا مباشرة أم لم نكن".

ونفت ما تردد من أن الهيئة ستكون طبقة أخرى من طبقات البيروقراطية أو أنها ستسهم في "برج بابل" الغش والتحايل الذي تتنافس فيه مع الجهات المنوط بها مسؤولية تطبيق القانون.

ذلك أن هناك تداخلاً بين مصالح الشرطة ومصالح مكتب مكافحة عمليات التحايل الخطرة في مجالات تراوح بين الفساد في الشركات وضروب التحايل في غرف حياكة المؤامرات.

واعترفت كوين بأن السوق مزدحمة جداً، لكنها أصرت على أن مهمة هيئتها تتمثل في الضبط في ألا يكون هناك "برج بابل" بالمرة".